عقد "البرلمان الإماراتي" المجلس الوطني الاتحادي منذ تأسيسه في 12 فبراير 1972 ولغاية الجلسة الثامنة من دور الانعقاد العادي الثالث، التي عقدها بتاريخ 30 يناير 2018 ما يقارب من «579» جلسة، ناقش وأقر خلالها «609» مشروعات قوانين، بعد أن استحدث وعدل عدداً من موادها وبنودها، وناقش «315» موضوعاً عاماً تتعلق بعدد من القطاعات المهمة، ووجّه «794» سؤالاً إلى ممثلي الحكومة، تتناول العديد من الإنجازات على الصعيدين الداخلي والخارجي، من خلال ممارسة اختصاصاته الدستورية الرامية إلى تحديث وتطوير البيئة التشريعية ومناقشة القضايا التي لها علاقة مباشرة بشؤون الوطن والمواطنين.

أمل القبيسي والفصل ال 16

خلال الفصل التشريعي السادس عشر الحالي، الذي بدأ في 18 نوفمبر 2015، برئاسة الدكتورة أمل عبدالله القبيسي رئيسة المجلس، ولغاية الجلسة الثامنة من دور الانعقاد العادي الثالث للفصل التشريعي السادس عشر، التي عقدها المجلس في 30 يناير 2018، أقر المجلس على مدى 40 جلسة 38 مشروع قانون، بعد أن ناقشها وعدّل واستحدث عدداً من موادها وبنودها، وتبنّى 149 توصية خلال مناقشة 13 موضوعاً عاماً، ووجه 136 سؤالاً إلى ممثلي الحكومة، تبنى بشأنها 13 توصية.

وبلغ عدد نشاطات لجان المجلس الوطني الاتحادي الدائمة والمؤقتة خلال دوري الانعقاد العاديين الأول والثاني من الفصل التشريعي السادس عشر 255 نشاطا استغرقت حوالي 564 ساعة عمل.

كما بلغ عدد أنشطة لجان المجلس من حلقات نقاشية وزيارات ميدانية وعدد جهات مشاركة لحضور اجتماعات اللجان مع ممثليها ما يلي:

تنظيم سبع حلقات نقاشية وندوة واحدة، وتنظيم 19 زيارة ميدانية، وبلغ عدد المشاركين وممثلي الجهات في اجتماعات اللجان 454 مشاركاً ومختصاً، كما بلغ عدد الجهات الخارجية المشاركة في اجتماعات اللجان 129 جهة.

الذكرى ال 46

ويحتفل المجلس الوطني الاتحادي خلال الشهر الجاري بذكرى تأسيسه الـ «46»، حيث تم تأسيسه في 12 فبراير عام 1972 بعد فترة وجيزة من تأسيس دولة الإمارات في 2 ديسمبر 1971، وأصبح أكثر قدرة وفاعلية على تمثيل شعب اتحاد الامارات، وتحقيق تطلعات قيادة الدولة واستشراف المستقبل، من خلال ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية والدبلوماسية البرلمانية، وتقديم أفضل أداء برلماني، تنفيذاً للاستراتيجية البرلمانية للمجلس للأعوام 2016-2020م.

ويستذكر المجلس الوطني الاتحادي بهذه المناسبة جهود مؤسس الدولة وباني نهضتها، الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وإخوانه حكام الإمارات في إرساء دعائم الاتحاد وتكريس مبدأ الشورى في الحكم، الذي اعتاد عليه شعب الإمارات كنهج أصيل للعلاقة بين الحاكم والمواطنين منذ عقود طويلة قبل قيام الاتحاد.

أولى الجلسات

ويضطلع المجلس الوطني الاتحادي منذ عقد أولى جلساته بتاريخ 12 فبراير 1972م، بمسؤولية ودور مهم بالمشاركة في بناء دولة القانون والمؤسسات، وتعزيز نهج الشورى ومشاركة المواطنين في صنع القرار، وتمكينهم من المساهمة في مسيرة التنمية الشاملة وتكريس قيم الولاء والانتماء والتلاحم الوطني وعمل في تناسق تام وتعاون فعال مع الحكومة، وأسهم في مسيرة التنمية المتوازنة الشاملة وفي تعزيز الركائز الأساسية لمشروع النهضة الذي تتطلع له القيادة الحكيمة.

وحظي المجلس الذي تأسس مع انطلاق مسيرة الاتحاد باهتمام ودعم لا محدود من قبل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وترسخت علاقة تقدير واحترام بين القيادة والمجلس الوطني الاتحادي، وبقدرة أبناء الإمارات على تحمل مسؤوليات العمل الوطني في إطار من التشاور والتواصل المستمر بين أفراد الشعب وممثليهم في المجلس من جهة، وبين السلطة التنفيذية من جهة أخرى، وقد أكد الشيخ زايد على ذلك منذ انطلاق الدولة. حيث قال في خطابه في المجلس الوطني الاتحادي بتاريخ 13 نوفمبر 1972 "إن أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، كلهم من أبناء الشعب، ويستطيعون أن يعبروا بكل حرية عن آرائهم"، كما أكد مراراً عديدة على أن واجب أعضاء المجلس أن يعبّروا بصدق عن احتياجات المواطنين ولا يأخذهم في ذلك لومة لائم".

تعديلات دستورية

وجاء انطلاق الفصل التشريعي السادس عشر للمجلس بعد إجراء ثالث تجربة انتخابية ضمن برنامج التمكين الذي أعلنه رئيس الدولة، والتي جرت في شهر أكتوبر 2015م، وتم خلالها زيادة أعداد الهيئات الانتخابية لتعد الأكبر بهدف توسيع مشاركة المواطنين في علمية صنع القرار.

وساهمت التعديلات الدستورية لسنة 2009 في تمكين المجلس الوطني الاتحادي من ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية والسياسية، والتي شملت تعديل المادتين "72 و78" من الدستور، اللتين أتاحتا تمديد مدة عضوية المجلس من عامين إلى أربعة أعوام وتمديد دور الانعقاد إلى مدة لا تقل عن سبعة أشهر. وذلك ابتداء من الأسبوع الثالث من شهر أكتوبر من كل عام، كما تم تعديل المادة "85" من الدستور لإعطاء المجلس سلطة أكبر في ما يتعلق بلائحته الداخلية، حيث يتولى المجلس وضع مشروع اللائحة التي تصدر بقرار من رئيس الاتحاد بناء على موافقة المجلس الأعلى للاتحاد، وتم تعديل المادة "91" من الدستور والمتعلقة بالاتفاقيات والمعاهدات التي تبرمها الدولة، حيث يحدد بقرار من رئيس الاتحاد الاتفاقيات والمعاهدات التي يجب أن تعرض على المجلس الوطني قبل التصديق عليها.

40 عضوا من 7 إمارات

عمل المجلس الوطني منذ انعقاد أولى جلساته بتاريخ 1972/12/2، على تأكيد نهج الشورى الذي تتبعه الإمارات وشفافية العلاقة بين الحاكم والمواطنين، حيث إن المجلس الوطني الاتحادي بات مقراً لتبادل الآراء والمشورة حول مختلف المواضيع والأمور بشتى مجالاتها.

ويتشكل المجلس من أربعين عضواً، يتوزعون على الإمارات بحسب الدستور: (8) مقاعد لإمارة أبوظبي، (8) مقاعد لإمارة دبي، (6) مقاعد لإمارة الشارقة، (6) مقاعد لإمارة رأس الخيمة، (4) مقاعد لإمارة عجمان، (4) مقاعد لإمارة الفجيرة، و (4) مقاعد لإمارة أم القيوين.

انتخاب نصف الأعضاء

ويتم انتخاب نصف أعضاء المجلس من قبل هيئات انتخابية، بينما يتم تعيين النصف الآخر، وقد تم اعتماد هذه الآلية وتطبيقها في عام 2006، أي منذ بداية تطبيق المرحلة الأولى من برنامج التمكين السياسي للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة. وتشارك المرأة الإماراتية في عضوية المجلس لأول مرة منذ تأسيسه في الفصل التشريعي الرابع عشر حيث فازت بمقعد واحد في أول تجربة انتخابية تشهدها الدولة في عام 2006، وتم تعيين ثماني أخريات لعضوية المجلس في نسبة تعد بين الأعلى عالمياً.

وعضوية المجلـس أربع سنوات بدلا من سنتين بموجب التعديلات الدستورية الأخيرة على المادة (72) والمادة (78)، ويطلق على هذه المدة الفصل التشريعي، ويكون دعوة المجلس للانعقاد وفض الدورة بمرسوم يصدره رئيس الدولة.

شروط العضوية

اشترط الدستور لعضوية المجلس المواطنة في إحدى الإمارات، والإقامة الدائمة في الإمارة المُمَثلة في المجلس، وألا يقل العمر عن 25 عاما عند الاختيار أو الانتخاب للعضوية والتمتع بالأهلية المدنية والسيرة الحميدة وحسن السمعة، والإلمام الكافي بالقراءة والكتابة، وعدم جواز الجمع بين عضوية المجلس وأية وظيفة عامة مع التمتع بالحصانة البرلمانية.

أول زيارة خارجية

وقام وفد المجلس بأول زيارة خارجية له بدعوة من مجلس الشعب السوري بتاريخ 12 مارس 1973، وانضم المجلس للاتحاد البرلماني العربي، وحضر اجتماع مجلس الاتحاد في الخرطوم بتاريخ 3 ديسمبر 1975، واستقبل المجلس أول وفد برلماني من مجلس الأمة الكويتي بتاريخ 4 يونيو 1976، وشكل أول لجنة تنفيذية للشعبة البرلمانية في 22 مارس 1977، كما انضم المجلس إلى الاتحاد البرلماني الدولي في 20 سبتمبر 1977 (صوفيا)، وانضمت الشعبة البرلمانية إلى اتحاد برلمانات الدول الإسلامية في الاجتماع التأسيسي في طهران، وكذا إلى منظمة التعاون الإسلامي بتاريخ 6 يناير 1999.

الجزر المحتلة

وأكد المجلس خلال مشاركاته المختلفة مواقف دولة الإمارات، والتفاعل المثمر مع مختلف القضايا الوطنية والإقليمية والدولية، وعلى رأس أولوياتها تأكيد حق دولة الإمارات في استعادة سيادتها على جزرها الثلاث (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى)، التي تحتلها إيران، وموقفها الثابت والداعي لحل هذه القضية وفق مبادئ الشرعية الدولية، عبر المفاوضات الجادة المباشرة أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية، حفاظاً على أمن وسلم المنطقة، ورفضها لجميع الإجراءات والتدابير غير القانونية التي تقوم بها السلطات الإيرانية في هذه الجزر لما تمثله من انتهاك صارخ لسيادة ووحدة أراضي دولة الإمارات.

أمل القبيسي.. أول رئيسة برلمان في العالم العربي

في 18 نوفمبر 2015 فازت الدكتورة أمل عبدالله القبيسي برئاسة المجلس الوطني الاتحادي بالتزكية، لتكون بذلك أول امرأة تترأس البرلمان في العالم العربي.

ورفعت القبيسي خلال تسلمها رئاسة المجلس التحية لرئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي. كما شكرت أعضاء المجلس الوطني الاتحادي على ثقتهم وانتخابهم لها بالتزكية وقالت أن انتخابها شهادة للدولة وان برنامج التمكين أتى ثماره.

وأضافت "يجب ان نشحذ الهمم للوصول بدولتنا وشعبنا لأعلى القمم، أمامنا تحدي باشراك جميع ابناء الوطن في العمل البرلماني."

من هي أمل القبيسي؟

أمل عبدالله جمعة كرم القبيسي هي أول إماراتية تفوز برئاسة المجلس الوطني الاتحادي عبر انتخابات تشريعية، كما أنها الخليجية الأولى التي تصل للبرلمان عبر صناديق الاقتراع. وقد كانت أيضا أول إماراتية تترأس جلسة المجلس الوطني السادسة التي انعقدت في يناير 2012.

أكملت القبيسي دراستها النظامية في مدارس أبو ظبي، ثم حصلت بعد ذلك على شهادة البكالوريوس في مجال الهندسة المعمارية من جامعة الإمارات عام 1993، قبل أن تحصل على شهادة الدكتوراه بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف الأولى في نفس المجال من المملكة المتحدة عام 2000. وعادت مرة أخرى لتدرس بجامعة الإمارات كعضوة في هيئة التدريس في كلية الهندسة، قسم الهندسة المعمارية لمدة 6 سنوات.

وانتدبت للعمل خلال تلك الفترة مستشارة لتقييم المشاريع المستقبلية والحفاظ على الهوية المحلية وتطوير السياحة التراثية لدى الكثير من المؤسسات الحكومية.

اهتمت أمل القبيسي بالتراث الإماراتي والهوية المحلية فقدمت العديد من الدراسات والبحوث العلمية خلال هذا المجال، كما ركزت على إبراز التراث المعماري الإماراتي. وقد اشتركت في العديد من الأعمال التطوعية في هذا المجال من خلال الإهتمام بالمواقع الأثرية والمباني التاريخية المهددة بالخطر والحرص على ترميمها والاهتمام بها بالتعاون مع الحكومة الإماراتية. كما حرصت أيضًا على جمع المعلومات التاريخية والقيام برحلات ميدانية مع الطلبة لمناطق التراث، لحث الشباب على التعرف على العمارة المحلية وتوثيقها علميًا ومعمارًيا للحفاظ عليها.

والقبيسي عضوة في العديد من المنظمات العالمية المعروفة في مجال الهندسة والحفاظ على التراث والآثار والمباني التاريخية، مثل مركز التراث العالمي WHC والمجلس الدولي للآثار والمواقع الأثرية ICOMOS والمركز العالمي لدراسة الحفاظ على المباني الثقافية وترميمها ICROM. وقد مثلت الدولة رسميًا في الكثير من المحافل العالمية والمؤتمرات الدولية وأيضا داخل منظمة اليونسكو.

سجلت أمل القبيسي في 16 ديسمبر عام 2006 أول فوز نسائي في الانتخابات المحلية . وقد احتلت بذلك المرتبة الثالثة بين الفائزين الأربعة، مما يشير إلى تحقيق إنجاز تاريخي للمرأة الإماراتية داخل المجتمع الذي يحترم كفائتها وعطائها. وقد صرحت أمل القبيسي في أول يوم لها داخل البرلمان: "إن التفاؤل يسود كل المواطنين على مستوى الدولة، مشيرة إلى أن الكل يتطلعون إلى أن تكون المرحلة المقبلة مبشرة وإيجابية."

أول عضوة منتخبة

وقد كانت حينها أمل القبيسي العضو الوحيد المنتخب مع ثمان أخريات في ذلك الدور التشريعي، وقد كان ذلك يعد إضافة حقيقية للحياة السياسية داخل المجتمع الإماراتي. فقد مثلت المرأة داخل البرلمان نسبة 22.5% مما وضع الإمارات في المركز الثاني على مستوى العالم من حيث تمثيل المرأة بعد ألمانيا. وقد عينت فيما بعد النائب الأول لرئيس المجلس الوطني، مما أتاح لها الفرصة بترأس جلسة المجلس الوطني السادسة المنعقدة في يناير 2012. وهي سابقة برلمانية تعكس نجاح المرأة الإماراتية من خلال مشاركتها في صنع القرار.

حصلت أمل القبيسي في عام 2007 على جائزة الشرق الأوسط للتميز للقيادات النسائية كأهم شخصية نسائية ذات إنجاز سياسي قيادي. كما حصلت أيضا على جائزة راشد للتفوق العلمي عام 2000. وقد تم تكريمها في الكويت من خلال احتفالية المرأة العربية، وأيضا من خلال جامعة الدول العربية.

https://m.youtube.com/watch?v=vtJ3n7Dbl1U&feature=youtu.be