إيلاف من نيويورك: قلبت المذكرة الصادرة عن لجنة الإستخبارات في مجلس النواب التحقيقات القائمة المتعلقة بالتدخل الروسي في الانتخابات بالولايات المتحدة الأميركية رأسا على عقب إثر الإتهامات التي وُجهت إلى وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفدرالي.

 مذكرة ديفين نونيز رئيس لجنة الإستخبارات أعطت جرعة معنوية هائلة للرئيس دونالد ترمب وفريقه الذي كان يرزح تحت ضغوطات المحقق الخاص روبرت مولر الذي كان يتقدم بثبات نحو داخل البيت الأبيض طيلة الأشهر الماضية، كما ستمهد الطريق أمام إدارة الرئيس لشن هجوم مضاد على فريق التحقيق بعد أشهر من تلقي الضربات.

مذكرة مضادة

الديمقراطيون الذين فشلوا في منع نشر المذكرة، يحضرون لإصدار مذكرة خاصة بهم في الأيام القادمة في محاولة لكسر هجوم الجمهوريين العنيف، ولكن التوقعات تشير إلى ان مذكرتهم (مكونة عشر صفحات) ستتناول أمور قانونية دون تضمين معلومات او أسماء كتلك الواردة اليوم.

أسئلة مشروعة

وبنى نونيز وفريقه المذكرة على عدة نقاط قوية أبرزها ملف الجاسوس كريستوفر ستيل (تلقى تمويلا من حملة كلينتون) الذي اعتمد مكتب التحقيقات الفدرالي على معلوماته بشكل كبير للشروع في التنصت على كارتر بايج احد مستشاري ترمب خلال الحملة الانتخابية، كما ان النقطة الأبرز التي قد تفتح ابوابا جديدة تتمثل في تاريخ التنصت على بايج، فالأخير فقد دوره ومركزه في الحملة منذ منتصف صيف 2016 فيما بدأت مراقبته بحسب الأف بي آي في تشرين أول 2016، والسؤال الذي يُطرح ماذا استفاد المكتب من التجسس على رجل انقطعت علاقته بالحملة، وهل بدأ التجسس عليه قبل الحصول على اذن قانوني؟، وهل هناك شخصيات أخرى جرى التنصت عليها بدون إذن؟

دور وزارة العدل

وطال قصف نونيز وزارة العدل، فرود روزنستاين نائب الوزير جيف سيشنز اصبح اليوم في موقع لا يُحسد عليه بظل فقدانه لثقة الرئيس الأميركي ولم يعد يقف على ارض صلبة كما كان الحال في العام الماضي، والصدمة الأكبر تمثلت في دور أحد المساعدين بروس أوهر الذي قالت بعض التحقيقات انه يعرف العميل كريستوفر ستيل شخصيا، كما ان زوجته نيلي اوهر عملت في شركة فيوجن التي أوكلت الى ستيل مهمة جمع ملف ترمب، وحاولت من جهتها دفع الملف الذي حضره الجاسوس إلى مكتب التحقيقات الفدرالي.

مستقبل التحقيق

هل وضعت هذه المذكرة نهاية مأساوية لتحقيقات مولر؟، دور المحقق الخاص في التواطؤ الروسي لم ينته بعد، ولكن هناك تغيرات كبيرة قادمة. التحقيق سيواجه بتحقيق مماثل، ورجال مولر لن يتمكنوا من لعب دور المحققين فقط بل سيصبحون عرضة للتحقيق أيضا، وتشكل حالة بيتر سترزوك الذي قدم استقالته العام الماضي والرسائل المناهضة لترمب التي تبادلها مع ليزا بايج حجة كبيرة أمام الجمهوريين للضغط أكثر على كامل فريق التحقيق، كما أن الإتهامات التي سيوجهها المحقق الخاص مستقبلا ستخضع للإنتقاد والتشكيك مما يؤكد وجود أزمة ثقة كبيرة بين الطرفين لن تنتهي إلا باستقالة أحدهما أو تعيين فريق جديد مستقل.

وبالرغم من بعض الاخبار التي نقلتها وسائل اعلام أميركية عن محامين تحدثوا عن قدرة روبرت مولر في الوقت الحالي على توجيه اتهامات مباشرة للرئيس الأميركي بعرقلة التحقيق، غير ان هذه الفرضية قد تساهم في اشعال الأوضاع اكثر وستكون غير محسوبة ذلك لأن انصار الرئيس سيقولون ان هذا الاتهام جاء للرد على المذكرة التي أظهرت تحيّز مكتب التحقيقات ووزارة العدل ضد ترمب.