دوما: حذرت الأمم المتحدة الجمعة من أن قافلة مساعدات معرضة "للخطر" جراء تجدد القصف على الغوطة الشرقية حيث تشن قوات النظام السوري هجوماً منذ نحو ثلاثة أسابيع تمكنت بموجبه من السيطرة على أكثر من نصف مساحة هذه المنطقة المحاصرة.

وجاء تجدد القصف بعد ليلة شهدت هدوءاً غير مسبوق منذ نحو اسبوعين، في خطوة رجح المرصد السوري لحقوق الانسان أن تكون "بادرة حسن نية" تزامناً مع مفاوضات محلية بين ممثلين عن النظام ومسؤولين محليين تجري "لوقف سفك الدماء" في الغوطة الشرقية.

وقال الممثل المقيم لأنشطة الأمم المتحدة في سوريا ومنسق الشؤون الإنسانية علي الزعتري في بيان "يعرض القصف قرب دوما في الغوطة الشرقية اليوم قافلة (المساعدات) المشتركة بين الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري للخطر، على رغم ضمانات السلامة من الاطراف وبينها روسيا".

وتعرضت أطراف مدينة دوما لخمس غارات على الأقل وفق المرصد بعد وقت قصير من دخول قافلة المساعدات المؤلفة من 13 شاحنة محملة بمواد غذائية. 

وتشن قوات النظام منذ 18 فبراير حملة عنيفة على مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، تسببت بمقتل أكثر من 940 مدنيا بينهم نحو مئتي طفل، بالاضافة الى اصابة أكثر من 4300 بجروح وفق المرصد.

وشنت قوات النظام هجوماً برياً موازياً للقصف الذي تشارك فيه طائرات روسية، تمكنت بموجبه وفق المرصد من السيطرة على أكثر من نصف مساحة المنطقة المحاصرة، حيث توشك على فصلها الى جزئين، شمالي يضم مدينة دوما والقرى التابعة لها وجنوبي تعد حمورية ابرز بلداته.

يأس وفقدان أمل

دخلت الاثنين أول قافلة منذ بدء التصعيد سلمت 247 طنا من المساعدات الطبية والغذائية الى مدينة دوما، لكنها اضطرت للمغادرة قبل ان تفرغ كامل حمولتها جراء القصف. ومنعت السلطات السورية القافلة من نقل بعض المواد الطبية الضرورية.

وفاقمت الحملة العسكرية المستمرة منذ نحو ثلاثة أسابيع من معاناة نحو 400 الف شخص تحاصرهم قوات النظام بشكل محكم منذ العام 2013.

ولم تحمل القافلة الجمعة أي مستلزمات طبية. وقالت المتحدثة باسم اللجنة في دمشق انجي صدقي لوكالة فرانس برس "لدينا أيضاً بعض المؤشرات الايجابية على أن (ادخال) قافلة أكبر مع امدادات اضافية تتضمن مواداً طبية قد تحصل الاسبوع المقبل".

وطالبت منظمة أطباء بلا حدود التي تدعم عشرين مستشفى وعيادة في الغوطة الشرقية، تعرض 15 منها للقصف، في بيان الجمعة، "جميع الأطراف المتنازعة ومؤيّديها" بـ"السماح بإعادة إمداد الأدوية المنقذة للحياة والمواد الطبية دون عوائق، وعدم إزالة المواد المنقذة للحياة من قافلات المساعدات" المتوجهة الى الغوطة الشرقية.

ويحتاج 700 شخص في المنطقة المحاصرة الى اجلاء طبي عاجل، وفق ما اعلنت الأمم المتحدة قبل أقل من اسبوعين.

وتعاني الكوادر الطبية أيضاً من نقص هائل في الأدوية والمستلزمات الطبية مع توافد الجرحى يومياً إلى المستشفيات. ويعمل الأطباء لساعات طويلة من دون توقف تحت القصف.

وقالت المديرة العامة لمنظمة أطباء بلا حدود ميني نيكولاي "بشكل يومي نلاحظ شعوراً متزايداً باليأس وفقدان الأمل، وما يفعله زملاؤنا الأطباء يفوق حدود ما يمكن لأي شخص القيام به. فقد استُنزفوا إلى درجة الانهيار إذ لا يحظون إلا بأوقات قليلة من النوم".

مفاوضات محلية

شهدت البلدات المحاصرة ليل الخميس الجمعة هدوءاً هو الأول من نوعه منذ بدء الهجوم البري على المنطقة، بحسب المرصد، بعد توقف الغارات وتراجع وتيرة المعارك الى حد كبير.

الا أن قوات النظام جددت صباح الجمعة شن غارات على مدينتي دوما وجسرين، تسببت باصابة 20 مدني بجروح وفق المرصد.

ووضع مدير المرصد رامي عبد الرحمن تراجع حدة الهجوم في اطار "بادرة حسن نية، على خلفية مفاوضات محلية تجري بين ممثلين عن قوات النظام ووجهاء من الغوطة الشرقية للتوصل الى حل لوقف سفك الدماء، إما عبر إخراج المدنيين أو إخراج المقاتلين".

وقال ناصر المعامري وهو شيخ عشيرة المعامرة في سوريا للصحافيين عند معبر مخيم الوافدين الخميس "نتواصل مع اهلنا في الغوطة" لافتاً الى أن "أكثر من 300 عائلة يتحدرون من كفربطنا وسقبا وحمورية يرغبون بالخروج".

ونقل مراسل فرانس برس في بلدة حمورية عن مصدر مفاوض من البلدة أن "وفداً مدنياً توجه لمفاوضة النظام للتوصل إلى حل ينهي ويوقف القتل ويضمن حياة المدنيين داخل البلدة".

وقال أبو رياض (٤٧ عاماً)، أحد سكان البلدة، "يكفي أن البيوت قد تدمرت ومن مات ليرحمه الله. يكفينا ما حدث، نريد أن ننقذ أولادنا وكل من لم يمت". 

وكان المرصد أفاد عن خروج "عشرات المواطنين في حمورية في تظاهرة رفعت الأعلام السورية، مطالبة بوقف القتل وإحلال السلم في الغوطة الشرقية".

وتسري في الغوطة الشرقية لليوم الحادي عشر على التوالي هدنة انسانية أعلنتها روسيا، تنص على وقف الاعمال القتالية لمدة خمس ساعات. ويتخللها فتح "ممر انساني" عند معبر الوافدين، الواقع شمال شرق مدينة دوما لخروج المدنيين.

واعلن الاعلام الرسمي السوري استحداث معبرين جديدين منذ الخميس، الأول جنوب الغوطة الشرقية قرب بلدة جسرين، والثاني في مدينة حرستا التي تسيطر قوات النظام على أجزاء منها.

ولم يسجل منذ بدء تطبيق هذه الهدنة خروج أي من المدنيين وفق المرصد.

واوردت وكالة الانباء السورية الرسمية سانا الجمعة "معلومات تتحدث عن خروج 53 مدنياً من الغوطة بينهم 13 مسلحاً من خلال الممر الامن المؤدي الى مخيم الوافدين فى وقت لاحق اليوم".