لكل ثورة لوحتها. وللثورة الفرنسية لوحة "موت مارات" لجاك لويس ديفيد، التي صارت لهذه الثورة أيقونة فخلّدتها، حتى أعجب بها نابوليون بعد انهيار الثورة.

إيلاف من دبي: تحتاج الثورات العظيمة توقيعًا خاصًا بها، صورة أو منحوتة طوطمية تنبض بالحياة، وتثير الحماسة في قلوب الأتباع والمريدين، وتصنع الأبطال القادة... و"الشهداء".

في زمن الثورة الفرنسية في عام 1789، كان الفنان جاك-لويس ديفيد رجل المرحلة على المستوى الفني، وصارت لوحته الاستثنائية "موت مارات" أكثر الرموز لعصر الثورة المضطربة في البلاد. كانت بوصلة ديفيد السياسية مرنة، أو حتى براغماتية، اتسمت باقتداره في السياسة، وبدبلوماسيته التي ما أفقدته مكانته الرائدة في فرنسا خلال الثورة.

انفراد بالمشهد الثوري
ديفيد مولود لأسرة غنية في باريس في عام 1748. قتل والده في مبارزة، وهو في السابعة من عمره، فنقل إلى رعاية عمّه. كان متعلمًا تعليمًا عاليًا، لكنه كان يفضّل أن يرسم بدلًا من ممارسة مهنة الهندسة المعمارية كما تمنت عائلته. أصيب بورم شديد في وجهه، ربما كان السبب في انطوائيته واختياره الفن الطبيعي الانفرادي.

تنفرد صورة "موت مارات" لديفيد بالمشهد الثوري الفرنسي، لا سيما في تعامله مع "مارات" بصفتها جثة رخامية. مارات في الحمّام لأنه عانى اضطرابًا حادًا في الجلد شديد الحكاك، تسبب بطفح جلدي وآفات، ما دفع الكثيرين إلى مقارنة طبيعته الضئيلة غير جذابة بالعلجوم. الطريقة الوحيدة لتخفيف أعراض مارات كانت غمره بالمراهم المختلفة، واعتماره عمامة مبللة بالخل يلفها حول رأسه. نتيجة لذلك، عندما جاءت قاتلته شارلوت كورداي، استقبلها في حمّامه، على الرغم من احتجاج زوجته.

قتلته بسكين
كانت كورداي قد وعدته بقائمة من أعداء الثورة السريين كانت مستعدة لخيانتهم. جلست إلى جانبه، وبدأت في قراءة الأسماء، ثم وقفت فجأة، وأدخلت سكينًا في صدر مارات.

في لوحة ديفيد، أزيل السكين، ووضع على الأرض. وكل ما تبقى من قاتلته هو القائمة التي يحملها مارات القتيل في يده.

احتفل الثوار بلوحة ديفيد احتفالًا كبيرًا، إلى درجة أنه اضطر إلى أن يخفيها عندما انهارت الثورة، واعتلى نابليون السلطة. ولعقود عدة بعد ذلك، لم تعرض علنًا، تجنبًا لإثارة غضب الجمهور الفرنسي.

لحسن الحظ، حظيت هذه اللوحة باهتمام نابليون وإعجابه. وقام ديفيد برسم صور لا تنسى للإمبراطور الفرنسي، بما في ذلك صورة تتويجه في عام 1804، ومروره عبر جبال الألب.


أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "تلغراف". الأصل منشور على الرابط:
http://www.telegraph.co.uk/art/what-to-see/charles-saatchis-great-masterpieces-assassination-symbolised/