رغم ما كشف عن ضلوع وزير التجارة العراقي السابق بقضايا فساد، إلا أن حكومته أكدت اليوم إصرارها على ترشيحه لمنصب الأمين العام المساعد للجامعة العربية، رافضة ما أسمتها حملة إعلامية تبث معلومات كاذبة ومضللة ضده، مهددة بملاحقة قضائية لمن يحاول تشويه الحقائق والإساءة إلى جهودها.

إيلاف: قالت وزارة الخارجية العراقية إنه سبق وأن تم ترشيح صفاء الصافي لمنصب الأمين العام المساعد للجامعة العربية، وتم التصويت على الترشيح بالإجماع في مجلس المندوبين للجامعة العربية، كما رفع مشروع القرار عبر مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية، ثم تم تأجيل التصويت من قبل مجلس وزراء الخارجية العرب، بناء على رغبة ورجاء الأمانة العامة للجامعة العربية إلى حين استكمال الإجراءات الشكلية والقانونية، وتم تخويل مجلس المندوبين بعقد جلسة استثنائية لغرض المصادقة على تعيين أمين عامين مساعدين عراقي وكويتي.

وأشار أحمد محجوب المتحدث الرسمي باسم الخارجية العراقية في تصريح صحافي تابعته "إيلاف" الأحد إلى أن الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط ومجموعة من وزراء الخارجية العرب قد أكدوا أن هذا المنصب سيكون من حصة العراق. وأعلن الرئيس الدوري للمجلس أن الأمانة ملزمة باستكمال الإجراءات الشكلية والقانونية في موعد أقصاه شهر أبريل المقبل، وقد تمسك العراق بمرشحه، ورفض أية محاولة لسحب الترشيح.

وشدد محجوب على أن الخارجية العراقية "متمسكة بمرشحها، وقد قدمت مذكرة بهذا الخصوص إلى الجامعة، ولذا فإن أي حديث عن سحب مرشح العراق من شغل هذا المنصب هي محاولة للإساءة إلى العراق، متمثلًا في وزارة الخارجية، عبر حملة إعلامية تبث معلومات كاذبة ومضللة، وإن الخارجية ستلاحق قضائيًا من يحاول تضليل الرأي العام أو تشويه الحقائق والإساءة إلى جهودها". 

صفاء الدين الصافي

وكانت الخارجية العراقية قد أعلنت في الخامس من الشهر الحالي عن تسمية وزير الدولة والتجارة السابق صفاء الدين الصافي أمينًا عامًا مساعدًا للجامعة العربية. وأوضحت أن "تعيين الصافي قد تم بعد الجهود الدبلوماسية الحثيثة للوزارة، وبالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس والوزراء، والتي تكللت بالوصول إلى هذا المنصب العربي الرفيع في الجامعة العربية".

اتهامات بالفساد للمرشح العراقي
جاء هذا الترشيح للصافي، برغم توجيه تهم بالفساد إليه تعود إلى عام 2012 حين حمّلته لجنة النزاهة في البرلمان العراقي في سبتمبر من ذلك العام مسؤولية تسريب 258 ألف طن من الشاي التالف المسبب للسرطان إلى الأسواق المحلية في بغداد.

كما وجّهت إلى الصافي مذكرة اعتقال ثانية بتهمة الفساد في ما يتعلق بسلف مالية لموظفي وزارة التجارة العراقية مع مسؤولين آخرين في الوزارة في حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.. وأيضًا هناك قضية فساد أخرى متهم فيها الصافي تتعلق باستيراد زيت فاسد بقيمة 55 مليون دولار في البصرة.

ملفات الفساد الثلاثة هذه لم تغلق برغم تحويل مذكرة اعتقال بحق الصافي إلى استدعاء.. ومنذ عام 2011 تم تعطيلها أو تجميدها، وهناك ثلاثة موظفين ما زالوا ممنوعين من السفر بقرار قضائي يتعلق بقضية فساد الصافي. 

شغل صفاء الدين الصافي، المعروف بعلاقته الوثيقة مع المسؤولين الإيرانيين، وخاصة ضابط "فيلق القدس" الإيراني والسفير السابق لطهران في بغداد حسن دنائي فر، منصب وزير التجارة بالوكالة، بعد استقالة الوزير السابق عبد الفلاح السوداني عام 2009 إثر الحكم عليه بالسجن سبع سنوات لإدانته بقضايا فساد من قبل لجنة النزاهة البرلمانية، والتي هرب على أثرها من العراق إلى بريطانيا، حتى ألقت الشرطة الدولية "الأنتربول" القبض عليه في بيروت في الشهر الماضي، ورحّلته إلى بغداد المعتقل فيها حاليًا.

يشار إلى أن الصافي قد لعب أثناء توليه حقيبة التجارة، ومن قبلها وزير الدولة في حكومة المالكي السابقة، دورًا في عقد صفقات تجارية كبيرة مع مصر، التي يقيم فيها حاليًا منذ عام 2014، بعد تشكيل الحكومة العراقية الحالية برئاسة حيدر العبادي.

صفقة سياسية
من جهته كشف النائب عن التحالف الشيعي علي البديري عن صفقة سياسية، قال إن الصافي عيّن من خلالها في منصب أمين عام مساعد لجامعة الدول العربية.

أضاف البديري، وهو قيادي في حزب الدعوة تنظيم الداخل، إن "تقديم العراق للصافي المتهم بقضايا فساد كبيرة وخطيرة إلى منصب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، لكونه يملك ملفات فساد أيضًا تتعلق بأصحاب القرار في العراق، والذين هم من يقودون الحكومة الآن". 

وأوضح في تصريح لوكالة "بغداد اليوم" الإخبارية أن "الصافي ساوم هؤلاء، إما أن يمنحوه منصبًا أو أن يعلن عن ملفات الفساد التي يملكها ضدهم".

أضاف أن "هؤلاء بفعلتهم هذه أخزوا العراق أمام المجتمع العربي، فهم نصّبوا شخصًا فاسدًا في مؤسسة تمثل الدول العربية، وهذا سيعطي مؤشرًا سلبيًا إلى العراق والعراقيين أمام المجتمع الدولي".

وكانت أوساط سياسية وإعلامية عراقية قد اعتبرت أيضًا تسمية الصافي أمينًا عامًا مساعدًا للجامعة "خطأ كبيرًا، لكونه متهمًا بالفساد داخل بلده، وله طروحات تتنافى مع المبدأ الذي قامت على أساسه الجامعة العربية".