القاهرة: مع وقوف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أعتاب الفوز بولاية رئاسية ثانية في انتخابات هذا الشهر، لا يبدو من تبقى من معارضيه في موقع القيام بأي شيء او الادلاء باي تعليق حول الولاية الثانية من اربع سنوات المرتقبة.

اليوم، أقصى ما يمكن لهم أن يأملوا به ينحصر في الدعاء لكي يتنحى عن منصبه في العام 2022، بعد زوال شبه تام للمعارضة في فترة حكم السيسي الأولى. 

وفي الفترة التي سبقت الانتخابات المقررة في 26 مارس، تم استبعاد المرشحين المحتملين الواحد تلو الآخر. والمرشح الوحيد الذي سينافس السيسي هو موسى مصطفى موسى المعروف بموالاته للسيسي. وقد دخل السباق في اللحظات الاخيرة، في ما بدا محاولة للابعاد انطباع حول عودة بالزمن إلى استفتاءات الحكام المستبدين.

وقال السيسي في خطاب ألقاه في يناير الماضي بعد توقيف أحد منافسيه سامي عنان إثر إعلان ترشيحه، "ما حدث منذ سبع أو ثماني سنوات لن يتكرر مجددا في مصر (في إشارة الى ثورة يناير 2011)، يبدو أنكم لا تعرفونني". وضحك ساخرا.

ويشاطر العديد من المصريين، لا سيما منهم مؤيدو السيسي، الرئيس، هذا الرأي، بعد سلسلة الاضطرابات التي أعقبت تظاهرات2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك.

المصلحة العليا

وكان السيسي، وزير الدفاع السابق، انتخب للمرة الأولى في عام 2014 بعد عام من الاطاحة بسلفه الرئيس الاسلامي محمد مرسي. ومرسي هو أول رئيس مدني يتم انتخابه بحرية في البلاد، لكن سياساته أثارت انقسامات واحتجاجات ضخمة في البلاد.

ومنذ عزل مرسي والبلاد تواجه هجمات من إسلاميين متطرفين تسببت في قتل المئات. واعتمدت الحكومة إصلاحات اقتصادية كانت أرجئت طويلا، لكن تطبيقها أدى إلى تضخم هائل في الاسعار.

ويقول مصطفى الفقي، أحد كبار مؤيدي الحكومة ورئيس مكتبة الإسكندرية، "الأولوية هي لإصلاح الاحوال وليس بالضرورة ان يحدث بالمعايير التقليدية الديمقراطية". ويتابع "هذه أولويته، وهذه هي المصلحة العليا للشعب المصري. انا ومعظم الشعب المصري نرى انه ماض على الطريق".

ولكن يبدو من الصعب التأكد مما يعتقده معظم المصريين، في ظل ندرة استطلاعات الرأي المستقلة وقيام الإعلام المحلي بالاشادة بإنجازات السيسي في وقت تراجع النقد الموجه اليه. ولا تبدي الاجهزة الامنية التابعة للسيسي تساهلا مع المعارضين، وتقلص هامش التعبير عن الرأي عما كان عليه قبل 2011.

ويقول المعارض البارز خالد داوود إن المعارضة، وهي مجموعة من الأحزاب والمجموعات الصغيرة التي تملك تأثيرا محدودا جدا في الشارع، تحاول في الوقت الراهن، فقط أن "تحافظ على جودها".

ويأمل محمد أنور السادات الذي انسحب من السباق الانتخابي في يناير مشيرا الى قيود، أن يبدأ السيسي إصلاحات ديمقراطية في ولايته الثانية "والاخيرة"، إذ لا يسمح الدستور بأكثر من ولايتين للرئيس.

ويقول السادات "أنا أتصور أنها فرصة ذهبية للرئيس أن يبدأ التعامل مع الملف السياسي والإصلاحات الاقتصادية، وأن يعمل على بناء مؤسسات حقيقية". وكان مرشحان منافسان من العيار الثقيل ترشحا بداية الى الانتخابات: رئيس أركان الجيش السابق عنان الموقوف حاليا، ورئيس الوزراء السابق أحمد شفيق.

وتم ترحيل الأخير من منفاه في الإمارات العربية المتحدة بعد إعلان ترشحه، واقتاده فور وصوله إلى القاهرة مسؤولون من الحكومة إلى فنق مكث فيه حتى تراجع عن قرار خوض الانتخابات.

وحكم على عقيد آخر في الجيش بالسجن لمدة ست سنوات لإعلانه الترشح للانتخابات الرئاسية بينما لا يزال ضابطًا.

أمر وجودي

ويقول السادات إن السيسي كان ليفوز على الأرجح حتى مع وجود شفيق وعنان في السباق. ولكنه يرى أن "الخوف إذا كان هناك منافسون حقيقيون، وربما مناظرة على بعض القضايا والأولويات خاصة المشروعات القومية، ان يكون هناك نقاش، وهذا النقاش اعتقد انهم لم يرغبوا في أن يحدث في هذه الفترة".

ويقول مايكل وحيد حنا من مؤسسة "سنتشري" للأبحاث "النهج واحد من عدم التسامح"، متابعا "نظام السيسي لن يسمح بوجود مساحة يمكن أن تسمح للقوى السياسية بأن تكبر وتكتسب الثقة".

وغالبا ما يصور السيسي وأنصاره مصر كضحية لمؤامرة أجنبية، أطرافها وفقا للنظرية، تشمل كل ما له علاقة بتنظيم الدولة الاسلامية وجمعيات المجتمع المدني الممولة من الخارج وصولا إلى وسائل الإعلام الأجنبية من حين لآخر.

وفي أعقاب الإطاحة بمرسي، نفذت السلطات حملة عنيفة ضد أنصاره أسفرت عن مقتل وسجن المئات، وانتهت بالتخلص من حركة الإخوان المسلمين. وقررت واشنطن على إثرها فرض عقوبات على مصر من خلال تعليق المساعدات العسكرية.

وتقول مسؤولة سابقة في إدارة باراك أوباما إن مثل هذا اللوم الدولي بسبب حملات القمع ضد المعارضين أو جمعيات المجتمع المدني ليس له تأثير يذكر على السيسي.

وتضيف، وقد فضلت عدم الكشف عن هويتها، "انهم يعتقدون أن الدولة ستنهار"، مشيرة إلى "إنه أمر وجودي بالنسبة لهم ويمكن التضحية بأي شيء تقريبا (من أجل تجنب ذلك). وفي هذه الحالة من الصعب جدا أن يكون للنفوذ الخارجي دور كاف".