واشنطن: حذر الفلسطينيون الاربعاء من ان اعلان الولايات المتحدة تجميد عشرات ملايين الدولارات المخصصة لوكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا)، سيؤثر سلبا على مصير مئات الالاف من اللاجئين الذين يعتمدون على المساعدات الدولية.

كما حذرت اونروا من ان القرار الاميركي سيؤدي الى اسوأ ازمة تمويل للوكالة منذ تأسيسها. وتقدم الوكالة مساعدات للاجئين الفلسطينيين والمتحدرين منهم في انحاء الشرق الاوسط، مع خدمات تتضمن التعليم والرعاية الطبية.

وطالما اتهم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الوكالة بمعاداة اسرائيل داعيا الى اغلاقها. وهناك خمسة ملايين فلسطيني من المؤهلين للحصول على خدمات اونروا.

وقررت الولايات المتحدة الثلاثاء "تجميد" نصف الاموال المخصصة لاونروا في رسالة تحد جديدة للامم المتحدة وضربة قوية للفلسطينيين.

وأعلنت وزارة الخارجية انه من أصل 125 مليون دولار من المساهمات الطوعية لهذه الوكالة للعام 2018، أكدت واشنطن دفع "شريحة أولى" بقيمة 60 مليون دولار خصوصا لدفع الرواتب في المدارس والمرافق الصحية في الاردن والضفة الغربية وقطاع غزة.

وتابع مسؤول في الوزارة انه "من دون هذا المال... فان عمليات اونروا كانت مهددة". والولايات المتحدة هي اكبر داعم للوكالة.

وقال المتحدث باسم الوكالة كريس غونيس لوكالة فرانس برس "الولايات المتحدة اعلنت انها ستساهم بمبلغ 60 مليون دولار لميزانية البرنامج. حتى هذه اللحظة، لا يوجد اي مؤشرات اخرى على تمويل محتمل".

وأشار غونيس الى ان "هذا التخفيض الكبير في المساهمة سيؤدي الى اسوأ ازمة تمويل في تاريخ الوكالة".

ورقة مساومة

وأعرب مسؤولون فلسطينيون عن غضبهم على ما وصفوه بخطوة اضافية ضدهم من ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترمب بعد اعلانه الشهر الماضي اعترافه بالقدس عاصمة لاسرائيل.

وقالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي ان قرار التجميد يرقى الى معاملة "قاسية" بحق "سكان ابرياء وضعفاء".

بينما أكد رئيس المفوضية العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن حسام زملط ان "اللاجئين الفلسطينيين ووصول الاطفال لخدمات انسانية اساسية مثل الطعام والرعاية الطبية والتعليم ليس ورقة مساومة بل التزام اميركي ودولي".

واتهم الفلسطينيون ترمب ايضا بالتخلي عن قضايا الحل النهائي التي يجب التفاوض عليها في اطار الحل النهائي للصراع الفلسطيني-الاسرائيلي، بما في ذلك وضع القدس ومعاناة اللاجئين.

وتظاهر قرابة 500 فلسطيني في قطاع غزة ضد القرار الاميركي.

اما حركة حماس فاكدت في بيان ان القرار الاميركي "سياسة أمريكية مرفوضة تأتي في سياق مخطط تصفية القضية الفلسطينية وعلى رأسها قضية اللاجئين وتثبيت المواقف والقرارات لصالح الكيان الإسرائيلي العنصري المتطرف".

وأكد مسؤولون في الخارجية الاميركية ان واشنطن "ستجمد" ال65 مليون دولار المتبقية حتى اشعار آخر، "لقد تم تجميد المبلغ وليس الغاؤه".

وتطالب الولايات المتحدة التي تواصل انتقاد الامم المتحدة منذ تولي الرئيس الاميركي دونالد ترمب الحكم قبل عام ب"مراجعة في العمق لطريقة عمل الاونروا وتمويلها". كما تطالب بمساهمة أكبر من الدول الاخرى لانها لا تريد ان تستمر في تحمل 30% من تمويل هذه الوكالة.

اما المفوض العام للاونروا بيار كرينبول فاعرب عن قلقه داعيا الدول الاخرى في الامم المتحدة الى المساهمة مشيرا الى ان المبلغ ادنى بكثير من مبلغ 350 مليون دولار التي دفعتها الولايات المتحدة في العام 2017.

وقال كرينبول في بيان ان "تمويل الاونروا او اي وكالة انسانية اخرى يعود الى تقدير كل دولة عضو في الامم المتحدة (...) لكن نظرا الى علاقة الثقة القديمة بين الولايات المتحدة والاونروا فان هذه المساهمة المخفضة تهدد احد التزاماتنا على صعيد التنمية".

"إطالة"

يندرج قرار واشنطن في اطار صراع القوة بين ادارة ترمب والامم المتحدة التي تتهمها الويات المتحدة بالاسراف في الانفاق وبسوء ادارة الاموال وذلك على خلفية سياسة "اميركا اولا" التي ينتهجها ترمب.

واعرب الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش قبل اعلان القرار الاميركي حول الاونروا الثلاثاء عن "قلقه الشديد" مشيرا إلى أنّ توقف الولايات المتحدة عن التمويل سيؤدي الى "مشكلة كبيرة جدا".

وشدد غوتيريش على ان "الاونروا ليست مؤسسة فلسطينية بل مؤسسة تابعة للامم المتحدة تؤمن خدمات حيوية للاجئين".

ويأتي القرار الاميركي في وقت يشعر فيه الفلسطينيون بان واشنطن تتخلى عنهم. فبعد ان اعترف ترمب في ديسمبر الماضي بالقدس عاصمة لاسرائيل ما اثار استنكار الاسرة الدولية والفلسطينيين، هدد في مطلع كانون الثاني/يناير الحالي بوقف المساعدة المالية الى هؤلاء اذا رفضوا التباحث مع واشنطن في حل سلمي للنزاع مع اسرائيل.

ورحب سفير اسرائيل لدى الامم المتحدة داني دانون بالقرار الاميركي معتبرا ان الاونروا "تسيء استخدام المساعدات الانسانية التي تقدمها الاسرة الدولية لدعم الدعاية المعادية لاسرائيل" متهما اياها ب "التحض على الكراهية".

اما نتانياهو، الذي يزور الهند حاليا، فقال "هذه المرة الاولى التي يتم فيها تحدي الاونروا" بحسب ما نقلت عنه وسائل الاعلام الاسرائيلية. واضاف "منذ 70 عاما، تقوم هذه المنظمة باطالة وضع اللاجئين الفلسطينيين ورواية الغاء الصهيونية. وهي المرة الاولى التي يتم فيها تحدي كل هذا".

ويحذر المحللون من ان اغلاق الاونروا دون بديل ملائم سيؤدي الى مزيد من الفقر وحتى اعمال عنف. وقال نتانياهو "هناك دائما قدر معين من المخاطر" فيما يتعلق بمثل هذه القرار.

وتزود الاونروا اللاجئين الفلسطينيين بمساعدات طبية ومدرسية منذ عام 1950. وعملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين متوقفة بينما يشعر الفلسطينيون بالاحباط من الاحتلال الاسرائيلي والبناء الاستيطاني في الضفة الغربية.