تونس: أعلنت "هيئة الحقيقة والكرامة" في تونس المكلفة تقصّي انتهاكات حقوق الانسان التي شهدتها البلاد بين عامي 1955 و2013 الثلاثاء انها قررت تمديد عملها لغاية نهاية العام الجاري، معللة ذلك خصوصا بعدم التعاون الكافي معها من جانب "جزء كبير من مؤسسات الدولة".

وقالت الهيئة في بيان ان مجلسها "تداول في مسألة التمديد في مدة عمل الهيئة من عدمه، وانتهى إلى +اللجوء إلى التّمديد بسنة إضافية في عهدتها التي يخوله لها الفصل 18 من القانون الأساسي للعدالة الانتقالية، على أن تنهي الهيئة أعمالها يوم 31 ديسمبر 2018، وفق روزنامة محدّدة في الغرض+".

وبحسب قانون العدالة الانتقالية، تتمثل مهمة هيئة الحقيقة والكرامة في "كشف حقيقة انتهاكات حقوق الانسان" الحاصلة منذ الاول من يوليو 1955، أي بعد نحو شهر على حصول تونس على الحكم الذاتي من الاستعمار الفرنسي، وحتى 31 ديسمبر 2013 و"مساءلة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وتعويض الضحايا ورد الاعتبار لهم".

وصادق البرلمان التونسي على قانون العدالة الانتقالية في ديسمبر 2013. وأعطى القانون هيئة الحقيقة والكرامة مدة اربع سنوات قابلة للتمديد سنة واحدة لتفعيل العدالة الانتقالية.

وفي بيانها الصادر الثلاثاء أكدت الهيئة استحالة استكمال مهامها عند انتهاء السنة الرابعة لتشكيلها في نهاية مايو 2018 لأسباب عدیدة، أبرزها "امتناع جزء كبير من مؤسسات الدولة" عن تطبيق القانون المتعلق بالسماح للهيئة بـ"النفاذ إلى الأرشيف العمومي والخاص وخاصة منه ارشيف البوليس السياسي"، مشيرة الى ان "هذا التصرف (..) عطّل استكمال أعمال التقصّي المطالبة به الهیئة لكشف الحقیقة".

كما لفتت الهيئة الى "امتناع بعض المؤسسات عن (...) إصدار الأمر الخاص بصندوق الكرامة لجبر الضرر ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد".

وبحسب القانون فإن "الانتهاكات" المكلفة الهيئة بتقصي حقيقتها هي "كل اعتداء جسيم او ممنهج على حق من حقوق الانسان صادر عن أجهزة الدولة أو مجموعات أو أفراد تصرفوا باسمها أو تحت حمايتها" وكذلك ايضا "كل اعتداء جسيم وممنهج على حق من حقوق الانسان تقوم به مجموعات منظمة" مثل "القتل العمد والاغتصاب وأي شكل من أشكال العنف الجنسي والتعذيب والاختفاء القسري والاعدام دون توفر ضمانات المحاكمات العادلة"، اضافة الى "الفساد المالي والاعتداء على المال العام".

ومن الاسباب التي اوردتها الهيئة في بيانها لتعليل تمديد عملها "تعطیل آلیة التحكیم والمصالحة، بسبب التعاطي السّلبي للمكلف العام بنزاعات الدولة، والمماطلة في إبرام إتفاقيات التحكيم والمصالحة"، اضافة الى "تضاعف عدد الملفات المودعة لدیها (...) والذي تجاوز بكثیر التوقّعات الواردة بالمخطّط الاستراتیجي، من حوالي 30 ألفا إلى ما یزید عن 63 ألف ملف".

وخوّل "قانون العدالة الانتقالية" الذي أُحدثت بموجبه هيئة الحقيقة والكرامة، لجنة التحكيم والمصالحة "محاسبة" المتورطين في "الاعتداء على المال العام" وإبرام "صلح" معهم لكن شرط اعترافهم واعتذارهم للشعب كتابيا عن نهب تلك الاموال مع تحديد قيمتها.

ولفت مجلس الهيئة في بيانه الى انه قرر "التوجه إلى مجلس نواب الشعب قصد حثّ مؤسسات الدولة على تسهيل أعمال الهيئة وتذليل الصعوبات" عملا بأحكام الدستور، مشيرا الى انه قام فعلا بهذه الخطوة الثلاثاء في سبيل "إحداث لجنة برلمانیة خاصة للغرض تستعین بالجمعیات ذات الصلة من أجل تفعیل توصیات ومقترحات الهیئة".