يتبجح أحد مواقع التعارف الاجتماعي الألمانية بأنه الوسيط في علاقة حب تقع كل 11 دقيقة في ألمانيا. لكن مركز حماية المستهلك الألماني يحذر من أن 187 موقعًا للتعارف تستخدم عشاقًا مزيفين من عملائه للعب بمشاعر الناس واستدراجهم.

إيلاف من برلين: جاء في تقرير مركز حماية المستهلك الألماني أن العضو في هذه المواقع غالبًا ما يدردش مع شخصية (بروفايل) كاذبة تستخدمها إدارات هذه المواقع للإيقاع بالراغبين في التعارف وإقامة علاقات حب أو زواج. وهم "عملاء سريون" لهذه المواقع يطرحون مواصفات وهمية "فايك Fake"، ولا تؤدي في أية حال من الأحوال إلى نشوء علاقة.

إيضاح خجول
توضح زوزانه باومر، رئيسة موقع الرقابة الرقمية في مركز حماية المستهلك في ميونخ، أن العشاق المزيفين يقيمون اتصالات ويمنحون وعودًا فقط، لكن علاقتهم على الانترنت تنتهي حال الوصول إلى محاولة اتفاق على موعد للقاء. واعتبرت باومر هذا السلوك نوعًا من التلاعب بمشاعر الناس، إلا أنه لا يقع تحت طائلة القانون.

السبب هو أن بعض هذه المواقع تكتب في شروط العضوية أنها تستخدم "عملاء" بحسابات كاذبة في بورصة العلاقات، إلا أنها تكتب ذلك بحروف صغيرة ضمن قائمة شروط تتسع لأربع صفحات، وفي أماكن يصعب الوصول إليها، ولا يهتم معظم الراغبين في العضوية داخل الموقع بقراءة كل هذه الشروط.

أخضع فريق العمل من مركز حماية المستهلك 316 موقعًا للتعارف من أكبر وأنشط هذه المواقع على الانترنت في ألمانيا، وتوصل إلى أن 187 منها (نحو 60 %) تستخدم العشاق الوهميين في تعاملاتها، ولا يسجل ذلك في شروط التعاقد سوى 41 منها، أي نسبة 22 % فقط.

أسباب مادية
عادة ما يقع الباحث في موقع التعارف على حساب لإمرأة جذابة، أو رجل وسيم، وصاحب مهنة مربحة وأخلاق حميدة، لكن لا أحد يضمن للباحث أن الشخص الذي يتصل به هو امرأة أو رجل. 

فمهمة العميل السرّي، الذي يفضّل أصحاب المواقع تسميته بـ"وسيط" أو"مراقب" أو"مستخدم افتراضي"، هو تشجيع الباحث عن الحب على تجديد العضوية في الموقع، ومواصلة البحث عن "بروفايلات" جذابة أخرى. وفي النهاية يدور الأمر حول المزيد من الاشتراكات، والمزيد من الأرباح، على حساب عواطف الناس.

هذا لا يعني بالطبع أن الموقع يخلو من الباحثين عن علاقات حقيقية مع مرشحين صادقين على الانترنت، لكن الوقوع ضحية "العاشق المزيف" يكلف الزبون الكثير من الوقت والأعصاب والجهد والمال.

وتؤكد باومر أنهم اكتشفوا بالفعل أن بعض "الوسطاء" يعرضون أنفسهم في الموقع من خلال حساب نسائي، كما إن العكس صحيح. والمزعج في الأمر أن بعضهم يعرض نفسه بأكثر من بروفايل جذاب، وبأكثر من صورة، بتوجيهات من إدارة الموقع. ومن جديد فإن السبب هنا هو الاقتصاد بعدد "العشاق المزيفين"، وتحقيق المزيد من المال.

يكمن الهدف من بعض هذه المواقع، التي تستخدم العلاقات الكاذبة، ليس التوسط في العلاقات بين الجنسين، وإنما تحقيق الأرباح، بحسب تقدير زوزانه باومر.

تزوير الهوية الجنسية
تكشف إحصائية معهد "ستاتيستكا" الألماني أن عدد المشاركين في مواقع التعارف الاجتماعي يرتفع إلى 180 مليون إنسان (ينتمي البعض إلى أكثر من موقع) في محيط البلدان الناطقة بالألمانية، وبينهم 8.4 ملايين من"الناشطين" في هذا المجال.

ويعرف الباحثون عن شركاء عاطفيين على الانترنت أن أرباح هذه المواقع تزيد على 220 مليون يورو في السنة، لكنهم يجهلون بأن هذه المواقع تستخدم رجالاً يقدمون أنفسهم كنساء، وبالعكس، بهدف استدراج المزيد من المشاركين وتشجيعهم على البقاء، وبالتالي مضاعفة أرباحهم.

يقدر مركز حماية المستهلك حجم الأرباح التي تحققها هذه المواقع من "العشاق الوهميين" بأكثر من 80 مليون يورو في السنة. 

ويتعلق الباحث عن الحب بحساب الجنس الآخر لفترة من الوقت، ويحاول الوصول إلى موعد "دايت"، لكنه يفشل على طول الخط. ولا يعرف المستهلك بأن الشخصية المقابلة مزيفة، أو منيعة على التواصل، إلا بعد أن يكون قد استهلك مئات عدة من اليوروهات.

اعترف عميل للمواقع يقدم نفسه كامرأة وهمية النساء، ويستخدم الاسم "فاير00" في نشاطه على مواقع التعارف، أنه رجل استخدم من قبل أحد المواقع لتقديم نفسه كامرأة جذابة إلى الرجال. وتحدث الرجل لمجلة "دير شبيغل" عن العديد من الرجال المساكين الذين وقعوا في حبه على الانترنت، وقال إنه يعتذر عمّا ألحقه من ضرر بقلوب هؤلاء الرجال.

الغالبية تكذب
عندما استطلع موقع "كاسبرسكاي"، لأمن المعلومات، آراء 21 ألفًا من زبائنه (في 32 دولة) عن طريقة البحث عن العلاقات في مواقع التعارف على الانترنت، توصل إلى نتائج واضحة.

اعترفت نسبة 57% منهم أنهم يكذبون في طرح الأسماء والسن والمهنة والسكن والحالة الاجتماعية، مع نسبة 9% تضع صورة مزيفة أيضًا. لا تذكر سوى نسبة 25% أسماءها الحقيقية، ولا تذكر سوى نسبة 10% عناوينها الحقيقية في موقع التعارف.

يبحث 11% فقط عن شريك أو زوج بشكل جدي، مقارنة بنسبة 13% تبحث عن الجنس فقط، و48% تبحث عن التسلية دونما اهتمام بمشاعر الشخص المقابل. الأهم، أن 9% من الباحثين عن العلاقة على الانترنت لايعرفون أنهم يتحدثون مع "سوفت وير" مبرمج للإجابة عن استفساراتهم.