«إيلاف» من الرباط: قالت بشرى بيبانو، متسلقة الجبال المغربية، إن المرأة ما زالت تعاني من مجموعة من الأحكام المسبقة والجاهزة، والتي تعتمد في مجملها على رؤى خاطئة للمجتمع.

وأضافت بيبانو، خلال مشاركتها في ندوة بعنوان"تحرر المرأة"، من تنظيم ملتقى الحضارات، مساء الخميس بالعاصمة الرباط، أن النساء يعانين من التهميش، خاصة في المناطق النائية، حيث لا تحظى الفتيات بفرصة للتمدرس ومتابعة دراستهن إسوة بالأولاد.

انعدام الحرية

اعتبرت أول مغربية تصعد قمة إيفرست، و التي تشغل منصب مهندسة دولة في المعلوميات والاتصالات، أن الفتاة القروية لا تملك الحرية في اختيار مسارها في الحياة، بحيث يتم تزويجها في سن مبكرة دون الأخذ برأيها، ليقتصر دورها على الحمل والولادة وتربية الأبناء، فتصبح كآلة للولادة.

و أضافت المتحدثة قائلة"خلال الأسفار التي قمت بها، التقيت بسيدات متزوجات لا يتجاوز عمرهن 20 سنة، و مع ذلك لديهن من 6 إلى 7 أبناء. فضلا عن معاناتهن جراء انعدام التطبيب و الرعاية الطبية اللازمة، و هو ما يفاقم من وضعهن في ظل وجود رجال لا يسمحون لزوجاتهن بتلقي العلاجات الضرورية في المستوصفات (مراكز طبية)، وهي الحالة التي صادفتها في دوار، حيث فوجئت برجل يحكي عن وفاة زوجته أثناء الولادة، لأنه ببساطة منعها من الذهاب للطبيب، فالرجل إذن يتحكم في أبسط الأمور الشخصية لزوجته، حتى وإن كانت عواقبها وخيمة".

و عن وضعية النساء داخل المدن الكبرى للمملكة، قالت بيبانو، إنها بدأت تقتحم تدريجيا مراكز القرار و المسؤولية، إلا أن ذلك لا يعني أنها تعيش في مساواة كاملة إلى جانب الرجال، فهناك العديد من النساء اللائي يتمتعن بالكفاءات الجيدة أحسن من الرجل، لكنهن لا يحصلن على فرص للظفر بمراكز قيادية، وهو ما يرجع بالأساس إلى كونهن لا يثقن في أنفسهن بالشكل الكافي، فضلا عن سعيهن نحو المثالية فيما يقمن به.

تراجع المرأة

و أفادت بيبانو أن ما يجعل المرأة تتراجع هو تفكيرها الدائم بمحيطها الأسري والعائلي، على حساب طموحها، حيث تعتبر أن تحقيق الذات قد يؤثر على دورها المحوري داخل أسرتها الصغيرة، وبالتالي رعايتها للزوج والأولاد، و هو ما يدفعها للتراجع و الإيمان مسبقا بان دورها يقتصر فقط على البيت، و بالتالي فهي لا تملك الحق في تحقيق أحلامها والقيام بأعمال وإنجازات تطمح لها.

و أشارت بيبانو التي نالت وسام المكافأة الوطنية من الملك محمد السادس، الى أن تحرر المرأة يقتضي منها أن تعيش حياتها كما تريد، وفقا لقيمها و معتقداتها و أخلاقها، في إطار من التوافق ودون الإخلال بحرية الآخر.

و زادت قائلة"من خلال تجربتي الشخصية في السفر، تمكنت من تغيير رأي العديد من النساء الغربيات حول المرأة المسلمة، حيث كن يبدين اندهاشهن من كوني أعمل على تحقيق ذاتي من خلال تسلق القمم الجبلية كامرأة محجبة، حيث كنا يربطن في السابق بين المسلمة والتخلف والرجعية.

و حول الدافع الذي جعلها تعقد العزم على صعود قمة إيفرست، أعلى قمة في العالم، أشارت بيبانو إلى أن المسألة لا تتعلق بإثبات ذاتها و تفوقها على الجنس الآخر، خاصة أنها عاشت في إطار عائلي، لا يعترف بوجود فرق كبير بين الرجل والمرأة.

حلم تحول لحقيقة

و أفادت في تصريح لـ"إيلاف المغرب" أن صعود أعلى قمة في العالم كان بالنسبة لها حلما، راودها منذ أن تسلقت قمة توبقال في المغرب ، وهو ما جعلها تشعر بالحرية، وتسعى لاحقا لتحقيقه على أرض الواقع، دون أي خلفية تذكر، على الرغم من وجود سيدتين مغربيتين قامتا بتسلق إيفرست سنة 2017 في مقابل رجل مغربي واحد، وهو ما يشكل فخرا للنساء المغربيات".

و اعتبرت "قاهرة" جبال العالم أن القيود التي يفرضها المجتمع لم تمنعها من تحقيق حلمها، بل ساهمت في إذكاء الشعور لديها بإمكانية الوصول للهدف الذي حددته مسبقا نصب عينيها، ورفع علم المغرب.

و عن المشاكل والصعوبات التي اعترضتها خلال هذه التجربة، قالت بيبانو"الظروف المناخية القاسية من برد وعواصف كانت هاجسا بالنسبة لي، فضلا عن الجانب المادي الذي يخص مصاريف الرحلة".

و اعتبرت متسلقة الجبال أن شعورها بالوصول لقمة إيفرست يفوق الوصف والكلمات، بحيث لم تتبادر أي فكرة لذهنها، فهو شعور جميل يحس من خلاله المرء بالتواضع، و الحرية والتحرر من مختلف القيود التي تحيط به.

و عن نيلها الوسام الملكي، أضافت بيبانو لـ"إيلاف المغرب"كانت مفاجأة كبيرة ومفرحة جدا بالنسبة لي، لم أكن أتوقع الحصول عليه، حينها سألني الملك محمد السادس عن بداياتي في مجال تسلق الجبال و عما إذا كانت في المغرب".

و بشأن مشاريعها المستقبلية في تسلق أعلى القمم، صرحت أنها تستعد لتسلق أعلى قمة في القطب الجنوبي، أواخر العام الحالي.
و تميز اللقاء بعرض شريط قصير يوثق لتجربة بيبانو، بدءا من سفرها انطلاقا من المغرب و توديعها لأقاربها، إلى تحقيق مغامرتها بتسلق جبل إيفرست، أعلى قمة في العالم (8850 متروالواقع على الحدود بين نيبال والتبت، لتكون أول رياضية في المغرب وشمال إفريقيا تصل للقمة، والثانية بعد المغربي ناصر بن عبد الجليل الذي تسلق أعلى قمة في العالم سنة 2015.

نبذة

قامت بشرى بيبانو برحلات تسلق عديدة، إحداها في كليمنجارو، أعلى قمة بالقارة الإفريقية (5859 مترا) في مارس 2011، ومرتين بمون بلون، أعلى قمة في أوروبا الغربية (4880 مترا)، وجبل إلبروس (5642 مترا)، أعلى قمة في أوروبا شمال القوقاز في يونيو 2012، فضلا عن جبل أكونكاغوا (6962 مترا)، أعلى قمة بأميركا الجنوبية والواقع بين الأرجنتين والشيلي في يناير 2014.

ونجحت في تسلق جبل ماكينلي (6194 مترا)، أعلى قمة في أميركا الشمالية الواقع في وسط ولاية ألاسكا في يونيو 2014، بالإضافة إلى جبل بونكاك جايا بإندونيسيا، أعلى قمة في أوقيانوسيا والواقع في جزيرة غينيا الجديدة (4884 مترا) في نوفمبر 2015