واشنطن: تحمل إقالة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لمساعد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) آندرو ماكيب خطر تغذية الادعاءات بأنه يعرقل التحقيق الذي يجريه المدعي الخاص روبرت مولر بشأن التدخل الروسي في انتخابات العام 2016، بحسب خبراء قانونيين. 

ولربما يقدم ترمب على مغامرة محسوبة عبر تصويره الشهود المحتملين ضده مثل ماكيب ومدير "اف بي آي" السابق جيمس كومي على أنهم "غير موثوقين". 

لكن تغريداته المهينة بحق كليهما والتي أوضحت بشكل متزايد رغبته بأن تتم إقالتهما، أشعلت اتهامات بأنه يتدخل بتحقيق مولر بخلاف القانون، ما يشكل اتهاما بإمكانه تهديد رئاسته. 

وكتب ترمب في تغريدة الجمعة اعقبت اقالة ماكيب على خلفية اتهامه بالكذب في تحقيق داخلي "آندرو ماكيب مطرود، إنه يوم عظيم لرجال ونساء اف بي آي الذين يعملون بجد يوم عظيم للديموقراطية".

واضاف "كان جيمس كومي (مدير اف بي آي السابق) الذي يدعي التهذيب رئيسه، وجعل ماكيب يبدو كالجبان. كان يعلم بالاكاذيب والفساد المنتشر في اعلى مستويات اف بي آي".

وأتبع ترمب هذه التعليقات بتغريدات أخرى هاجم فيها مولر الذي تولى التحقيق في مسألة تعاون فريق الرئيس الانتخابي مع روسيا بعدما أقال الأخير كومي في مايو 2017. 

وقال "كان يجب الا يبدأ تحقيق مولر مطلقا حيث لم يكن هناك تعاون ولا جريمة" مشيرا إلى أن المحققين هم جميعا من الديموقراطيين المعارضين له. وتساءل "هل هناك من يعتقد ان ذلك أمر منصف؟"

التحقيق لا يزال سريا

ولا يعلم أحد بالضبط ما هي الاتهامات التي ينظر فيها مولر، المدعي الغامض البالغ من العمر 73 عاما والذي كان هو نفسه مديرا لمكتب التحقيقات الفدرالي. لكن ازدادت المؤشرات بأنه إلى جانب تركيزه على التعاون المحتمل بين حملة ترمب وروسيا، يحضر مولر قضية بشأن عرقلة القضاء. 

وفي هذا السياق، كتب المدعي الفدرالي السابق ريناتو ماريوتي عبر "تيوتر" "في هذه المرحلة، يبدو أن ترمب غير آبه بالتبعات القانونية المحتملة نظرا لتغريداته المتواصلة التي يهاجم فيها اف بي آي ووزارة العدل". 

وأضاف "يجب الانتظار لمعرفة ما ستكون عواقب أفعاله، لكنه مستمر في بناء قضية عرقلة القضاء ضد نفسه". وقال محامي ماكيب، وهو المحقق العام السابق في وزارة العدل مايكل برومويتش، إن "التغريدات تؤكد أنه أفسد كل العملية التي أدت إلى إقالة السيد ماكيب وجعلها غير قانونية". 

وبدأت قضية عرقلة القضاء نظريا منذ اتهمه كومي بأنه ضغط عليه العام الماضي. 

وقد تتضمن كذلك شهادات كاذبة من مساعدي ترمب ومطالبات الرئيس بإقالة وزير العدل جيف سيشنز ومولر التي ذكرتها تقارير إعلامية، إضافة إلى المحاولات المحتملة للتغطية على الاتصالات التي جرت بين الحملة وروسيا وغيرها من السلوكيات بما فيها إقالة ماكيب. 

ويوم السبت، بدا جون دود محامي ترمب في حديثه لصحيفة "ذي دايلي بيست" وكأنه يتدخل عندما دعا إلى "وضع حد للتحقيق بشأن التعاون المحتمل مع روسيا الذي بدأه جيمس كومي مدير ماكيب". 

اتهام استخدم ضد نيكسون وكلينتون

 وكانت عرقلة القضاء بين الاتهامات التي تمخضت عن تحقيق "ووترغيت" الذي أجبر الرئيس السابق ريتشارد نيكسون على الاستقالة في 1974 حيث كان يواجه عزلا مؤكدا في الكونغرس. وكانت كذلك بين مادتين تسببتا بجلسة لعزل بيل كلينتون من قبل مجلس النواب عام 1998 في إطار فضيحة مونيكا لوينسكي. 

ولينجح في رفع قضية عرقلة للقضاء ضد ترمب، سيكون على مولر إظهار أنه كانت لدى الرئيس نوايا فساد في أفعاله. وسيكون ذلك أمرا صعبا وهو السبب الذي يجعل الخبراء القانونين غير مقتنعين بإمكانية رفع قضية من هذا النوع ضد الرئيس. 

ويقول الخبير في القانون الدستوري آلان ديرشويتز إن التقدم بتهمة عرقلة القضاء يحتاج إلى أفعال مثبتة مثل اتلاف الأدلة والطلب من الناس أن يكذبوا أو دفع أموال إليهم ليقوموا بذلك تحت القسم. 

وقال لشبكة "فوكس نيوز" الجمعة "كل ما قام به الرئيس هو أنه انخرط في أفعال يجيزها الدستور". 

ويجب كذلك أن يكون الملف قوي بما فيه الكفاية حتى تتجرأ وزارة العدل التي يقودها الجمهوريون على توجيه اتهامات للرئيس أو لدفع مجلس النواب الذي يهيمن عليه حزب الرئيس على التفكير في عزله. 

وهذا ما قد يفسر استراتيجية ترمب. فإذا تمكن من إقناع النواب والعامة بأن ماكيب وكومي غير موثوقين وأن فريق مولر منحاز أصلا ضده، فسيكون مجلس النواب مستعدا بشكل أكبر لرفض عزله. 

لكن ترمب يواجه خطرا آخر حيث أنه إذا طالت مدة القضية، فسيكون بإمكان الديموقراطيين استعادة السيطرة على مجلس النواب في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر وسيكون تأثير عقبة الحصول على دليل ملموس أقل.