موسكو: أعلنت وزارة الدفاع الروسية مساء الاثنين أن الجيش السوري سيعلق الضربات الجوية على منطقة الغوطة الشرقية خلال هدنة يومية مدتها خمس ساعات اعتبارا من الثلاثاء.

ونقلت وكالة "انترفاكس" الروسية عن الميجر جنرال يوري يفتوشينكو رئيس مركز المراقبة الروسية في سوريا قوله إن المركز سيقوم مع النظام السوري بإجلاء المرضى والمصابين من المنطقة.

وأضاف أن النظام السوري أعد "ممرا إنسانيا" لخروج المدنيين وأنه وزع منشورات بشأن تفاصيل الإجلاء.

وأعلنت روسيا عن "هدنة انسانية" يومية لخمس ساعات اعتبارًا من صباح الثلاثاء في الغوطة الشرقية المحاصرة، التي شهدت بعد ظهر الاثنين تراجعاً في حدة القصف بعد غارات أودت بحياة 22 شخصا.

ويأتي الاعلان الروسي بعد تبني مجلس الأمن الدولي السبت قرارا ينص على وقف شامل لاطلاق النار في سوريا "من دون تأخير"، لكنه لم يمنع خلال اليومين الماضيين استمرار قوات النظام استهدافها للمنطقة المحاصرة وإن بوتيرة أقل.

وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الاثنين أنه "سيتم اعلان هدنة انسانية يومية اعتباراً من 27 فبراير من الساعة 9,00 وحتى 14,00" في الغوطة الشرقية، موضحاً أن "ممرات انسانية" ستقام لافساح المجال امام اجلاء المدنيين.

واعتبر المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفن دوجاريك أن "خمس ساعات أفضل من لا شيء. لكن نريد أن نرى تمديداً لأي وقف للأعمال القتالية لثلاثين يومياً كما صدر عن مجلس الأمن".

وأكد "نحن جاهزون فور توفر الظروف الآمنة لسائقي الشاحنات وعمال الاغاثة للدخول إلى هذه المناطق".

ويطلب قرار مجلس الأمن الدولي من "كل الاطراف بوقف الاعمال الحربية من دون تأخير لمدة 30 يوماً متتالية على الأقل في سوريا من اجل هدنة انسانية دائمة" لافساح المجال أمام "ايصال المساعدات الانسانية بشكل منتظم واجلاء طبي للمرضى والمصابين بجروح بالغة". 

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الاثنين عن مقتل 22 مدنياً بينهم سبعة اطفال في قصف لقوات النظام. وبين القتلى تسعة أشخاص من عائلة واحدة تم سحب جثثهم من تحت أنقاض مبنى في مدينة دوما.

ولازم سكان دوما، وفق مراسل فرانس برس، الأقبية فيما خلت الشوارع الا من بضعة أشخاص خرجوا مسرعين بحثاً عن الطعام او للاطمئنان على اقاربهم.

ومنذ بدء التصعيد العسكري في 18 فبراير، وثق المرصد السوري مقتل أكثر من 560 مدنياً بينهم نحو 140 طفلاً. وترافق التصعيد مع تعزيزات عسكرية لقوات النظام في محيط الغوطة الشرقية تنذر بهجوم بري واسع. 

"لا نثق بالروس" 

وبعد الإعلان الروسي، توقفت الغارات الجوية بعد ظهر الاثنين لساعات قليلة وفق مراسل فرانس برس والمرصد السوري. وأفاد مراسل فرانس برس في دوما عن سقوط قذائف مدفعية متقطعة.

وعاودت الطائرات الحربية القصف مساء القصف، وفق المرصد، مستهدفة مناطق تقع قرب خطوط الاشتباك في شرق الغوطة الشرقية. وكانت موسكو أعلنت في وقت سابق أنها طرحت على الفصائل المعارضة إجلاء مقاتليهم من الغوطة الشرقية، إلا أن الجواب جاء بالرفض. 

ويأتي إعلان موسكو الجديد بعد أربعة ايام من تأكيد أبرز الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، وبينها جيش الاسلام وفيلق الرحمن، في رسالة مشتركة إلى الأمم المتحدة رفضها أي "تهجير للمدنيين أو ترحيلهم".

وسبق لروسيا أن أعلنت خلال معارك مدينة حلب (شمال) في العام 2016 هدناً انسانية مماثلة بهدف اتاحة المجال أمام سكان الأحياء الشرقية للخروج، لكن من غادروا كانوا قلة اذ عبر كثيرون عن شكوكهم بشأن الممرات التي حددت كطرق آمنة.

وانتهت معركة حلب باجلاء آلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين في ديسمبر . 

وقال أبو عدنان (26 سنة)، أحد سكان الغوطة الشرقية، لفرانس برس تعليقاً على الإعلان الروسي "اعتقد أنه لا جدوى من هذه الهدنة وهذا طرح فاشل"، مضيفاً "الروس دخلوا في الصراع، وبالتالي لا يمكن الوثوق بهم (...) وأي طرح من قبلهم هو طرح غير جدي".

"مسالخ بشرية"

وحض كل من الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني الاثنين على "تطبيق فوري" لقرار مجلس الامن.

وأبدى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الاثنين "مخاوف شديدة" ازاء استمرار الضربات على الغوطة الشرقية، مشدداً خلال اتصال اجراه بالرئيس التركي رجب طيب اردوغان على ان "الهدنة الانسانية تشمل مجمل الاراضي السورية بما فيها عفرين" غداة اعلان تركيا عزمها مواصلة هجومها في المنطقة ذات الغالبية الكردية.

ويستثني قرار مجلس الأمن العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة الاسلامية وتنظيم القاعدة وجبهة النصرة في اشارة الى هيئة تحرير الشام وكل المجموعات والاشخاص المرتبطين بها.

وتفتح هذه الاستثناءات الطريق امام تفسيرات متناقضة لا سيما أن دمشق تعتبر فصائل المعارضة "ارهابية"، ما من شانه أن يهدد الاحترام الكامل لوقف اطلاق النار.

وانتقد مفوض الامم المتحدة السامي لحقوق الانسان زيد رعد الحسين في جنيف الاثنين عدم التحرك حيال النزاعات في دول عدة بينها سوريا، معتبراً أنها "اصبحت مثل بعض المسالخ للبشر في العصر الحديث لانه لم يتم التحرك بشكل كاف لمنع هذه الاهوال".

وأصيب الأحد 14 مدنيا على الأقل بعوارض اختناق أدت الى وفاة احدهم وهو طفل عمره ثلاث سنوات، بعد قصف لقوات النظام وفق المرصد الذي لم يتمكن من تأكيد ما اذا كانت العوارض ناجمة عن تنشق غازات سامة.

واتهم فصيل "جيش الاسلام" قوات النظام باستخدام غاز الكلور، فيما اتهمت موسكو الفصائل "بالتخطيط لهجوم بمواد سامة بهدف اتهام القوات الحكومية".