«إيلاف» من برلين: كشف علماء ألمان عن ميكانزم في الخلايا المناعية في الدماغ يمكن وقف تقدم مرض الزهايمر من خلال التحكم به.

وكتب العلماء من جامعة فرايبورغ الطبية في مجلة"الطبيب الألماني" انهم نجحوا في التجارب المختبرية على الفئران في وقف آلية تقدم المرض. وأسفرت نتائج التجارب عن تحسن ذاكرة وقدرات الفئران الذهنية بشكل واضح بالمقارنة مع الفئران التي لم تخضع للتجارب.

ويقول العلماء انهم نجحوا في وقف تقدم المرض من خلال تغيرات جينية أجريت على الخلايا المناعية الكبيرة المفترسة المسماة بالماكروغليا. ويضيفون ان الماكروغليا المعدلة وراثياً غيرت وظيفتها وصارت تهاجم تراكم البيتا اميلويد في خلايا الدماغ، وهو التراكم الذي يؤدي إلى نشوء وتقدم مرض الزهايمر.

وعمل الباحثون على وقف عمل جينين في هذه الخلايا المناعية المفترسة مسؤولين عن حصول النشوء اللابنيوي في الخلايا، و يلعبان دوراً مهمة في تنظيم عمل الماكروغليا.

ومعروف علمياً ان تراكم بيتا- اميلويد على الخلايا يمنع وصول الطاقة من الحبيبات الخيطية(الميتاكوندريا) إلى الخلايا. والميتاكوندرا هي بطارية الطاقة التي تزود الخلايا العصبية بالطاقة اللازمة لعملها. وتتراكم جزيئات بيتا-اميلويد، التي تميل للتصلب والاستقرار في أنسجة الادماغ، بالتدريج مع تقدم العمر، وتسبب تموت خلايا الدماغ واختلال وظائفها.

والتراكمات الخطيرة على خلايا الدماغ التي تسبب مرض الزهايمر، عبارة عن تراكم لبروتين بيتا-اميلويد على الخلايا العصبية، وهي الحالة التي ينجم عنها "الخرف" الناجم عن النسيان وعدم التركيز. والبروتين المذكور ليس خطيراً على الدم وإنما على الدماغ فقط، لكنه مهم في ذات الوقت، لأنه يدخل في عملية تنظيم استقلاب الشحوم. 

أساس لعلاج جديد للزهايمر

سينشر المقال في العدد الجديد من مجلة"اميونتي"، بحسب ما كتبه الأطباء في المجلة الألمانية. ويقولون فيه ان العلم لم يكن يعرف كثيراً عن دور هذين الجينين في تنظيم عمل الماركوغليا، ولهذا فإنهم على ثقة من انهم توصلوا إلى طريقة جديدة وفعالة لمعالجة الزهايمر.

وقال البروفيسور ماركو برنس، رئيس فريق العمل ورئيس قسم الباثولوجيا العصبية في جامعة فرايبورغ، ان الفئران التي اوقف فيها عمل الجينين المذكورين استعادت ذاكرتها وقدراتها العقلية والذهنية بشكل واضح واضاف ان هذه الفئران اصبحت بمستوى الفئران السليمة تقريباً من الناحية الذهنية.

الخلايا الملتهمة زادت شراسة

ويؤكد البروفيسور برنس ان الخلايا المفترسة من نوع الماكروغليا لم تظهر أي تغير في نشاطها ومهماتها، عدا عن زيادة قدرتها على الافتراس. إلا ان المهم في هذا التغير الوظيفي انها صارت تفترس البيتا ايميلويد الذي يتراكم في خلايا الدماغ وتنظفها منه.

ومهمة الخلايا المناعية الملتهمة اعتيادياً في الدماغ، عند بلوغها مرحلة النضوج، هي تنظيف خلايا الدماغ من الأجسام الغريبة والجراثيم. ولكن يشك ان هذه الخلايا، عند تعرضها إلى تغيرات نشوئية لابنيوية، تلعب دوراً في عدد من الأمراض التي تمتد بين الزهايمر والتصلب المتعدد ومرض التوحد والشيزوفرينيا(انفصام الشخصية).

ومن الواضح ان خلايا الماكروغليا تلحق اضراراً بخلايا الدماغ عندما تتعرض لتغيرات معينة،كما هي الحال مع الخلايا المناعية الأخرى التي تهاجم الجسم بدلاً من الدفاع عنه في أمراض المناعة الذاتية.

تشخيص الجينين المسؤولين عن العملية

قبل التجارب على الفئران، تمكن فريق العمل، الذي يضم الدكتورة دوميتا داتا، والدكتور اوري اوستويفسكي، من تشخيص الجينين المسؤولين عن النشوء اللابنيوي في خلايا الماكروغليا المناعية. وأطلق العلماء على الجينين اسمي Hdac1و Hdac2. وقال البروفيسور برنس انه توضح لهم ان هذين الجينين يلعبان دوراً اساسياً في عملية النشوء اللابنيوي وقراءة الأحماض النووية الحاملة لصفات الخلايا.

تبين أيضاً ان التغيرات بسبب هذين الجينين أوقف نضوج خلايا الماكروغليا، التي تنشط عادة للدفاع عن الدماغ في مرحلة نضجها، بحسب الدكتور وستويفسكي. وأضاف الباحث ان البحث أثبت ان التغيرات النشوئية اللابنيوية في الخلايا المناعية أدت ايضاً إلى تقليص عددها في الدماغ.

وتأتي دراسة جامعة فرايبورغ ضمن مشروع"النشوء اللابنيوي في الطب" الذي يبحث في مسببات هذه التغيرات، وسبل وقفها كأساس لمعالجة العديد من الأمراض التي تمتد بين الزهايمر والتصلب التعدد.