قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن طائرات حربية قصفت الغوطة الشرقية مساء السبت بعد دقائق من موافقة مجلس الأمن الدولي على قرار يطالب بوقف إطلاق النار لمدة 30 يوما في سوريا.

وأضاف المرصد ومقره بريطانيا واثنان من سكان ضواحي محاصرة قرب دمشق، أن الطائرات قصفت بلدة الشيفونية في الجيب الخاضع للمعارضة المسلحة.

إلى ذلك، أكدت قال المتحدث باسم فيلق الرحمن التابع للجيش الحر وائل علوان، الالتزام الكامل والجاد بوقف إطلاق نار شامل، وتسهيل إدخال كافة المساعدات الأممية إلى الغوطة الشرقية استجابة لقرار مجلس الأمن رقم 2401 مع حقنا المشروع في الدفاع عن النفس ورد أي اعتداء.

وطالب علوان، جميع الدول المؤثرة الضغط على الجانب الروسي لتنفيذ كامل بنود اتفاق 16-08-2017.

الأمم المتحدة تطالب بالهدنة

واعتمد مجلس الامن الدولي بالاجماع السبت مشروع قرار يطلب وقف اطلاق نار في سوريا "في اسرع وقت" لمدة شهر لافساح المجال امام وصول المساعدات الانسانية فيما قتل نحو 519 مدنيا خلال سبعة ايام من القصف الذي ينفذه النظام السوري على الغوطة الشرقية، معقل فصائل المعارضة قرب دمشق.

ويطالب النص الذي عُدل عدة مرات "كل الاطراف بوقف الاعمال الحربية في اسرع وقت لمدة 30 يوما متتالية على الاقل في سوريا من اجل هدنة انسانية دائمة". 

والهدف هو "افساح المجال امام ايصال المساعدات الانسانية بشكل منتظم واجلاء طبي للمرضى والمصابين بجروح بالغة".

وقال السفير السويدي اولوف سكوغ الذي طرح مشروع القرار مع نظيره الكويتي منصور العتيبي "انه ليس اتفاق سلام حول سوريا، النص هو محض انساني". وقد تطلب النص اكثر من 15 يوما من المفاوضات للحصول على موافقة روسيا حليفة نظام الرئيس السوري بشار الاسد.

وخلال المفاوضات رفض الغربيون طلبا روسيا بان تحصل كل قافلة انسانية على موافقة من دمشق.

وهناك استثناءات من وقف اطلاق النار للمعارك ضد تنظيم الدولة الاسلامية والقاعدة. وبطلب من موسكو تشمل ايضا "افرادا آخرين ومجموعات وكيانات ومتعاونين مع القاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية وكذلك مجموعات ارهابية اخرى محددة من مجلس الامن الدولي".

وهذه الاستثناءات يمكن ان تفسح المجال امام تفسيرات متناقضة حيث ان دمشق تعتبر فصائل المعارضة المسلحة المدعومة من الغرب "ارهابية" كما لفت مراقبون. وبالتالي فان ذلك يهدد الاحترام الكامل لوقف اطلاق النار.

واثر طلب روسيا ضمانات، قرر مجلس الامن ان يجتمع مجددا لبحث الموضوع خلال 15 يوما لمعرفة ما اذا كان وقف اطلاق النار يطبق.

من جانب آخر، يدعو القرار الى "رفع فوري للحصار عن مناطق مأهولة بينها الغوطة الشرقية واليرموك والفوعة وكفريا".

وانتقدت السفيرة الاميركية لدى الامم المتحدة نيكي هايلي بشدة روسيا وتاخرها في الانضمام الى هذا الاجماع الدولي. 

من جهته رفض السفير الروسي فاسيلي نيبنزيا الانتقادات الاميركية مكتفيا بشكر المفاوضين وخصوصا الكويتي والسويدي.

- تفاقم المعاناة-

في هذا الوقت تفاقم حصار الغوطة الشرقية حيث قتل 519 مدنيا خلال سبعة ايام من القصف المكثف الذي ينفذه النظام السوري.

واعلن المرصد السوري لحقوق الانسان مقتل ما لا يقل عن 41 مدنيا بينهم ثمانية اطفال في القصف السبت، بعد غارات ليلية. واشار الى مشاركة طائرات روسية في عمليات القصف، الأمر الذي نفته موسكو.

وافاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن وكالة فرانس برس عن مقتل 519 مدنيا بينهم 127 طفلا منذ بدء قوات النظام تصعيدها في الغوطة الشرقية مساء الاحد. وقال ان "محرقة الغوطة الشرقية مستمرة، ويكاد القصف الهستيري لا يتوقف".

لكن اعلان مجلس الامن عن وقف لاطلاق النار في سوريا لم يبعث بامل لدى سكان الغوطة الشرقية.

وقال احد سكان بلدة دوما ويدعى ابو مازن (50 عاما) " نحن نسمع الآن بالقرار الذي صدر عن مجلس الامن و الطيران لا يزال يقصفنا في بلدة دوما".

واضاف "النظام ليس له عهد. انه نظام خيانة ونظام غدر، وإن كان قرارا صادرا عن مجلس امن. حاليا لا أحد قادر على إشعال ضوء او الخروج من الملجأ. اعتدنا على غدره وعلى غدر الروسي. لا روسيا لها امان ولا النظام له امان".

وتابع "هذا الكلام ذاته. بنود القرار ذاتها تكررت أكثر من مرة" مضيفا "لا أظن أن أي شيء من هذا القرار سينفذ. لن يلتزم في النظام ولا روسيا".

في دوما، قال مراسل فرانس برس ان جثثا كثيرة نقلت الى مشرحة تابعة لأحد المشافي الميدانية، وشاهد جثث ثلاثة أطفال على الأقل ملفوفة بقماش بني اللون وموضوعة داخل احدى غرف المشفى.

داخل المشفى، روى الممرض موفق (24 عاما) لفرانس برس أن رضيعاً يدعى عمران عمره أربعين يوماً أحضر الى المشفى بعد مقتل عائلته بأكملها جراء القصف. وقال "بحثنا له عن أم مرضعة ووجدنا سيدة موجودة عندنا منذ أربعة أيام بعدما ادى القصف الى بتر رجلها عند الركبة وهي ترضعه الآن".

- "لم نذق الطعام" -

بعد نحو أسبوع من التصعيد، يعيش المدنيون ظروفاً مأساوية ويواجهون صعوبة في تأمين الخبز والمواد الغذائية مع اقفال المحال أبوابها وعدم تمكنهم من الخروج من اماكنهم جراء كثافة القصف.

وتمكنت منظمات محلية السبت من توزيع وجبات تضم كمية صغيرة من الأرزّ المسلوق مع حبوب قليلة من البازلاء، بحسب مراسل فرانس برس.

وقالت محاسن وهي نازحة تقيم مع طفليها وزوجها الذي أصيب قبل يومين في مركز ايواء داخل قبو في دوما لفرانس برس وهي تبكي "منذ يومين لم نذق الطعام.. وهذان الطفلان يبكيان أمامي".

وتستهدف قوات النظام منذ الأحد المنطقة المحاصرة قرب دمشق بالغارات والقصف المدفعي والصاروخي الكثيف. ويتزامن التصعيد مع تعزيزات عسكرية في محيط الغوطة الشرقية التي تحاصرها قوات النظام بشكل محكم منذ العام 2013، تُنذر بهجوم بري وشيك.

وقال سالم أحد سكان مدينة دوما لفرانس برس بحرقة "لا أستطيع أن أصف ماذا يحصل في الغوطة الشرقية".

من جهته انتقد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان المجتمع الدولي على اكتفائه بـ"الادانات المعتادة" للنظام السوري. وقال في اثناء خطاب القاه السبت في عثمانية (جنوب تركيا) "هل رأيتم او سمعتم قبلا اي بلد يبدي ردا جديا على الوحشية المستمرة منذ أيام في الغوطة الشرقية؟"

- سيناريو متكرر -

يُذّكر ما يحصل في الغوطة الشرقية بمعركة مدينة حلب في العام 2016، التي انتهت بإجلاء آلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين من الأحياء الشرقية التي حوصرت لأشهر عدة، وذلك بعد هجوم بري وتصعيد عنيف للقصف.

وخلال اجتماع مجلس الأمن الخميس، وفي مداخلة استمرت عشرين دقيقة، قال المبعوث السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري "نعم، ستصبح الغوطة الشرقية حلباً اخرى".

ويتفق محللون على أن النظام السوري يتجه نحو الحسم في المنطقة التي تعد بمثابة خاصرته الرخوة، مع بقاء الفصائل المعارضة فيها وقدرتها رغم الحصار على استهداف العاصمة بالقذائف.

وتجدد السبت سقوط قذائف تطلقها الفصائل في الغوطة الشرقية على احياء في دمشق، ما ادى الى اصابة ستة مواطنين بجروح وفق ما نقل الاعلام الرسمي السوري.