برلين: لم تتمكن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الاحد من انهاء المفاوضات "الصعبة" لتشكيل ائتلاف حكومي مع الاشتراكيين الديموقراطيين، وتقرر إجراء جولة جديدة من المحادثات الاثنين لاخراج البلاد من المأزق الذي اعقب الانتخابات التشريعية الاخيرة التي لم تفرز فائزا بشكل حاسم.

وكان الجانبان باشرا هذه المحادثات في مطلع يناير الماضي، واتفقا على ضرورة التوصل الى اتفاق الاحد. الا انهما قررا مساء الاحد عقد جولة تفاوض جديدة الاثنين الساعة العاشرة (التاسعة ت غ)، بحسب الامين العام للحزب الاشتراكي الديموقراطي لارس كلينغبيل.

ولا تزال المفاوضات تتعثر على نقطتين مهمتين للاشتراكيين الديموقراطيين : اصلاح نظام الضمان الصحي، وعقود العمل لمدد محددة. وكانت ميركل توقعت ظهر الاحد ان تكون المفاوضات صعبة. وقالت في هذا الاطار "لا نستطيع القول كم سيستغرق الامر، لان نقاطا عدة لا تزال بحاجة لتسوية".

اما زعيم الاشتراكيين الديموقراطيين مارتن شولتز فكان قد حذر ان "يوم الاحد قد لا يكون اليوم الاخير من المفاوضات".

وبعد مرور أكثر من أربعة أشهر على انتخابات سبتمبر التشريعية التي لم ينجح فيها أي حزب بالحصول على الأغلبية، يسعى المحافظون إلى إيجاد حلول لمسائل الصحة والبيت الأوروبي والتقاعد لإقناع الاشتراكيين الديموقراطيين المترددين بتجديد الائتلاف الكبير الذي يعرف باسم "غروكو".

نفاد الصبر

وتبدو بداية الاسبوع المقبل بمثابة مهلة أخيرة مع نفاد صبر الألمان. واظهر استطلاع لقناة "ايه آر دي" العامة ان نحو 71 في المئة من هؤلاء لا يفهمون "لماذا يستغرق تشكيل الحكومة هذا الوقت" الطويل.

وحتى لو تم التوصل الى اتفاق بحلول الثلاثاء، فان ذلك لن يشكل انتصارا اكيدا لميركل لان ناشطي الحزب الاشتراكي الديموقراطي ال440 الفا سيصوتون بالموافقة او عدم الموافقة على التسوية بشأن الائتلاف الحكومي، في اطار آلية تصويت قد تستغرق اسابيع عدة في فبراير أو مارس.

ومعلوم ان الحزب الاشتراكي الديموقراطي يشهد انقسامات في صفوفه منذ الانتخابات التي قلصت الاصوات التي حصل عليها الى 20,5%. ويلوم العديد من مسؤوليه زعيمه مارتن شولتز بالعودة عن وعوده بالتوجه نحو اليسار وعدم التفاوض مع ميركل.

وفي حال فشلت ميركل عليها ان تختار بين بدء ولايتها الرابعة بمحاولة تشكيل حكومة اقلية غير مستقرة او القبول باجراء انتخابات جديدة قد تشكل فرصة لليمين المتطرف لتحسين مواقعه. وهما سابقتان في ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية.

ويخشى المحافظون ومثلهم الاشتراكيون الديموقراطيون ان يحقق حزب "البديل لألمانيا" المناهض للهجرة نتائج افضل من تلك التي حققها في سبتمبر.

وفي اخر انتخابات، حصد هذا الحزب 13 في المئة من الاصوات وهي نسبة تاريخية له، مستفيدا من القلق الذي احدثه استقبال اكثر من مليون طالب لجوء منذ 2015، وجعل من ابعاد ميركل من منصب المستشارية هدفه الرئيسي.

وضع غير مسبوق

ولا تعتبر ميركل في وضع تحسد عليه فهي تواجه ضغوطا من المحافظين المطالبين بالتوجه يمينا لوقف صعود اليمين المتطرف، في حين ان الجناح اليساري في حزبها يدعو الى تسوية مع الاشتراكيين الديموقراطيين.

من جانبه، يوجه قسم من الصحافة الألمانية انتقادات الى الحزبين اللذين حكما ألمانيا معا أو بالتناوب منذ 1949. إذ تنتقد صحيفة "سود-دويتشه تسايتونغ" سعيهما للتوصل الى "القاسم الأدنى المشترك" لتشكيل ائتلاف "بلا توجه مركزي" نحو المستقبل.

ودعت الصحيفة ميركل وشولتز الى العمل معاً أو "افساح المجال أمام قادة آخرين أو تنظيم انتخابات جديدة". لم تشهد ألمانيا وضعاً كالذي تواجهه اليوم في حين تواجه ميركل حالة استنزاف سياسي بعد 12 سنة في الحكم.

ولا شك أن هذا الارتباك في ألمانيا يؤثر على أوروبا حيث يسعى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لإجراء إصلاحات واقرار تعديلات عميقة بهدف اعادة كسب ثقة المواطنين.

واستقبلت برلين مقترحات ماكرون بالنسبة للاتحاد الأوروبي بفتور وهو بكل الاحوال لا يستطيع تحقيقها من دون ألمانيا، ولكن لأول مرة منذ سنوات طويلة لم تكن المستشارة هي صاحبة المبادرة.

وأكد شولتز، الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي والمؤيد المتحمس لمقترحات ماكرون، أن "المعركة من أجل أوروبا قوية ومتجددة" يجب أن تكون في صلب عمل الحكومة المقبلة.