يعجز الرجال المكبوتون عاطفيًا الذين يخشون الجلوس مع أنفسهم والتركيز على مشاعرهم، أو مشاعر غيرهم، عن التعاطف مع الآخرين. لذا، يمكن أن تكون مشورة معالج نفسي مسألة مفيدة.

إيلاف من بيروت: حتى لو لم يعان الرجال أزمة عاطفية، فإنّ مقابلتهم معالجًا نفسيًا تفيدهم جدًا، إن كانوا قادرين على تحمّل تكلفتها طبعًا، كما تفيد شريكاتهم ومجتمعهم. فالرجال المكبوتون عاطفيًا الذين يخشون الجلوس مع أنفسهم والتركيز على مشاعرهم، أو مشاعر غيرهم، يمكن أن يفتقروا إلى القدرة على التعاطف مع الآخرين. ومن الممكن ألا يؤدّي ذلك إلى توتير العلاقات فحسب، بل أيضًا إلى عواقب كارثية لا بل عنيفة. أما أولئك الذين يعملون على كسر هذه العادة من طريق البحث عن المشورة العاطفية، فدورهم كبير في تحدي كراهية المرأة والتعاريف الجامدة للرجولية ونوع الجنس والثقافة التي تقوم بتطبيع العنف الجنسي.

يخبّئون ضعفهم

أشارت دراسة أجريت في عام 2014 في مستشفى سانت مايكل ومعهد العلوم التقييمية السريرية في تورونتو إلى أن النساء يملن إلى البحث عن المشورة النفسية خلال أزمة ما قبل الرجال. وبحسب دراسة نشرت في مجلة العلوم الاجتماعية والطب في عام 2012، فغالبًا ما يلجأالرجال إلى آليات المواجهة الخارجية مثل الكحول. ونتيجة لذلك، تعتبر النساء في معظم الأحيان مصلحات للمشكلات العاطفية، فيستوعبن مشاعر الجميع من حولهنّ.

في هذا السياق، تشير بيفرلي إنجل، وهي مستشارة في العلاقات الزوجية والأسريّة ومؤلفة كتاب Healing Your Emotional Self، إلى أهمية الاعتراف بالحواجز الاجتماعية والعاطفية المتعدّدة التي تمنع الرجال من البحث عن مستشار نفسي محترف، علمًا أن بعضها متأصل منذ الطفولة.

تقول إنجل: "يربّى الصبي أنه ينبغي ألا يبكي، لذلك يكبت مشاعره الأكثر ضعفًا. وفي معظم الثقافات، يربّى الذكور ليكونوا خشنين وأقوياء ويدافعوا عن أنفسهم. لذلك، يمكن أن يشعرهم العلاج بأنهم فشلوا، بطريقة أو بأخرى".

إضافة إلى ذلك، يمكن الأشكال التقليدية للعلاج بالتحدّث أن تكون مكلفة، ما يمنع الكثيرين من الخضوع لها، على الرغم من رغبتهم في ذلك.

يشعرون بالنفور والارتياب

ربما تولد مقابلة معالج نفسي مشاعر بعدم الثقة، اعتمادًا على الخلفية العرقية أو الإثنية للرجل. فعلى سبيل المثال، ربما لا يكون المعالج الأبيض حساسًا أو مدركًا للطرائق التي يمكن أن تؤثّر فيها العنصرية والعنف المنهجيين في رفاهية الشخص الجسدية والعاطفية، ما يجعلها تجربة منفرة. ممكن أن يُقال الشيء نفسه للأفراد الذين اختبروا الهجرة. فقد لا يرى بعض المعالجين بوضوح مشكلات القضايا الثقافية، وتعقيدات النمو مع أب مهاجر، أو مع أم مهاجرة.

هذا لا يعني أن أصحاب البشرة الملوّنة، يمكن أو ينبغي ألا يروا معالجين من ذوي البشرة البيضاء، بل المقصود أن لهذا الطب والعلاج النفسي تاريخ طويل في إنفاذ العنصرية، وأنه بالنظر إلى هذا التاريخ الذي لا يزال يؤثر على نوعية الرعاية الطبية التي يتلقاها العديد من أصحاب البشرة الملوّنة، فمن الطبيعي أن يرتاب بعضهم من هذه التجربة.

بعيدًا من الحواجز الاجتماعية، فمن الصعب أيضًا على الرجال أن يكونوا في مكان مناسب يدفعهم للانفتاح على فوائد العلاج. وكما يوضح المعالج الجنسي الدكتور جو كورت، فأول اتصال للرجل مع معالج محترف يكون في كثير من الأحيان بهدف تقديم المشورة للأزواج، ما قد يبدو وكأنه "مساحة متميزة للإناث".

تنمية الذكاء العاطفي لدى الرجال

وفقًا لإنجل، إذا كان الرجال قادرين على التغلب على هذه الحواجز، فربما يكون العلاج مساحة آمنة لهم للاعتراف بأوجه القصور والثغرات في الذكاء العاطفي أو التعاطف، والجلوس من دون الخوف من الحكم، أو القلق من الظهور بموقع الضعفاء.

في الواقع، أن يكون الرجل حساسًا تجاه مشاعر غيره وأن يفهم الإشارات الخارجية غير المعلنة تجعله شريكًا أكثر رومانسية وأكثر قدرة على التعاطف مع النساء عمومًا، كذلك تزيد جاذبيته الجنسية.

من الأمثلة الأخيرة على ذلك ما حصل مع الكوميدي عزيز أنصاري الذي فرض على المرأة التي خرج معها سلوكًا جنسيًا لم يُشعرها بالراحة، وتجاهل طلباتها اللفظية وغير اللفظية بأن يتوقف. بعد هذا الموعد، قالت الشابة التي كتبت عن هذه التجربة في مقالة، إنها راسلت أنصاري وأخبرته عن عدم ارتياحها. فردّ على رسالتها النصيّة قائلًا إنه "أساء فهم الأمور آنذاك".

بعد عاصفة التغطية الإعلامية التي أعقبت نشر المقال، أصدر أنصاري بيانًا أعرب فيه عن دهشته وانزعاجه من أن الشابة عانت بسبب هذا الموعد.

هذه الفجوة بين فهم الرضا الجنسي والقدرة على التعاطف هي نوع من الذكاء العاطفي الذي لا يتعلّم الرجال عادةً تقديره أو إعطاءه الأولوية، لكن يمكن في كثير من الأحيان أن ينمو بمساعدة معالج نفسي.

تصحيح الخلل

ينبغي ألا يعامَل الرجال كلهم باعتبار أنّهم يعانون أمراضًا نفسية، لكن ربما يكون مفيدًا لأولئك القادرين على الذهاب إلى معالج نفسي أن يتساءلوا عن مكانهم في ثقافة تقوم بتطبيع كراهية النساء وإساءة معاملتهنّ على المستوى الشخصي والمؤسسي، قد يعني هذا التشكيك في أنفسهم.

تقول إنجل: "إذا كان الرجال غير قادرين على التعاطف مع معاناتهم الخاصة، فمن غير المرجح أن يتعاطفوا مع معاناة الآخرين".

في كثير من الأحيان، تقع على عاتق النساء مهمة إيجاد حلول للتمزّق المجتمعي والقمع. والآن أكثر من أي وقت مضى، من المهم أن يجرّب الرجال العلاج، مرة واحدة في الأقل، بغضّ النظر عن حالة الصحة العقلية، من أجل تصحيح هذا الخلل.

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "كوارتز". الأصل منشور على الرابط:

https://qz.com/1221575/why-all-men-should-try-therapy-now-more-than-ever/