الرباط: ردا على التصريحات النارية التي أطلقها أخيرا عبد الإله ابن كيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية المغربي، في مؤتمر شبيبة حزبه، والتي هاجم من خلالها كلا من حزبي التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قال ادريس لشكر، الكاتب الأول (الامين العام) للاتحاد الاشتراكي"علينا جميعا كأحزاب أن نكون على مزاج ابن كيران، وإلا فنحن شياطين".

وأضاف لشكر خلال استضافته في البرنامج الحواري"ساعة للإقناع" الذي تبثه قناة ميدي 1 تيفي أمس السبت"الوضعية السياسية في بلادنا عرفت ضبابية، هؤلاء يفتون و يعطون النصح و يعتبرون أنفسهم الأخيار، ابن كيران عليه أن يستغفر الله لما قاله في حقنا، كما فعل آنفا حينما أقسم ألا يدخل لحكومة يوجد بها الاتحاد الاشتراكي، فهو يقدم نفسه على أساس أنه يوجه النصح لإمارة المؤمنين، و يحذر حزبا معينا يوجد لجانبه في التحالف الحكومي".

تشويش مضاعف

واعتبر لشكر أن اجتماع الأغلبية الحكومية الذي انعقد أخيرا لم يكن على خلفية التصريحات التي أطلقها الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، خلال انعقاد مؤتمر شبيبة حزبه قبل أسبوع، بل تمثل الموضوع الحقيقي في مواجهة آثار الثلوج في قمم الجبال بمناطق عديدة، والتي أدت إلى عزلة عدد كبير من المواطنين، فضلا عن الاهتمام بالاحتجاجات الموجودة في عدد من المناطق، والتفكير في برنامج الأغلبية بعد التعديل الحكومي.

وبشأن مهاجمة ابن كيران لرئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، حينما اعتبر أن الجمع بين سلطة المال والسياسة خطر على الدولة، ذكر لشكر أنه قال شيئا أثاره الاتحاد، بخصوص عدم الخلط بين السلطة والمال، إضافة إلى الخلط بين السياسة والسلطة والدين.

واعتبر لشكر أن الشخص الكفيل بالتحدث عن موضوع التصريحات التي أطلقها الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، هو سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة ، حتى لا يكون هناك تشويش مضاعف على عملها.

وأفاد لشكر أن ابن كيران كان يقوم بالفرجة حينما كان يتحدث عن الحزب أثناء شغله لمنصب رئيس الحكومة في السابق، و قال إن الأخلاق الديمقراطية تتطلب منه أن يترك فسحة للقيادة الجديدة في شخص العثماني، حتى يتمكن من العمل و إبراز قدراته.

وقال إن حزب العدالة والتنمية القائد للحكومة، سيكون في وضعية جيدة، إن تمكن من اجتياز ما يحصل من مشاكل داخله،مشيرا الى ان اليات العمل الحزبي شرطها الديمقراطية التي من المفترض أن تخضع لاحترام الجميع.

إساءة للحزب

وأكد لشكر أن تصريحات ابن كيران الأخيرة كانت تحمل إساءة لحزب العدالة والتنمية، لأنه لم يحترم التقاليد الديمقراطية، مما شكل إضعافا لقيادة حزبه، خاصة أنهم يسيرون الحكومة والجماعات والمجالس البلدية بالمملكة.

وردا على تصريحات لحسن الداودي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف الشؤون العامة والحكامة، بخصوص انسحابه من منصبه الوزاري إن استمرت انتقادات ابن كيران لحلفائهم في الأغلبية، قال لشكر "لن نسقط في ردود الأفعال التي تستجيب للأهداف الشخصية، كفى من المزايدات، فأخطر شيء يمكن أن يمارس على الشعب حينما يتقاضى أشخاص 7 و8 ملايين سنتيم (7 و8 آلاف دولار) ويتم الحديث على رفض المؤسسات، أخطر ما يقع هو الكذب على الشعب و أنت في موقع التسيير، دعوا العثماني والحكومة تعمل، عندما نتحدث عن الأخلاق والمرجعية، فنحن مؤمنون بأن اهتمامنا ينصب حول تطويرالدولة وتحديثها ".

عمل الحكومة

وحول تقييمه لعمل الحكومة في ظل تزايد موجة الاحتقان والاحتجاجات في مدن مغربية، قال لشكر إن الحكومة واجهت مشاكل عدة، منها وضعية المغاربة المحتجزين في ليبيا، والمغرب لا يكتفي بحماية أبنائه بل يسعف الشعوب الأخرى، بفضل توجيهات الملك، و اعتبر أنها اشتغلت على عدة قطاعات في إطار التحديث خلال المجلس الوزاري الأخير، حيث أعلن عن فتح باب الانخراط للنساء في مهنة"عدل".

وعن خلفية عدم مرافقة أحزاب الأغلبية للعثماني في زيارته للشرق، وبالتحديد مدينة وجدة، وما إذا كان للأمر علاقة بامتعاضهم و غضبهم من تصريحات ابن كيران، أفاد لشكر أن الأمر لا يتعلق بأي رد فعل منهم، عكس ما تم الترويج له إعلاميا، و عزا عدم حضور وزراء منتمين لحزبي الاتحاد والاشتراكي والتجمع الوطني للأحرار إلى كونهم كانوا منشغلينبمهام أخرى في ذلك التوقيت، و قال إن زيارة العثماني لإقليم جرادة لا يمكن أن تكون بصحبة كل الوزراء في الحكومة.

وقلل لشكر من شأن الاحتجاجات التي قام بها مواطنون في جرادة بالموازاة مع زيارة وفد حكومي لها من أجل تدارس الوضع و اتخاذ إجراءات فعلية للحد من الاحتقان الحاصل بها، و اعتبر أنها أمر حيوي يرتبط بوجود احتجاجات والاستجابة لها، على أساس وجود دولة لها مقومات وتتمتع بمناعة، تمكنها من التفاعل مع ما يحصل، و هو ما تمثل فعليا في سحب الرخص غير القانونية لاستغلال الفحم الحجري، وهو إجراء ثوري و إصلاحي كبير.

ضبابية حزبية

وبخصوص المشاكل التي عاشها البيت الداخلي للحزب أخيرا، صرح لشكر أن الضبابية التي كانت في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لم يكن وحده معنيا بها، على اعتبار أن كل الأحزاب السياسية عرفت هزات تنظيمية و سياسية، إلا أن تسليط الأضواء إعلاميا على حزبه، جعل الأمور تبدو أكثر وضوحا.

وقال إن سياسة حزبه تتم في تشاور تام مع كافة الأعضاء المنتمين إليه، معتبرا أن الحزب لا يوجد فيه تشويش داخلي، وهو أمر طبيعي يحدث في الحياة العادية والعائلية فما بالك في الحياة السياسية، و أكد أن الجو الاتحادي عكس المحطات السابقة من وقت انعقاد المؤتمر العاشرحتى اليوم، لم يشهد وقوع انتكاسات، مما يعني أن الحزب يعيش وضعية عادية وطبيعية.

وعن الاستقالات الجماعية التي قدمها أعضاء من الحزب أخيرا، أشار لشكر أن الحزب يشبه في مساره قطار خرج من المحطة، وعليه أن يتوقف عند كل محطة جديدة، يذهب أعضاء ويأتي آخرون جدد لتأثيثه، وقال إن من استقالوا لا يتجاوزون أصابع اليد، منهم عضوة و الكاتب الإقليمي للحزب في إسبانيا، والباقي فقط تضخيم.

وقال لشكر"لدي إحساس يغمرني باننا نجحنا في معركة الاستمرار كحزب رغم كل المؤامرات، فليس سهلا على حزب انطلق سنة 1959 ليستمر طيلة هذه الفترة الزمنية و يستطيع تدبير أمره بما يضمن استمراره داخل المجتمع.

وعما إذا كان متفائلا بشأن تصدر الحزب للانتخابات التشريعية لسنة 2021 سيرا على التصريحات التي أطلقها حزب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، اللذان أكدا على فوزهما في هذه الاستحقاقات، قال ادريس لشكر"سنحتل المرتبة الأولى في 2021، و سنعمل من أجل الفوز بها، فالناس محتاجة لبديل، في اليوم الذي تخلى المغاربة عنا فيه في صناديق الاقتراع، كان من حقهم أن يعاقبونا بتلك الطريقة، لكن حذار أن يعتقد احد بأن الكلام الفارغ سيضمن الديمومة".

وتعقيبا على مقترح قانون تصفية صندوق التقاعد الذي قدمه حزب العدالة والتنمية، أفاد لشكر أن المسألة تحتمل أمرين اثنين، إما إلغاؤه بما يترتب عليه أو العمل على إصلاحه.

وأضاف قائلا"هناك 3 ٪‏ من المتقاعدين يتوصلون بتقاعدهم، لديهم أقل من 29 سنة. لقد تحدثوا عن تقاعد الوزراء، ومن يتناولون هذه القضية، عليهم ان يطالبوا بما هو أهم، ألا وهو وقف الريع".