بيروت: باتت القوات التركية والفصائل السورية الموالية السبت على مشارف مدينة عفرين في شمال سوريا وسط استمرار المعارك العنيفة مع المقاتلين الأكراد، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ويأتي ذلك بعدما صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ان قواته تستطيع أن تدخل "في أي لحظة" مدينة عفرين، بل أنه صعّد أكثر السبت متوعداً بمحاربة الأكراد عند كامل المنطقة الحدودية مع سوريا وصولاً إلى القامشلي. 

وشنّت تركيا وفصائل سوريا موالية لها في 20 كانون الثاني/يناير هجوماً ضد منطقة عفرين تقول أنه يستهدف وحدات حماية الشعب الكردية التي تصنفها مجموعة "ارهابية". وتمكنت حتى الآن من السيطرة على أكثر من 60 في المئة من هذه المنطقة ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا.

وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس السبت "باتت القوات التركية على مشارف مدينة عفرين، بعد سيطرتها على اللواء 135" وهو معسكر تدريب لوحدات حماية الشعب الكردية وكان قبل ست سنوات مقراً لقوات النظام. 

وأضاف عبد الرحمن "باتت قوات النظام تبعد أقل من كيلومترين عن مدينة عفرين من الجهة الشمالية الشرقية" حيث تتواصل المعارك وسط قصف جوي ومدفعي. 

وشاهد مراسل لفرانس برس في المعسكر مقاتلين من الفصائل المعارضة ينقلون أسلحة استولوا عليها من رشاشات ثقيلة ومتوسطة وذخيرة.

وتدور معارك عنيفة أيضاً على جبهات أخرى في عفرين "في محاولة من قبل القوات التركية والفصائل تحقيق المزيد من التقدم بهدف محاصرة المدينة"، بحسب عبد الرحمن.

وأكدت الفصائل السورية الموالية لتركيا في بيان سيطرتها على تلة مهمة جعلت مدينة عفرين "مكشوفة" أمامها من الجهة الشرقية. 

من منبج إلى القامشلي

وكانت القوات التركية حققت تقدماً ملحوظاً الخميس بسيطرتها على بلدة جنديرس الاستراتيجية في جنوب غرب عفرين.

وتعد جنديرس أكبر بلدة تمكنت القوات التركية من السيطرة عليها في منطقة عفرين منذ بدئها في 20 كانون الثاني/يناير عملية "غصن الزيتون" التي تقول انها تستهدف المقاتلين الأكراد الذين تصنفهم أنقرة بـ"الارهابيين".

وبعد إعلانه أن هدف قواته هو مدينة عفرين التي يمكن دخولها في أي لحظة"، أعلن أردوغان السبت "عندما نطرد الارهابيين (من عفرين) سنخرجهم من منبج وعين العرب وتل ابيض ورأس العين والقامشلي".

وتخشى تركيا إقامة حكم ذاتي كردي قرب حدودها مع سوريا قرب حدودها، وتتهم وحدات حماية الشعب الكردية بأنها مجرد امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي يقود تمرداً ضدها على أراضيها منذ عقود.

ويتصدى المقاتلون الأكراد الذين أثبتوا فعالية في قتال تنظيم الدولة الإسلامية، للهجوم التركي لكنها المرة الأولى التي يتعرضون فيها لعملية عسكرية واسعة بهذا الشكل مع قصف جوي.

وطلب الأكراد من دمشق التدخل، وبعد مفاوضات دخلت في 20 شباط/فبراير قوات محدودة تابعة للنظام انتشرت على جبهات عدة، ولم تسلم من القصف التركي.

كما أعلنت قوات سوريا الديموقراطية الاثنين عزمها نقل 1700 من مقاتليها من المعارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية في شرق البلاد إلى منطقة عفرين دعماً للمقاتلين الأكراد.

وأمام التقدم التركي، أشار عبد الرحمن إلى "مخاوف كبيرة" لدى المدنيين في مدينة عفرين، التي ليس لديها سوى منفذ واحد يمر عبر بلدتي نبل والزهراء حيث تفرض قوات النظام سيطرتها.

ونشرت قوات النظام خلال اليومين الماضيين عناصر في قرى يسيطر عليها مقاتلون أكراد قرب نبل والزهراء.

وأوضح عبد الرحمن أن "قوات النظام نشرت دفاعات جوية في المنطقة لحماية مناطق سيطرتها في شمال حلب". 

ودفع الهجوم التركي آلاف الأشخاص للنزوح خصوصاً من المنطقة القريبة من الحدود، وتوجه كثيرون منهم إلى مدينة عفرين، وآخرون لجأوا إلى مناطق محاذية تحت سيطرة قوات النظام.

وشاهد مراسل فرانس برس مدنيين ينزحون من قرية سيطرت عليها القوات التركية والفصائل الموالية لها، وأثناء سيرهم انفجر لغم في الأرض أسفر عن اصابة أطفال وامراة بشظايا.

ومنذ بدء الهجوم التركي، وثق المرصد السوري مقتل اكثر من 200 مدني في منطقة عفرين. وتنفي أنقرة استهداف المدنيين وتقول إن عمليتها موجهة ضد مواقع وحدات حماية الشعب الكردية.

كما قتل أكثر من 370 مقاتلاً كردياً ونحو 340 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا، بحسب المصدر ذاته.

وأحصت تركيا مقتل 42 من جنودها على الاقل منذ بدء هجومها.