القاهرة: في شوارع شبرا في القاهرة، الحي المعروف بكثرة قاطنيه من المسيحيين، يؤكد الاقباط انهم سيصوّتون للرئيس المنتهية ولايته عبد الفتاح السيسي في انتخابات الاثنين المقبل، رغم بعض الانتقادات التي لا يفصحون عنها علنا.

اللافتات المؤيدة للسيسي، سواء وضعت عليها صورته بمفرده او الى جوار صورة البابا تواضروس الثاني، تملأ شوارع شبرا، وهو حي مزدحم بالسكان مثل معظم احياء القاهرة.

ادوارد توفيق (60 سنة) يمتلك مقهى، معظم رواده من المسيحيين. وفيما يدخن زبائنه النارجيلة او يلعبون الطاولة، يقول الرجل بحماس "السبب الاول الذي يدفعنا إلى التصويت للسيسي هو انه لا يوجد رجل مثله (..) في الوقت الراهن".

بوادر انفتاح
ومنذ وصوله الى السلطة عقب اطاحة الرئيس الاسلامي محمد مرسي عام 2013 اثر تظاهرات كبيرة طالبت برحيله، ضاعف السيسي بوادر الانفتاح على المصريين الاقباط.

ولا يفوت الرئيس المصري الذي دعا الى "تجديد الخطاب الديني" الاسلامي، فرصة للظهور الى جوار بابا الاقباط تواضروس الثاني. ويقول المتحدث باسم الكنيسة القبطية بولس حليم لفرانس برس ان العلاقات بين الرجلين ممتازة.

يضيف حليم "نحن لا ندعو الناس الى التصويت لشخص بعينه، ولكن الى المشاركة" في الانتخابات. ويشكل احتمال العزوف عن المشاركة المشكلة الوحيدة في هذا الاقتراع الذي سيجري ما بين 26 و28 مارس الجاري، اذ لا يواجه السيسي اي منافس جاد.

يؤكد الاب حليم ان "غالبية" الاقباط تدعم السيسي، مشيرا الى الاجراءات الامنية القوية التي اتخذها عقب كل اعتداء استهدف الاقباط والى بناء كنائس في المدن الجديدة.

من بين هذه الكنائس الجديدة، تم تشييد اكبر كاتدرائية في مصر في قلب العاصمة الادارية الجديدة وسط الصحراء في شرق القاهرة. وتم افتتاح هذا المشروع الذي يعتز به السيسي في مطلع العام الجاري في عيد الميلاد الذي يحتفل به الاقباط في السابع من يناير.

يقدر عدد الاقباط بحوالى 10% من 96 مليون مصري. ولا يصل الاقباط بسهولة الى مناصب الادارة العليا في مصر، ويشكون من التهميش خاصة في محافظات الصعيد النائية.

عاش الاقباط المصريون في خوف وترقب في ظل حكم مرسي المنتمي الى جماعة الاخوان المسلمين بعد انتخابه في العام 2012 بسبب خشيتهم من ممارسات مناهضة للمسيحيين في ظل اتساع نفوذ السلفيين الذين تحالفوا سياسيا مع الجماعة.

وأيد الاقباط بقوة السيسي عند اطاحته لمرسي خصوصًا انه تعهد باعادة الامن الى البلاد، وهي مسألة اساسية بالنسبة إليهم بعد تزايد الاعتداءات ضدهم في الاشهر الاخيرة. 

قتل اكثر من 100 شخص منذ ديسمبر 2016 في اعتداءات ضد المسيحيين تبنتها مجموعة داعش. وهاجم التنظيم، الذي يستهدف اساسا قوات الامن، كنائس عدة وحافلة تقل اقباطا كانوا في طريقهم لزيارة احد الاديرة.

ويشيد بعض الاقباط بالردود الامنية والعسكرية الحازمة التي قامت بها الدولة عقب هذه الهجمات ولكن خلال الجنازات التي تلت هذه الاعتداءات كانوا يطلقون العنان لغضبهم. وتقول استاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة نيفين مسعد انه مع عدم وجود استطلاعات رأي في مصر يصعب معرفة حجم تأييد الاقباط للسيسي بدقة.

وتضيف لفرانس برس "صحيح ان غالبية الاقباط تدعم السيسي، ولكن هناك جزءا منهم ضده". وتؤكد ان "الاقباط لا يصوتون ككتلة واحدة". وعلى استحياء تعبّر بعض الاصوات عن معارضتها للسيسي خصوصًا بين شباب الاقباط المسيسين الذين يحتجون على موقف الكنيسة تجاه النظام.

تحفظات نادرة
يقول الناشط بيشوي تمرى، عضو اتحاد شباب ماسبيرو وهي منظمة للدفاع عن حقوق الانسان وحقوق المواطنة للاقباط نشأت عقب ثورة 2011 التي اسقطت حسني مبارك، ان "الكنيسة لا تمثل كل المسيحيين".

يضيف "اننا نرفض استغلال الكنيسة لاغراض سياسية". ويأسف لأن منظمته مثل "كثير من منظمات المجتمع المدني" لم تعد تستطيع ان تعمل بنشاط بسبب التضييق الامني في ظل نظام السيسي.

كثيرون في شبرا يشيدون بالرئيس المنتهية ولايته وقليلون ينتقدونه، ولكنهم يرفضون التعبير عن رأيهم علنا. والتحفظات النادرة التي يتم الافصاح عنها تتعلق بكلفة الحياة في بلد غارق في ازمة اقتصادية حادة.

وتقول انجي كيرولس، وهي ام شابة في الحادية والعشرين من عمرها، "اتمنى ان يوفر (السيسي) الامن للبسطاء والفقراء، وان يوفر لهم حياة كريمة". ولا تجد انجي الا كلمات المديح والاطراء عند الحديث عن السيسي، وتعتزم المشاركة في الانتخابات للتصويت له.