قررت السلطات في مصر مقاطعة هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، وشنّت جهات وشخصيات رسمية وبرلمانية، منهم وزير الخارجية سامح شكري، هجومًا شرسًا عليها، بعدما بثت تقريرًا عن الاختفاء القسري، زعمت فيه سيدة مصرية اختفاء ابنتها جبرًا وتعرّضها للتعذيب والاغتصاب في السجون، ثم ظهرت الابنة على وسائل إعلام محلية مكذبة ما قالتها والدتها.

إيلاف من القاهرة: تتعرّض هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" لانتقادات شديدة في مصر، وصلت إلى حد اتخاذ قرار بمقاطعتها وإيقاف التعاون معها، على خلفية بث تقرير حول الاختفاء القسري في مصر، ثبت أنه يتضمن معلومات غير دقيقة.

نريد اعتذارًا ونشر الرد
دعت الهيئة العامة للاستعلامات، المسؤولين المصريين وقطاعات النخبة المصرية، إلى مقاطعة هيئة الإذاعة البريطانية bbc "حتى تعتذر رسميًا، وتنشر رد الهيئة على ما ورد في تقريرها المكذوب قبل يومين، بشأن مزاعم الاختفاء القسري في مصر".

وقالت الهيئة العامة للاستعلامات، في بيان لها مساء أمس الثلاثاء، إنه "استنادًا إلى المسؤوليات المنوطة بالهيئة العامة للاستعلامات تجاه المراسلين الأجانب المعتمدين لديها في مصر، وصورة مصر في الإعلام الدولي، والالتزام بالقواعد المهنية الصحافية والإعلامية المتعارف عليها عالميًا، دعا ضياء رشوان، رئيس الهيئة، جميع المسؤولين المصريين ومن يرغب من قطاعات النخبة، إلى مقاطعة هيئة الإذاعة البريطانية، والامتناع عن إجراء مقابلات أو لقاءات مع مراسليها ومحرريها، حتى تعتذر رسميًا، وتنشر رد الهيئة على ما ورد في تقريرها قبل يومين، وتضمن أخطاء وتجاوزات مهنية ومزاعم بشأن الأوضاع في مصر".

تعليق موقت
وأكدت الهيئة العامة للاستعلامات أن هذه المقاطعة لا تشمل ولا تمسّ حق "بي بي سي" وغيرها من وسائل الإعلام الأجنبية &المعتمدة في مصر، في الحصول على المعلومات والبيانات اللازمة لعملها، فهذا حق أصيل لها، وواجب على الاستعلامات تسهيل حصولها عليه.

وأصدر رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، حسين زين، قرارًا بتعليق أي تعاون إعلامي مع هيئة "بي بي سي" حتي إشعار آخر. وقال إن القرار يشمل تعليق كل أنواع التعاون الإعلامي من بروتوكولات واتفاقيات.

شنت شخصيات سياسية رسمية وبرلمانية رفيعة المستوى هجومًا حادًا على "بي بي سي"، وقال وزير الخارجية، سامح شكري، إن "التقرير الذي أعدته بي بي سي عن فتاة مصرية، قالت والدتها إنها مختفية قسريًا، يفتقر المهنية".

مؤامرة إخوانية
أضاف شكري أثناء كلمته أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان أمس الثلاثاء: "يؤسفني ما نلمسه أحيانًا من أداء إعلامي يفتقر المهنية ويستند إلى مصادر يثبت أنها مفبركة وكاذبة تحقيقًا لأغراض سياسية أو بحثًا عن السبق الصحافي، أسوة بما اتبعته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في الأسبوع الماضي في تقرير نشرته عن مصر، حيث ظهرت لاحقًا الفتاة التي ادّعى التقرير أنها تعرّضت للاختفاء القسري والتعذيب، نافية صحة ما تناوله التقرير بشأنها".

وقال النائب مصطفى الجندي، المستشار السياسي لرئيس البرلمان الأفريقي، إن ظهور الفتاة "زبيدة" في إحدى القنوات الفضائية يؤكد للرأي العام المصري والعالمي، أن "المؤامرات الخسيسة لا تزال مستمرة ضد مصر وشعبها، من قبل جماعة الإخوان الإرهابية".

أضاف الجندي، في تصريح له تلقته "إيلاف": "تقرير (بي بي سي) الذي بثته هيئة الإذاعة البريطانية عن الأوضاع السياسية في مصر وحقوق الإنسان والاختفاء القسري، ومنها حالة (زبيدة) كله أكاذيب وادّعاءات وافتراءات لا أساس لها من الصحة والواقع"، حسب قوله.

يتطلب محاكمة جماعية
ولفت الجندي إلى أنه بظهور "زبيدة" بالصورة التي بدت عليها وحديثها في برنامج "كل يوم"، مع الإعلامي عمرو أديب في أجواء أسرية طبيعية، تنتفي تمامًا صحة تقرير هيئة الإذاعة البريطانية حول الاختفاء القسري للمواطنة وتعرّضها للتعذيب، ويُكشف كذب ادّعاءات والداتها الإخوانية، ويقطع بارتكابها جريمة نشر أخبار كاذبة، بغرض الإساءة إلى الدولة المصرية، والاستقواء بالخارج بخلاف ارتكابها لجريمة البلاغ الكاذب عبر الإدّعاء أن ابنتها زبيدة تعرّضت للاختفاء القسري، وهو ما يتطلب، ليس محاكمة هذه السيدة فقط، ولكن محاكمة كل من شاركوا في هذه الجريمة النكراء".

وقال مساعد رئيس حزب حماة الوطن، اللواء محمد الغباشي، إن ظهور الفتاة "زبيدة" مع الإعلامي عمرو أديب، "يكشف حجم التآمر على الدولة المصرية الذي تمارسه هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، على حد تعبيره.

أضاف: "هناك قنوات وأبواق إعلامية، تعتمد على مصادر من عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي، وتتعمد الكذب والمغالطة وإظهار أي أخطاء، حتى لو كانت صغيرة، وتضخيم أي أحداث لإظهار الدولة المصرية بصورة سيئة أمام العالم".

فرقنا نزيهة
واعتبر أن تكرار هذه المغالطات له دلالة واضحة على أهداف هذه العناصر ضد الدولة المصرية، ويؤكد أنها تعمل في سياق ممنهج لتشوية سمعة مصر لمصلحة من يدفعون لها ولمصلحة عناصر التنظيم الدولي للإرهاب.

في المقابل، قال دافعت (بي.بي.سي) عن نفسها، وقالت: "نحن على علم بتقارير التلفزيون المصري بشأن قصة (بي.بي.سي) وتعليقات رئيس الهيئة العامة للاستعلامات. نحن ندافع عن نزاهة فرقنا للتغطية".

وكانت "بي.بي.سي" نشرت في الأسبوع الماضي فيلمًا وثائقيًا قصيرًا وتقريرًا يسلطان الضوء على ما قالت إنها حالات اختفاء قسري وتعذيب، نفذتها قوات الأمن، منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في 2014.

ظهرت الفتاة التي تدعى زبيدة، مع الإعلامي عمرو أديب في برنامجه، ونفت اعتقالها، مضيفة أنها متزوجة منذ عام في شارع المنشية في منطقة فيصل في محافظة الجيزة، وأنجبت ولدًا، يدعى حمزة، وتمارس حياتها الطبيعية بكل حرية ومن دون أي مضايقات.&