لندن: تعج الانترنت بالمواضيع المعادية للقاح، بما في ذلك الاكذوبة التي تربط اللقاح بمرض التوحد بوصفها مثالا على العلم المزيف أو العلم المحتال. فقبل 20 سنة نُشرت في مجلة لانسيت الطبية البريطانية المحترمة مقالة للطبيب البريطاني السابق اندرو ويكفيلد يربط فيها كذباً اللقاح الثلاثي ضد الحصبة والنكاف والحصبة الالمانية بمرض التوحد. 

ومرت زهاء 20 سنة قبل ان تعود معدلات التلقيح ضد هذه الأمراض في بريطانيا الى مستوياتها السابقة بسبب الاكذوبة التي روجها هذا الطبيب الممنوع من ممارسة المهنة بعد سحب ترخيصه بسبب "اهماله القاسي" للأطفال، الذين يسلم الآباء صحتهم بعهدته. 

والغريب أن اكذوبة العلاقة بين اللقاح ومرض التوحد ما زالت مستمرة ودفعت عدداً كبيرا من الألفيين، أي جيل الذين بلغوا سن الرشد في زمن الاكذوبة التي روجها ويكفيلد، الى الامتناع عن تلقيح اطفالهم في الولايات المتحدة. ولكن الامتناع عن التلقيح لا يقتصر على الحصبات والنكاف بل ان الانفلونزا تقتل نحو 300 طفل دون الخامسة في اميركا كل عام وزهاء 85 في المئة منهم لم يكونوا ملقحين وقت الوفاة. 

ما المطلوب لحماية الآباء والأطفال من هذا العلم المزيف؟

أولا ان الثقة ضرورية للقبول بالتدخلات الصحية مثل اللقاح. ونصيحة المهنيين الصحيين وخبرة العائلات والأصدقاء كثيراً ما تكون بالغة التأثير. ويمكن بناء الثقة بمرور الوقت كما أظهر مثال بريطانيا حين عادت الثقة باللقاح الثلاثي الى مستوياتها السابقة.

ثانياً، يجب على الأوساط الطبية أن تضاعف جهودها لضمان سلامة الأدلة التي تقدمها على جدوى التلقيح. ويجب ان تتحرك السلطات الصحية بسرعة لمواجهة الاحتيالات العلمية من النمط الذي ارتكبه ويكفيلد في بريطانيا.

ثالثاً، ان للاعلام المطبوع والمسموع والمرئي مسؤولية خاصة لتقديم تغطية واضحة مسنودة بالادلة. فإن هبوط الاقبال على التلقيح الثلاثي في بريطانيا بعد مقالة ويكفيلد تصاعد بدفع من وسائل اعلام بريطانية مؤيدة لاكذوبة ويكفيلد. وفي المقابل، أسهمت الصحافة الاستقصائية بقسط كبير في فضح زيف ادلة ويكفيلد لإعادة الثقة بالتلقيح الثلاثي. 

رابعاً، أن على المسؤولين في قطاع الخدمات الصحية ان يضمنوا تنفيذ السياسات التي تُعتمد في مجال الصحة العامة كما هو مخطط لها. وفي اميركا مثلا فإن تزايد الاصابات بالحصبة في ولايات عديدة كان بسبب التراخي في اشتراط تلقيح الأطفال قبل تسجيلهم في المدرسة. 

وأخيراً، في عصر الاعلام الاجتماعي وانعدام الثقة بالسلطات في احيان كثيرة وتزايد خطر الأوبئة يقع على عاتق الآباء والمربين دور بالغ الأهمية لمساعدة الأطفال في عمر مبكرة على تعلم مهارات التفكير النقدي والشك القائم على المعرفة لتمييز الحقائق التي تنقذ الأرواح عن الأكاذيب التي تزهقها. 

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "تايم". الأصل منشور على الرابط التالي:

http://time.com/5175704/andrew-wakefield-vaccine-autism/