نصر المجالي: دعا أكاديمي وباحث أردني في شؤون لمجتمع المدني إلى ضرورة الاستمرار في تطبيق نظام كوتا المرأة وخاصة في دوائر المدن الكبرى، وجاءت الدعوة خلال لقاء في منتدى الفكر لعربي في عمّان لمناقشة حول أثر الأنظمة الانتخابية الأردنية على ترشح المرأة وتمثيلها في المجالس النيابية.

وناقش لقاء منتدى الفكر العربي، مساء الأحد، موضوع أثر الأنظمة الانتخابية على ترشح المرأة الأردنية وتمثيلها في المجالس النيابية خلال الأعوام 1989 - 2016. 

وقدم الأكاديمي والباحث في شؤون المجتمع المدني د. أسامة تليلان محاضرة تناولت نتائج دراسته حول هذا الموضوع؛ مبيناً أن هناك علاقة واضحة بين نوع النظام الانتخابي وزيادة نسبة تمثيل المرأة في البرلمان، في حين لم يتضح وجود علاقة كافية بين نوع النظام الانتخابي وزيادة نسبة المرشحات في الانتخابات. 

وقاال إن أفضل نسب تمثيل المرأة في البرلمان جاءت بالترتيب عبر نظام التمثيل النسبي المفتوح وفي الدوائر ذات المقاعد الكثيرة، ثم نظام التمثيل المختلط، وأن أقل نسبة جاءت من خلال النظام الأغلبي الفردي. 
وأشار د. تليلان إلى أن نتائج دراسته بينت ارتفاع نسبة ترشح النساء بشكل كبير في انتخابات عام 2007 لتبلغ أعلى نسبة في كافة الدورات الانتخابية الثمانية خلال 27 عاماً الماضية. 

كما لاحظت الدراسة ارتفاع هذه النسبة في انتخابات عام 2010 لتصل إلى حدود 17% ، رغم أن هاتين الدورتين أجريتا بموجب نظام انتخابي أغلبي لم يشجع النساء على الترشح في الدورات السابقة.

نظام الكوتا

ونوه الأكاديمي تليلان إلى أن تفسير هذه الحالة قد يعود إلى أن إقرار نظام كوتا المرأة بدأ عام 2003 حيث وصلت ست مرشحات في انتخابات عام 2003 إلى المجلس النيابي عبر نظام الكوتا، الأمر الذي شجع النساء على الترشح بصورة كبيرة في الانتخابات التي تلتها عام 1997. 

وتابع: تم أن انتخابات عام 2010 أجريت بموجب قانون انتخاب رفع عدد مقاعد كوتا المرأة إلى 12 مقعداً، الأمر الذي شجع النساء أيضاً على الترشح بصورة كبيرة للانتخابات لشعورهن بزيادة فرصهن بالوصول إلى المجلس النيابي. عدا إدراك المرأة أن النظام الأغلبي الفردي دون كوتا لم يكن يساعد على وصولها إلى المجالس النيابية. وهنا في هذه الدراسة، يبدو أن نظام الكوتا وليس نوع النظام الانتخابي كان له تأثير على تغير نسبة ترشح المرأة للانتخابات. حيث شهدت أعداد المرشحات زيادة كبيرة بعد إقرار نظام كوتا المرأة اعتبارا من عام 2003 في إطار النظام الأغلبي الفردي.

عامل مساعد

كما جاء في الدراسة أن الكوتا في ظل النظام الأغلبي الفردي شكلت عاملاً مساعداً ومحفزاً على زيادة أعداد المرشحات، إلا أنها لم تكن عاملاً حاسماً في زيادة نسبة تمثيل المرأة خارج إطار نسبة تمثيل الكوتا في المجلس النيابي، حيث لم تتمكن سوى مرشحة واحدة من الفوز عبر التنافس الحر أي خارج إطار الكوتا في الدورات الانتخابية عامي 2007 و 2010 رغم زيادة نسبة أعداد المرشحات بصورة فارقة وكبيرة، في حين فازت ثلاث مرشحات عبر التنافس الحر عام 2013 في إطار النظام الانتخابي المختلط رغم أن نسبة المرشحات كانت اقل من عام 2007 وعام 2010، وفازت خمس مرشحات عبر التنافس الحر في إطار نظام التمثيل النسبي عام 2016.

كما لاحظت الدراسة أنه حتى في القوائم الانتخابية التي شكلتها الأحزاب وفي القوائم الأخرى، بأن اعداد المرشحات كانت قليلة بالمقارنة مع المرشحين في انتخابات عام 2013 ولم تحظ بمواقع متقدمة ومنافسة في ترتيب المرشحين في القوائم. وأنه في انتخابات عام 2016 استطاعت المرأة الفوز بمقعد عبر التنافس الحر في كافة الدوائر التي وصل عدد مقاعدها إلى عشرة مقاعد، في حين فازت بمقعد واحد في دائرتين من أصل 23 دائرة انتخابية لم يتجاوز عدد مقاعدها السبعة مقاعد. وأن الفائزات بمقعد عبر التنافس الحر في إطار النظام الأغلبي هن من المرشحات المعروفات اللاتي شغلن مواقع عامة، في حين أن الفائزات عبر نظام التمثيل النسبي باستثناء فائزة واحدة لم تكن من اللاتي شغلن مواقع عامة سابقة.

التمثيل النسبي

وقال د. أسامة تليلان: إنه رغم أفضلية نظام التمثيل النسبي بالنسبة لتمثيل المرأة حسب ما ظهر في نتائج الدراسة إلا أن أعلى نسبة تمثيل حققتها المرأة من خلال هذا النظام من خلال التنافس الحر بلغت 3,8% فقط، وهذا يشير أولا إلى ضرورة الاستمرار في تطبيق نظام كوتا المرأة في الدورات القادمة، وثانياً بما أن قانون الانتخاب ونظام تقسيم الدوائر الانتخابية اتجها نحو توسيع الدائرة الانتخابية بحيث أصبحت المحافظات دائرة انتخابية واحدة باستثناء عمّان والزرقاء واربد، فقد أوصت الدراسة بتوسيع نظام كوتا المرأة في هذه الدوائر بحيث يخصص مقعد للمرأة في كل دائرة انتخابية ضمن هذه المحافظات، ووضع معايير ومزايا لتمثيل المرأة في القوائم.

كلمة أبو حمور

وكان الدكتور محمد أبو حمور الذي أدار اللقاء، أشار في كلمته التقديمية إلى أن هذا اللقاء بمناسبة يوم المرأة العالمي (8 آذار) يأتي تقديراً لإنجازات المرأة ومشاركتها في الحياة العامة واحترام مكانتها ودورها الإنساني والتنموي. 

وقال: إن الأرقام والنسب قد تكون غير كافية وحدها لتشخيص المشكلات والواقع، لكن الأرقام تعطي مؤشرات ضرورية نحو فهم هذا الواقع والحقائق. وأضاف: إن هناك مؤشرات متفاوتة لمشاركة المرأة الأردنية في الحياة العامة، ومن الضروري ونحن نجتاز مفاصل التحول الديمقراطي أن يكون لدينا المزيد من الدراسات والتحليلات حول كافة قطاعات مشاركة المرأة في مؤسسات المجتمع المدني ومواقع المشاركة في صنع القرار، في إطار ما أوضحته الرؤية الملكية السامية في الأوراق النقاشية من تحسين فرص المشاركة أمام المرأة والشباب.

 كما أشار إلى أن الحركة النسائية الأردنية حركة عريقة والمرأة الأردنية قدمت الكثير في المسيرة الوطنية منذ عقود طويلة، وكانت في مقدمة العمل الوطني جنباً إلى جنب مع الفعاليات الأخرى في الحفاظ على هوية المجتمع وكيان الوطن، وتولَّت مواقع قيادية متقدمة وزارية ونيابية وفي مختلف مجالات التنمية، ولا سيما في التعليم والعمل الاجتماعي والخدمات الصحية، وحتى في ميدان المال والبنوك، حيث تبين ارتفاع معدلات مشاركة المرأة كقوة عمل في هذه القطاعات بمعدلات تتراوح ما بين 50% في البنوك و90% في التعليم مثلاً.