باريس: يبدي المجتمع الدولي تأثرا كبيرا ازاء تعرض الغوطة الشرقية، المعقل الاخير لفصائل المعارضة في ريف دمشق، لوابل من قنابل النظام السوري، الا انه يعجز عن تبني موقف موحد يضع حدا للقصف الذي يطال المدنيين.

ويدين العديد من المنظمات التابعة للامم المتحدة، التي لا تتمتع بسلطات سياسية، العملية العسكرية التي بدأها النظام السوري في 5 فبراير، وادت منذ الاحد الى مقتل اكثر من 250 شخصًا ويبدو انها مقدمة لهجوم بري ضد آخر معاقل الفصائل المعارضة في ريف دمشق.

في المقابل، تقف القوى الكبرى عاجزة بسبب انقساماتها، مشرعة الابواب امام عمليات النظام السوري.

وأعربت وزارة الخارجية الاميركية الثلاثاء عن "بالغ قلقها" ازاء الوضع وقالت المتحدثة باسمها هيذر نويرت للصحافيين إن "وقف العنف يجب ان يبدأ الان"، منتقدة ما وصفته ب "سياسة الحصار والتجويع" التي يمارسها نظام الرئيس السوري بشار الاسد.

أما وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان فقد صرح ان "الوضع في سوريا يتدهور بشكل ملحوظ" وحذر من انه "اذا لم يطرأ عنصر جديد فاننا نتجه نحو فاجعة انسانية".

من جهتها، اعتبرت موسكو بلسان سفيرها لدى الامم المتحدة ان "الهدنة الانسانية" لمدة شهر التي اقترحها منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا بانوس مومتزيس "غير واقعية"، معطيا بذلك دمشق الضوء الاخر لمواصلة قصفها العنيف بالطائرات والمدفعية.

والاثنين قال مومتزيس في بيان إن استهداف المدنيين في الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق "يجب أن يتوقف حالاً" في حين "يخرج الوضع الانساني عن السيطرة".

وتابع مومتزيس "لا بد من إنهاء هذه المعاناة الإنسانية التي لا معنى لها الآن".

اجراء حقيقي

ويقول المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش كينيث روث "لا يجوز الادعاء، في حين يحاصر (الرئيس السوري بشار) الاسد المدنيين في الغوطة الشرقية ويقصفهم بلا هوادة، ويقصف ايضا مستشفياتهم، ان هذه حرب: انها مجزرة. و (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين يجعل ذلك ممكنا".

والثلاثاء، تساءل روث في تغريديتين على تويتر "هل ايران شريكة في جرائم الحرب هذه؟".

ومنذ بدء النزاع في سوريا عام 2011 استخدمت روسيا عشر مرات حق النقض في مجلس الامن التابع للامم المتحدة لمنع ممارسة ضغوط دولية فعلية ضد النظام السوري الذي تدعمه بقوة على الارض، الى حد جعله يترقب في الاسابيع او الاشهر المقبلة تحقيق انتصار تام على الفصائل المعارضة.

ويقول الاستاذ الجامعي الفرنسي جان بيار فيليو المحاضر في العلوم السياسية في باريس إن "سكوت المجتمع الدولي اكثر فداحة لان المجازر في الغوطة تحصل على بعد بضعة كيلومترات من مكاتب الامم المتحدة في دمشق".

وقال فيليو لفرانس برس "اما بالنسبة للرئيس (ايمانويل) ماكرون، الذي كان اعلن انه +لن يساوم+ في مسألة وصول المساعدات الانسانية الى مناطق النزاع، فان عدم تحركه يدعو على اقل تقدير الى القلق".

وتعتبر الامم المتحدة ان امكانية دخول المساعدات الانسانية الى الغوطة الشرقية حيث تكثر حالات سوء التغذية لا سيما عند الاطفال "ضئيلة".

ومنذ مطلع ديسمبر لم تدخل الى الغوطة الشرقية الا قافلة مساعدات انسانية واحدة في 14 فبراير لاغاثة 7200 شخص، فيما تشير التقديرات الى وجود نحو 400 الف شخص محاصرين هناك.

وفي باريس، اعلن نائب رئيس منظمة "الخوذ البيضاء" عبد الرحمن المواس الاسبوع الماضي ان المعارك المتواصلة في الغوطة الشرقية يمكن ان تؤدي الى ازمة انسانية مشابهة لتلك التي شهدتها حلب خلال حصار احيائها الشرقية قبل ان استعادتها قوات النظام في ديسمبر 2016.

وقال المواس "لقد باشروا استهداف المستشفيات وهذا ما حدث بالسابق في حلب"، مضيفًا انه تم تخطي الخطوط الحمراء، وان الوقت حان لاتخاذ إجراء حقيقي.