خاص بإيلاف: بات لزاما في لبنان البحث عن تعبير أقوى من كلمة "فضيحة" لإستخدامه في اطار وصف حدث ما، فالملفات التي تُكشف يوما بعد يوم تثبت ان ما يحدث في هذا البلد أصبح يتجاوز الفضائح بأشواط.

في أواخر شهر نوفمبر من العام الماضي، إحتفى بلد الأرز "بإنجاز نوعي استباقي" لجهاز أمن الدولة في مجال التجسس المضاد بعد توقيف الممثل والمخرج والكاتب المسرحي زياد عيتاني بجرم التخابر والتواصل والتعامل مع إسرائيل، لتتوالى بعدها التسريبات التي جعلت من المخرج المسرحي قائدًا ومروجًا للتطبيع مع إسرائيل، ومُراقبًا لتحركات بعض السياسيين كنهاد المشنوق وعبد الرحيم مراد.

في لبنان المتهم مُدان حتى تثبت براءته

ولأن العمالة تعد من أسوأ الجرائم التي يرتكبها شخص ما، لم ينتظر أحد قرار المحكمة، خصوصا ان القاعدة في لبنان تقوم على ان المتهم مُدان حتى تثبت براءته لا العكس. رشق الجميع المخرج المسرحي بأقذع الأوصاف والنعوت، وتبرأ منه الكثير من أصدقائه، بالتزامن مع التحقيقات المسربة التي اضفت عناصر مشوقة حول كوليت فيانفي صاحبة القامة الممشوقة التي جندت عيتاني بعدما عمدت الى ابتزازه بصور وفيديوهات جنسية بحسب تحقيقات أمن الدولة.

أصدروا الحكم

أصدر السواد الأعظم من اللبنانيين حكمهم بحق عيتاني قبل ان يصل الى المحكمة، وذهب بعض المحللين السياسيين بإتجاه القول إن قانون العفو المنتظر سيشمل "العميل" عيتاني، قبل أن يبق وزير العدل السابق، اشرف ريفي، بحصة حركت المياه الراكدة بعدما قال في مقابلة له منذ شهر تقريبا بأن عيتاني بريء، وملفه مفبرك، وذهب ضحية تشابه الأسماء، لأن الشخص المطلوب الإيقاع به يحمل نفس الاسم وهو مقرب من ريفي، وبالتزامن كان الصحافي فداء عيتاني ينشر على مدونته ما حدث مع المخرج المسرحي منذ لحظة توقيفه، وكيفية تعرضه لتعذيب نفسي وجسدي للإعتراف بالتعامل مع إسرائيل.

البراءة

إثارة ريفي الموضوع إعلاميًا ساهمت في اعادة القضية الى المربع الأول، حيث قام فرع المعلومات بالتدقيق في داتا الاتصالات الخاصة بعيتاني، ليخرج وزير الداخلية بتغريدة نوعية ليل الجمعة وجه خلالها تحية الى المخرج الموقوف، حيث كتب يقول، "كل اللبنانيين يعتذرون من زياد عيتاني. البراءة ليست كافية. الفخر به وبوطنيته هو الحقيقة الثابتة والوحيدة. والويل للحاقدين، الأغبياء، الطائفيين، الذين لم يجدوا غير هذا الهدف الشريف، البيروتي الأصيل، العروبي الذي لم يتخلَّ عن عروبته وبيروتيته يوماً واحداً".

السبب "اعجاب"

وما ان نشر المشنوق تغريدته حتى خرجت اخبار تفيد، "بأن شعبة المعلومات استدعت المقدم سوزان الحاج على خلفية فبركة ملف زياد عيتاني للتحقيق معها، وذلك بعدما استخدمت هاكر، عمل على فتح حسابات وهميّة على موقع فايسبوك للإيقاع بعيتاني"، وذلك على خلفية قيامه بتصوير اعجاب وضعته الحاج التي كانت ترأس مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي.

تساؤلات

تصريح المشنوق أعطى صك البراءة لعيتاني، ولكن ما حصل فتح الباب أمام تساؤلات كبيرة، فهل بعض الأمنيين يسهرون على أمن الوطن أم على فبركة الملفات والايقاع بالمواطنين، ومن يعوض عيتاني الذي دُمرت حياته، فأصبح خائنًا بنظر زوجته وشعب دولته، وأيضا ما ذنب ابنته التي عُيّرت بوالدها "العميل" في مدرستها، وكم شخص يشبه عيتاني يقبع في السجن، وهل هكذا تُدار حروب التجسس المضاد مع جهاز الموساد، وكيف ستكون ردة فعل مسؤولي هذا الأخير عندما يرون ان جهازا امنيا يخلق لهم عملاء افتراضيين دون ان يعرفوا عنهم شيئًا بالأصل، وأخيرا هل قُدر الإنجازات النوعية في لبنان ان تكون مشابهة لبواخر الكهرباء، وارتفاع العجز، والنفايات التي تجتاح الشوارع والأزقة.