لندن: فجرت مقابلة تلفزيونية مع فتاة عراقية تتسول عند إحدى الإشارات الضوئية وسط بغداد قالت فيها إن والدها باعها هي وإخواتها لسمسار جنس وتسول بخمسة عشر مليون دينار عراقي، خلافًا جدليًا بين وزارة الداخلية التي أكدت أن المقابلة مفبركة وبين مرصد صحافي أصر على صحتها.

وأشارت الفتاة في المقابلة التي اجريت في سيارة مقدم البرامج الخاصة ومعه مصور تلفزيوني وتابعتها "إيلاف" إلى أنّ والدها باعها إلى السمسار بمبلغ 15 مليون دينار عراقي مع اخواتها التي لم تذكر عددهن لكل واحدة منهن.. موضحة أن والدها مدمن على لعب القمار ويحتاج إلى أموال باستمرار لممارسة ذلك. 

عبودية واستغلال جنسي

وأضافت الفتاة أنها من محافظة ديإلى (65 كم شمال شرق بغداد)، وان والدها اصطحبها إلى العاصمة مع إخواتها وسلمهن إلى السمسار مقابل 15 مليون دينار (حوالي 12 الف دولار) عن كل واحدة منهن، حيث قام بدوره باسكانهن مع اخريات في شقق بمناطق متفرقة من العاصمة. 

وقالت إن السمسار يقوم باستغلال عدد من الفتيات جنسيًا في الملاهي والحفلات الخاصة للكسب المادي فيما يقوم في الساعة الخامسة من صباح كل يوم بتوزيع الاخريات بسيارته على التقاطعات الضوئية للتسول ويفرض عليهنّ جمع مبلغ لايقل عن 300 الف دينار (حوالي 250 دولاراً) يوميا وتسليمه له، وبعكسه يقوم بتعذيبهن وتهديدهن برميهن في الشارع.

وبعد عرض المقابلة التي أجراها مع الفتاة العشرينية مقدم البرامج العراقي على قناة الفرات المحلية "علي عذاب"، بعد أن كانت تتسول عند إشارة ضوئية وانتشار فيديو عنها بشكل واسع سريعًا، فقد أثارت استياء شعبيا واسعًا من الأوضاع المزرية التي وصل اليها العراقيون ما دفع وزارة الداخلية إلى التدخل سريعا وتكذيب اقوال الفتاة معتبرة ان المقابلة برمتها مفبركة وعرضت فتاة اخرى على انها صاحبة المقابلة لتقول إن مقدم البرنامج منحها مبلغًا من المال لتدلي بأقوالها هذه.

وفندت الوزارة صحة القصة التي عرضها البرنامج التلفزيوني عن بيع الفتاة وإخواتها من قبل والدهن إلى سمسار جنس وتسول، يستغلهن في حفلات ماجنة وفي الملاهي، ويستخدم آخريات للتسول عند الإشارات الضوئية في العاصمة، موضحة ان عدد من يستخدمهن هذا السمسار يزيد على 30 فتاة يُسكنهن في شقق.

الداخلية: المقابلة مفبركة

وقالت الداخلية في بيان صحافي حصلت "إيلاف" على نسخة منه "إن الاعلامي علي عذاب قام بعرض قضية على احدى وسائل الاعلام ذكرت فيها المواطنة التي استضافها في برنامجه أن والدها قام ببيعها بمبلغ 15 مليون دينار إلى صاحب شقة تدار لأغراض منافية للآداب ويطلب منها جلب مبلغ يومي قدره 300 ألف دينار (حوالي 250 دولاراً)، على حد زعمها وإلا سيقوم بطردها خارج الشقة".

وأضافت الوزارة انه "بناءً على ما تم عرضه، فقد أخذ وزير الداخلية قاسم الاعرجي كعادته وثقته بوسائل الاعلام القضية على محمل الجد وقام بتشكيل لجنة عليا بإشرافه المباشر وبمتابعة شخصية من قبل قائد شرطة بغداد من اجل الوصول إلى الحقيقة وبعد اجراء التحري والتحقيق والمتابعة القانونية والاجراءات الاصولية تم الوصول إلى المواطنة صاحبة القضية التي اعترفت صراحة بأن مقدم البرنامج قام بالاتفاق معها لقاء مبلغ مالي زهيد من اجل تأليف وتلفيق هذه القصة المفبركة ليحصل على السبق الاعلامي على حساب مبادئ المهنة الاعلامية التي كانت ولا تزال خير عون لرجال الداخلية في عملها وتضحياتها الكبيرة".

وأشارت الوزارة إلى أنّ مقدم البرنامج قد "تجاوز بذلك تقاليد وأعراف مجتمعنا العراقي الكريم، الذي يرفض هذه الاساءة لشرف العراقيات بهذا الاسلوب الرخيص ويصور للرأي العام تصويراً خاطئاً عن شعبنا الذي أبهر العالم بصموده وانتصاراته وقدرته حيث سجلت نساؤنا ورجالنا صفحات مشرفة من صون العرض والوقوف بوجه أعتى هجمة ارهابية".

وأكدت الداخلية انها "ومن خلال هذه الحقائق فإنها وبحكم وظيفتها الدستورية ستحتفظ بحقها القانوني الكامل لاتخاذ الاجراءات القانونية المناسبة بحق كل من لفق وكذب وشوه صورة المجتمع العراقي". 

تحذير من تعطيل مهمة الإعلام في مواجهة الفساد

لكن المرصد العراقي للحريات الصحافية في نقابة الصحافيين العراقيين رد على وزارة الداخلية محذرا من "تعطيل عمل وسائل الإعلام في مواجهة الفساد والظواهر الخطيرة التي تنهش في جسد الدولة".

وأعرب المرصد في بيان صحافي توصلت "إيلاف" بنصه عن الأسف العميق للبيان الذي صدر عن وزارة الداخلية العراقية، "الذي إتهم فيه الزميل علي عذاب وقناة الفرات الفضائية بفبركة حلقة خاصة عن التسول والإتجار بالبشر".

ونقل المرصد عن أحمد الساعدي المدير العام لقناة الفرات الفضائية قوله "تلقيّنا بإستغراب شديد تعاطي المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية مع ما عرضته مؤسسة الفرات للإعلام والانتاج الفني في برنامج (من الواقع)، الذي يقدّمه الزميل علي عذاب بخصوص مافيات التسول في العاصمة".

واضاف الساعدي أنه "في الوقت الذي كنا ننتظر فيه موقفاً مسانداً من الوزارة في ملاحقة تلك المافيات والقضاء على آفة التسول التي تشوه العاصمة، فوجئنا ببيان من المكتب الاعلامي للوزارة مجانب للحقائق وغير دقيق ومن يتمعن فيه يتخيل ان بغداد خالية من التسول والمافيات المتسولة التي تهاجم السيارات في التقاطعات". 

وأشار المسؤول الاعلامي إلى أنّ "الأكثر غرابة هو الاتيان بشابة مع والدها تدّعي انها من سجلت اللقاء مع الزميل علي عذاب وهنا ننفي نفيا قاطعا ان تكون الفتاة التي نشر صورها المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية هي نفسها التي عرضت في البرنامج.. فاجراء مقارنة بسيطة بين الصورتين سيفضح الفارق جليًا، فضلاً عن عدم وجود تسجيل صوتي للفتاة المزعومة لكي تتم مقارنته مع صوت الفتاة التي ظهرت في البرنامج".

وطالب المرصد العراقي للحريات الصحافية الحكومة العراقية وأجهزتها الأمنية "بكشف العصابات التي قتلت أكثر من 470 صحافيًا عراقيًا منذ عام 2003 وحتى اليوم والتوقف عن مواجهة الصحافة التي تناضل من أجل الديمقراطية الناشئة".

وتقول وزارة التخطيط العراقية إن نسبة الفقر بين العراقيين تبلغ 23 بالمائة في حين اطلقت الحكومة العراقية مؤخرا استراتيجية تخفيف الفقر بين عامي 2018 و2022 بالتعاون مع البنك الدولي، وخصص لها مبلغ 3.4 مليارات دولار لتنفيذ 32 مشروعاً، بهدف تخفيف الفقر في البلاد بنسبة 25 % في عام 2022.