بهية مارديني: أعلنت واشنطن الاستراتيجية الأميركية الجديدة في سوريا والتي تلخصت باستمرار التواجد الأمريكي شرقي سوريا، وهو غير محدد زمنيا، لمواجهة النفوذ الايراني ومنع طهران من إقامة ممرها البري الذي يربط بين ايران ولبنان، ومنع عودة التنظيمات المتطرفة، والوصول إلى تسوية سياسية للأزمة السورية تنهي حكم بشار الأسد.

هذه الاستراتيجية أوضحتها واشنطن عبر كلمة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في معهد هوفر التابع لجامعة ستانفورد الأميركية يوم 17 يناير الجاري.

وبرغم ما يراه محللون أن هذه الاستراتيجية تمثل قطيعة مع سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للتعامل مع الملف السوري، والتي طغى عليها التناقض والغموض، الا أن سياسيين سوريين اعتبروا أنها "لم تحمل بين طياتها أي جديد أو طارىء".

يقول منذر آقبيق الناطق الرسمي لـ"تيار الغد السوري" لـ"إيلاف" إن الاستراتيجية الأميركية" ليست جديدة في رأيي".

يضيف: "تبدو التفاهمات الروسية الأميركية واضحة من تصريحات تيلرسون".

وأشار الى أن وزير الخارجية الأميركي "ركز على الدستور والانتخابات، وهذا كلام المسؤولين في روسيا أيضا، اضافة الى انه قال عن رحيل الأسد أنه "في نهاية المطاف"، أي أن رحيله سيكون من خلال عملية سياسية"".

يبلغ الوجود العسكري الأميركي في شمال وشرق سوريا بحسب تقارير متطابقة، ألفي جندي حاليا، وهو وجود يعود إلى حقبة الرئيس السابق باراك أوباما.

عملت هذه القوات على تقديم المساعدة لشركاء قوات التحالف الدولي في سوريا، وهي قوات سوريا الديمقراطية، في إطار محاربة تنظيم "داعش".

ومع تراجع المعارك ضد التنظيم بعد طرده من الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا تغيرت مهام القوات الاميركية واختلفت أسباب تواجدها ونوعية هذا التواجد والهدف البعيد المرجو منه.

وأكدت عدة تقارير أن الولايات المتحدة الأمريكية تخطط لاقامة قاعدتين عسكريتين في سوريا، واحدة في مطار الطبقة العسكري بالقرب من سد الفرات والقاعدة الثانية في منطقة التنف على المعبر الحدودي بين العراق وسوريا وهو ما يعتبره محللون ناتجا أيضا عن تفاهمات روسية أمريكية توجت العام الماضي ببيان سريع بين الرئيسين الأميركي والروسي.

وبحسب ذات الاستراتيجية والتصريحات الأميركية فإنّ الوجود الأميركي في سوريا لن يقتصر على الجانب العسكري بل سيكون هناك وجود دبلوماسي وسياسي لمساعدة أبناء المناطق التي تم طرد "داعش" منها، وتوفير الخدمات الاساسية فيها بالتعاون مع الدول الأعضاء في التحالف الدولي الذي يقود العمل العسكري ضد "داعش"، وهو ما أكده وزير الدفاع الاميركي أيضا، اضافة الى ما قيل عن قوة أمنية يجري تشكيلها وتدريبها من قبل واشنطن وقوامها ٣٠ الف عنصر.

يرى سياسيون أن الأمور أعقد مما تبدو في العلاقات الروسبة الأميركية حول سوريا، ومازالت الأسئلة مفتوحة وشائكة، فالادارة الاميركية ما زالت تجد صعوبة فائقة في مسعى إضعاف النفوذ الإيراني في سوريا وفي خطة التمسك بجنيف كبديل وحيد للتسوية ونزع مباركتها لمؤتمر سوتشي كما أنه من دون تفاهم أميركي نهائي مع موسكو لن يكون هناك حل حاسم في سوريا يعيد الاستقرار إلى هذا البلد.

احتمال قبول موسكو بالعودة الأميركية العسكرية الى الملف السوري من أوسع الأبواب، وقرار إشراكها فعليا وسياسياً وعمليا في التسوية السياسية مقابل تخليها عن موقفها من أن جنيف هو المسار الوحيد لحل الصراع السوري، مرهون أيضا بسؤال ستجيب عنه الفترة القادمة، فهل تضحّي واشنطن بجنيف مقابل إشراك حليفها المحلي الكردي في طاولة الحوار الوطني السوري في سوتشي؟