واشنطن: تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاربعاء، إزاء شهادات مؤثرة لناجين من إطلاق نار أوقع 17 قتيلا في فلوريدا الاسبوع الماضي، اتخاذ اجراءات "قوية" من اجل التحقق من السوابق الاجرامية والوضع العقلي للراغبين في شراء أسلحة، مشيرًا حتى إلى إمكان تسليح بعض المدرسين، وهي مسألة تثير جدلاً كبيرًا.

بعد اسبوع على المجزرة في ثانوية باركلاند، استقبل ترمب ناجين في البيت الابيض وابدى انفتاحًا على كل الاحتمالات، لكنه في موقع دقيق فقد تعهد خلال حملته الانتخابية لـ"الجمعية الوطنية للبنادق" بأنّ لها "صديقًا فعليًا في البيت الابيض".

وروى أهالٍ وطلاب من مدارس عدة شهدوا اطلاق نار، بالتوالي، شهاداتهم وقد جلسوا في شكل دائرة حول ترمب في احدى قاعات البيت الابيض.

واقترح ترمب تسليح قسم من الاساتذة بشكل خفيّ على ان يُجروا تدريبًا خاصًا مسبقًا، لكن دون أن يعلن قرارًا حاسمًا حول هذه المسألة المثيرة للجدل، مضيفا ان "الامر ينطبق بالطبع على الاساتذة الذين يعرفون التعامل مع الاسلحة".

وأقر ترمب بأنّ "الاجراء لن يروق لكثيرين"، وذلك بعد تصويت برفع الايدي بين الحاضرين أيده نصفهم وعارضه النصف الاخر.

وصرح ترمب "سنمضي بقوة من اجل التحقق من السوابق". كما طلبت منه تلميذة من ثانوية باركلاند (فلوريدا) تدعى جوليا كوردوفر بـ"اتخاذ القرارات الجيدة" لمنع تكرار مثل هذه المأساة.

"مهووسون وجبناء"

وانتقد ترمب مبدأ المدارس التي تحظر أي سلاح ناري، اذ اعتبر انها تجتذب "المهووسين"، الذين نعتهم بـ"الجبناء"، وقال انهم يبحثون عن اهداف لا يواجهون فيها خطر أن يتعرضوا لاطلاق نار دفاعًا عن النفس.

وأغرقت شهادة اندرو بولاك الذي قتلت ابنته ميدو (18 عاما) في اطلاق النار قبل اسبوع، القاعة في صمت تام. وقال بولاك "لن ارى ابنتي الرائعة ابدًا بعد اليوم. فهي لم تعد هنا انها في نورث لودردايل في مقبرة الملك داوود".

وقبلها ببضع ساعات، احتشد طلاب من مدرسة باركلاند الاربعاء في عاصمة فلوريدا على أمل انتزاع تشريع متشدد حول الاسلحة النارية في الولايات المتحدة، بعد مجزرة الاسبوع الماضي التي اودت بـ17 شخصًا في ثانويتهم.

وقال لورنزو برادو احد المتحدثين من الطلاب الشباب، "ان يفقد اشخاص حياتهم بدون أن يحصل تغيير هو خيانة بحق بلدنا العظيم"، وذلك وسط مئات الشباب الذين تجمعوا في المدينة.

وذكر برادو بأن نيكولاس كروز منفذ الهجوم الاربعاء الماضي في ثانوية مارجوري ستونمان دوغلاس "تمكن من شراء سلاح ناري قبل ان يصبح في السن القانونية لاحتساء البيرة، ورغم عوارض المرض العقلي الواضحة وبعد ان ارتكب جنحاً".

واضطر الرئيس الأميركي دونالد ترمب المؤيد الشرس للحق الدستوري في حيازة أسلحة نارية الى تقديم بعض التنازلات ازاء موجة التأثر في البلاد، وانعكاسات تعبئة الطلاب على وسائل الاعلام.

فقد طلب ترمب من ادارته الثلاثاء اتخاذ اجراءات لمنع بيع جهاز فتاك يحول بندقية الى سلاح شبه أوتوماتيكي.

والجهاز المعني هو عقب بندقية يمكن تثبيته وتفكيكه، يستخدم طاقة الدفع العكسي عند إطلاق النار لإحداث حركة ذهاب وإياب فائقة السرعة للبندقية بالتوازي مع تلقيمها بالوتيرة ذاتها.

ويعتزم الطلاب الثانويون تنظيم تجمع ضخم في 24 مارس المقبل في واشنطن العاصمة الفدرالية. 

"لن يضعف التحرك"

واكدت ريتشل كاتانيا، التي ارتدت قميص مدرستها، عبر "سي ان ان" الاربعاء، أن التحرك ثابت، وقالت "لن يضعف (التحرك) هذه المرة، فآلاف الشباب الأميركيين تناقلوا على هواتفهم شعارات #كي لا تتكرر ابدًا و#يكفي و#مسيرة لاجل حياتنا".

الا ان هذا التطور على صعيد التشريع يعتبر متواضعًا جدًا على مستوى البلاد حيث هناك نحو 300 مليون سلاح ناري، يتم تداوله بين السكان. لكنه يؤشر الى تغيير لدى رئيس تبرّعت "الجمعية الوطنية للبنادق" بـ30 مليون دولار لحملته الانتخابية في العام 2016.

واطلاق النار في باركلاند هو الاسوأ داخل مدرسة في الولايات المتحدة منذ مجزرة ساندي هوك التي اودت بـ26 شخصًا في أواخر 2012.

ولم يؤدِ تكرر هذه المآسي في السنوات الاخيرة الى أي تغيير في التشريع. وكان طلاب باركلاند التقوا على مدى ساعات نوابًا محليين من فلوريدا التي تعتبر بين أكثر الولايات الأميركية تساهلاً حول الاسلحة النارية.

وكان مجلس نواب فلوريدا رفض الثلاثاء امكان حظر الاسلحة الهجومية والملقمات ذات السعة الكبيرة، الا ان استطلاعًا للرأي كشف ان ثلثي الأميركيين يؤيدون تشديد المراقبة على بيع الاسلحة النارية.