بنغازي: شهدت بنغازي، ثاني مدن ليبيا، تفجيرين داميين أوقعا 34 قتيلا ما يدل على استمرار عدم الاستقرار في هذه المنطقة الخاضعة لسلطة المشير خليفة حفتر الرجل القوي في شرق البلاد.

لم تعلن اي جهة مسؤوليتها عن الاعتداء الذي نفذ بسيارتين مفخختين بعد صلاة العشاء الثلاثاء في وسط بنغازي ثاني مدن ليبيا الغارقة في فوضى وتنافس سياسي منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 اثر انتفاضة شعبية ومقتله.

بحسب المحلل الليبي محمد الجارح الاربعاء فان الطريقة المستخدمة في الهجمات التي تعتبر الاكثر دموية منذ سنوات في ليبيا، تهدف بوضوح الى إيقاع أكبر عدد ممكن من القتلى.

ومساء الثلاثاء وفيما كان المصلون يخرجون من مسجد في حي السليماني انفجرت سيارة مفخخة. وبعد نصف ساعة انفجرت سيارة اخرى فيما تجمع مدنيون وعناصر من القوات الامنية لمساعدة ضحايا الهجوم الاول بحسب ما افاد مصدر امني.

والحصيلة الاخيرة التي جمعت استنادا الى معلومات ابرز مستشفيين في المدنيين هي 34 قتيلا و87 جريحا في التفجيرين. ويمكن ان ترتفع الحصيلة بشكل اضافي لان العديد من الجرحى في حالة حرجة وقد يكون ضحايا آخرون ادخلوا الى مستشفيات خاصة.

ونددت حكومة الوفاق الوطني التي يوجد مقرها في طرابلس والمدعومة من المجموعة الدولية، وبعثة الامم المتحدة في ليبيا بالاعتداء. 

"خلايا نائمة"

وقال الناطق باسم القوات الخاصة في بنغازي العقيد ميلود الزوي ان أحمد الفيتوري آمر سرية القبض والتحري الخاصة التابعة للقيادة العامة لقوات حفتر قتل في الاعتداء. والمسجد الذي وقع الاعتداء قربه معروف بانه معقل للجماعات السلفية التي قاتلت الجهاديين في بنغازي الى جانب قوات الرجل القوي في شرق ليبيا، الفريق خليفة حفتر.

ولا يعترف حفتر وحكومته المنبثقة من برلمان منتخب في 2014 مقره في طبرق شرق البلاد، بشرعية حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، والتي تشكلت بموجب اتفاق الصخيرات في المغرب بإشراف الامم المتحدة في ديسمبر 2015.

ويأتي هذا الاعتداء فيما اعلن المشير حفتر في صيف 2017 سيطرته الكاملة على بنغازي الواقعة على بعد الف كلم شرق طرابلس، واخلائها من الجماعات الجهادية بعد اكثر من ثلاث سنوات على المعارك الدامية.

لكن قواته تتهم "خلايا جهادية نائمة" تستهدف بصورة متكررة قادة واعضاء "الجيش الوطني الليبي" الذي اعلنه المشير حفتر.

ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، تسود الفوضى ليبيا وتتنازع السلطة فيها حكومتان: حكومة الوفاق المدعومة من المجتمع الدولي والتي مقرها في طرابلس، وحكومة موازية في شرق البلاد يدعمها المشير حفتر.

"جريمة بشعة"

 دانت حكومة الوفاق الوطني "باشد العبارات الجريمة البشعة والعمل الارهابي الغادر الجبان" الذي استهدف بسيارتين مفخختين محيط المسجد. وأكد المجلس في بيان اصدره الاربعاء "ان هذه الاعمال الاجرامية تتنافى وتتناقض مع تعاليم الدين الاسلامي الحنيف وتتعارض مع المبادئ والقيم الانسانية".

ودعا "جميع الليبيين إلى الوقوف صفا واحدا في مواجهة قوى الشر".

 من جهتها ادانت بعثة الامم المتحدة على حسابها على تويتر "التفجيرات المروعة" معتبرة "إن الاعتداءات المباشرة أو العشوائية ضد المدنيين محرمة بموجب القانون الإنساني الدولي وتعد بمثابة جرائم حرب".

ويسعى الموفد الاممي الخاص لليبيا غسان سلامة إلى اجراء انتخابات في 2018 تنفيذا لخطة العمل التي عرضها في سبتمبر في نيويورك، لكن محللين يشككون في ان تجري الانتخابات.

وتعهد السراج وحفتر بالمضي في عملية من اجل الخروج من الازمة في 25 يوليو 2017 في فرنسا تحت اشراف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، تفضي بشكل خاص الى انتخابات في العام 2018.

لكن التقارب بين الطرفين بقي صعبا منذ ذلك الحين وخصوصا بسبب الشكوك حول نوايا المشير حفتر. ولم تلق حكومة الوفاق الاجماع منذ اتخاذها طرابلس مقرا في مارس 2016، وما زالت عاجزة عن فرض سلطتها على انحاء واسعة في البلاد خاضعة لعشرات الفصائل المسلحة.

كما ان خصومها طعنوا في شرعيتها على اساس انها تولت مهامها بدون الحصول على ثقة برلمان طبرق، وهو ما ينص عليه اتفاق الصخيرات.