«إيلاف» من بيروت: بعد تفجير عبوة ناسفة في صيدا والخوف من عودة التفجيرات الى لبنان، كيف يؤثر هذا المناخ المتشنج اليوم في اقتصاد لبنان ونموه؟

يشير الخبير الإقتصادي الدكتور إيلي يشوعي في حديثه لـ"إيلاف" إلى أن لبنان لا يزال يعيش في ظل التخوف من شبح "الإرهاب"، وانتصارات الجيش الأخيرة في جرود عرسال وغيرها، كان من شأنها أن تريح الناس، لكن الخوف لا يزال قائمًا من ردات فعل من قبل خلايا نائمة لفترة، والتي قد تعود مجددًا لممارسة عمليات "إرهابية".

ويؤكد يشوعي أن شبح "الإرهاب" لا يزال ماثلاً أمام أعين ومخيلة اللبنانيين عمومًا، والعبوة التي حصلت في صيدا لا تؤثر مباشرة إقتصاديًا على لبنان، لكن بما أنه يمكن ان تخفي وراءها وتجعل الناس يعتقدون أن هناك إرهابًا يطل برأسه من جديد على لبنان، فهذا ما يؤثر إقتصاديًا على لبنان، ومن خسائرها المباشرة الناتجة عنها الحركة الإقتصادية، حيث ستخف والاستهلاك أيضًا، والنشاط الإقتصادي عمومًا.

الاستثمارات والسياحة

وردًا على سؤال من الإستثمارات الى السياحة، كيف تتأثر القطاعات الإقتصادية بعد زعزعة الأمن في لبنان؟ يشير يشوعي إلى أن الاستثمارات والسياحة في لبنان متأثرة بالأصل بالسياسات الإقتصادية المتبعة، ومتأثرة بالسياسات الضريبية اللبنانية، وكذلك بالعجز المالي المتراكم في لبنان، وخصوصًا من كلفة الإقتراض وسياسة البنك المركزي، وكلها تؤثر بالاقتصاد اللبناني.

وكذلك هناك المسألة الأمنية ولها حصة كبيرة وتشكل عاملاً سلبيًا يؤثر على السياحة والإستثمار في لبنان، وعلى النمو الاقتصادي بشكل عام.

النأي بالنفس

ولدى سؤاله كيف يمكن أن ننأى باقتصاد لبنان عن أمنه وسياسته المتبعة في الاقتصاد؟

يجيب يشوعي أن النأي بالنفس يبقى أمرًا مهمًا، ويحتاج إلى مجتمع ومكونات مجتمع ومكونات سياسية مجتمعية في لبنان تتشارك كلها الأهداف ذاتها، والقيم عينها، وبناء الدول يكون في التشارك والمشاركة في تحديد الأهداف عينها واعتماد القيم ذاتها، وهذا غير موجود في لبنان، حيث لبنان يبقى مكونات مجتمعية وليس مجتمعًا واحدًا، هو متعدد الانتماءات والاهداف والمبادىء وليست لديه وحدة أهداف، ولا يمكن أن نطلب من هكذا مجتمع مفكك على صعيد القيم والأهداف أن يبني دولة فعليًا، ولكن يبقى التركيز على الموضوع المالي الإقتصادي، لأنه يوحد اللبنانيين أكثر من السياسة التي لا يتفقون عليها.

فالموضوع السياسي تبرز فيه كل التباينات، أما في الموضوع الإقتصادي فهو الأفضل كي ينأى اللبنانيون من خلاله بأنفسهم، وباقتصادهم عن السياسة من خلال التركيز على الأمور المعيشية والإقتصادية، التي تسعى الى توحيد الجميع حولها.

والنأي بالنفس يكون من خلال الابتعاد عن التباينات السياسية في لبنان، التي تظهر الحواجز في ما بين اللبنانيين، والتركيز أكثر على المواضيع الإقتصادية التي توحد كل اللبنانيين، فتأمين رغيف الخبز وفرص العمل والربح في الشركات كلها أمور توحد الجميع نحو أهداف محددة.

تباينات واقتصاد

لذلك، يضيف يشوعي، في بلد لديه حساسيات وتباينات على صعيد مكوناته السياسية نتيجة للمذاهب والطوائف، نعتبر أنه في مجتمع من هذا النوع دائمًا إعطاء الأولوية للمسائل الإقتصادية يوحد لبنان أكثر من التركيز على المواضيع السياسية التي تباعد بين اللبنانيين.