كابول: ليلة 20 كانون الثاني/يناير، صعد مقاتلو حركة طالبان الى غرف فندق انتركونتينتال في كابول وطاردوا النزولاء لحوالى 15 ساعة مستهدفين الاجانب بشكل خاص.

وفي كل طابق، انتقل المسلحون من غرفة الى اخرى، مطلقين النار على الأقفال الالكترونية لفتح الأبواب وقتل النزلاء المرعوبين.

وبعد حوالى سبعة أسابيع على الهجوم، الذي أسفر وفق حصيلة رسمية عن 25 قتيلا، في مقابل اكثر من 40 وفق مصادر أخرى، بينهم 15 اجنبيا، اعاد الفندق الفخم المبني على تلة مشرفة فتح أبوابه جزئيا أما النزلاء، وأتاح لوكالة فرانس برس زيارة الاماكن التي تضررت خلال الهجوم.

وتعرضت أربعة من الطوابق الستة لهجمات طالبان، التي ألقت قنابل يدوية واستخدمت أسلحة آلية وتسببت باندلاع حرائق كثيرة.

وفي اثناء الهجوم كانت تتردد في أرجاء الفندق وفي المصاعد كما قال مدير المبيعات والتسويق روح الله نواب، أنغام معزوفة "روميو وجولييت" في تناقض صارخ مع الدمار الذي حل في الممرات والغرف.

ولا تزال رائحة الحريق منتشرة في الطوابق العليا التي اكتست جدرانها وسجادها بالسواد وتحطمت مراياها تحت تاثير الرصاص.

ويغطي قماش بلاستيكي الأثاث المخزن في الغرف الأقل تضررا، فيما يعمل عمال على طلاء الجدران، واستبدال الأبواب والنوافذ وإصلاح المقابس الكهربائية.

ويقدر روح الله نواب ان إصلاح كل الأضراب التي لحقت بالفندق المملوك للحكومة ستستغرق خمسة اشهر وتكلف 40 مليون أفغاني (حوالى 600 الف دولار). 

غير انه سيحتاج وقتا أطول لاستعادة مكانته.

ليلة الهجوم، كان 173 نزيلا في هذا الفندق المؤلف من 200 غرفة، كما يقول روح الله نواب. ومنذ ذلك الحين، لم تحجز اي غرفة في الطابق الأول، الذي لم تلحق به اضرار.

وفي الطابق الأرضي، استأنف المطعم الذي أطلق فيه المهاجمون النار على الزبائن، نشاطه، واختفى اي اثر للمذبحة.

لكن مقصف الغداء، على رغم انواع السلطة والأطباق الساخنة التي يقدمها، لا يؤمه أحد، ويقول المسؤول عنه إن قلة جازفوا بدخوله منذ الهجوم.

- حسومات كبيرة -
وهكذا تراجعت عائدات الفندق، من اكثر من مليون أفغاني (11،600 يورو) يوميا قبل الهجوم، الى حوالى 50 الفا (580 يورو) بفضل بعض حفلات الزواج والاجتماعات الرسمية.

إلا ان فتح الله نواب يبدو واثقا من ان الفندق سيبقى مفتوحا، فهو "فندق تاريخي، الحكومة لن تقفله ابدا".

ولاجتذاب الجمهور، اطلق أنتركونتيننتال الذي افتتح في الستينيات، حملة ترويجية على شبكات التلفزيون الافغانية، يروي فيها تاريخه ويعرض حسومات تصل الى 50% على الوجبات والغرف والحفلات الخاصة.

وقال فتح الله نواب "نحتاج الى وقت حتى تعود الأمور الى مجراها".

وعلى عادتها، تعتصم السلطات بحبل الصمت حول ظروف الهجوم وعواقبه الذي اعلنت حركة طالبان مسؤوليتها عنه. ورفعت وزارة الداخلية تقريرها عن التحقيق الى الرئيس اشرف غني منذ ثلاثة اسابيع على الاقل، لكن لم تتسرب معلومات حول ما توصل اليه.

ولا يزال اثنا عشر شخصا وعناصر من الموظفين والأمن، مسجونين بتهمة التواطؤ مع حركة طالبان.

وروى نائب رئيس الشركة الأمنية للفندق الشهر الماضي لوكالة فرانس برس كيف أصدر المسؤول عن المبيعات في تلك الفترة وهو ما زال معتقلا، الأمر بالسماح لسيارة المهاجمين بالمرور من دون تفتيشها.

وقال "كنا نتلقى كل يوم هذا النوع من الرسائل من احمد حريص اياب".

وتحدث الزائرون ايضا عن عدم تفتيش الداخلين الى الفندق، فيما كانت بوابات التفتيش الالكترونية معطلة.

لكن شيئا لم يتغير منذ ذلك الحين، كما لاحظ مراسل وكالة فرانس برس خلال زيارته هذا الأسبوع.

ويقول روح الله نواب ان ادارة الفندق تنتظر تعليمات أجهزة الاستخبارات الافغانية لتشديد اجراءاتها.

وما زالت ذكرى الاعتداء حية في اذهان الموظفين الذين استأنفوا عملهم، فيما تحوم الشبهات حول بعض من زملائهم في تقديم المساعدة للارهابيين.

واوضح فتح الله نواب ان نادلين أنقذا نفسيهما من خلال القفز من النوافذ، ما زالا في المستشفى. وهو شخصيا نجا من الرصاص في المطعم.

وتساءل "انه لأمر صعب، لكن ماذا يسعنا ان نفعل؟"