نصر المجالي: "نوفيتشوك"، كلمة روسية وتعني باللغة العربية "المبتدئ" أو "حديث العهد" أو "الغر"، وهو التوصيف الذي أطلقته المتحدثة باسم الخارجية الروسية على وزير الخارجية البريطاني في إطار ردها على تصريحات له، يذكر أن "نوفيتشوك" الغاز الذي تقول بريطانيا إنه استخدم لاغتيال سكريبال. 

وتواصلت حرب التصريحات والاتهامات وتبادل طرد الدبلوماسيين بين لندن وموسكو على خلفية حادثة العميل المزدوج السابق، دان الكرملين، اليوم الأربعاء، قرار السفير البريطاني عدم حضور إفادة صحفية توضيحية حول تسميم سكريبال تنظمها وزارة الخارجية الروسية حول تسميم العميل المزدوج الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا.

وقال متحدث باسم السفارة البريطانية في وقت سابق يوم الأربعاء إن السفير لوري بريستو لن يحضر الاجتماع، لكن لندن تدرس إرسال شخص آخر.

كلام بيسكوف

وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحفيين في مؤتمر عبر الهاتف ”إنه مثال حي آخر على الموقف العبثي حين تُطرح أسئلة فيجري إظهار عدم الرغبة حتى في سماع أي إجابات“.

وذكرت وكالات أنباء روسية نقلا عن السفارة الأميركية في موسكو أن السفير الأمريكي لدى روسيا جون هانتسمان لن يحضر الإفادة كذلك.

ودعت وزارة الخارجية الروسية سفراء أجانب وخبراء في الحد من التسلح لحضور الإفادة التي تنظم في وقت لاحق يوم الأربعاء لبحث مزاعم بريطانيا بأن موسكو مسؤولة عن تسميم الجاسوس في جنوب انكلترا وهو ما تنفيه روسيا.

زاخاروفا وجونسون

وإلى ذلك، علقت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على مقال لوزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون ربط فيه بين انتخابات الرئاسة الروسية وتسميم ضابط الاستخبارات الروسي السابق سيرغي كريبال. 

وحسب ما نقلت وسائل الإعلام الروسية، فأن زاخاروفا تساءلت عبر صفحتها على الفيسبوك: "ما هي الحاجة لدفعة جديدة من الافتراءات والهجمات التي أطلقها "المبتدئ" في الدبلوماسية البريطانية؟"، في إشارة إلى وزير الخارجية البريطاني، "تيمّنا" بالمادة السامة "نوفيتشوك" التي تقول لندن إنها استخدمت لتسميم الجاسوس السابق سيرغي سكريبال مطلع الشهر الحالي.

وأضافت زاخاروفا أن الإجابة بديهية، ومفادها أن غياب أي أدلة تثبت اتهام روسيا بالتورط في قضية سكريبال، جعل جونسون يلجأ إلى الأساليب الأكثر دناءة في محاولة لحفظ ماء وجه رئيسة وزراء بلاده تيريزا ماي، التي سارعت إلى الإعلان عن معاقبة روسيا بطرد دبلوماسييها، دون انتظار انتهاء التحقيق، أو حتى انطلاقه!

اختلاق

واعتبرت المتحدثة أن هذا هو الذي دفع جونسون إلى اختلاق مصلحة موهومة لروسيا في هذه الجريمة، مشددة على أنه "كانت هناك مصلحة لبريطانيا والشركاء في حلف الناتو في ذلك، فيما لم يكن لروسيا أي مصلحة تذكر، وهو ما يستوجب اختلاقها".

وأشارت زاخاروفا إلى أن جونسون يحاول بمقاله التشويش على الدعوات الصادرة عن موسكو لبدء العمل المشترك على التحقيق في قضية سكريبال، مشيرة إلى أن لندن حتى اللحظة لم تقدم لموسكو أي معلومات ذات صلة.

ولفتت زاخاروفا إلى أن مقال جونسون جاء مثالا في الوقاحة الصارخة التي تحتاج إليها الدوائر الحاكمة في بريطانيا أشد الاحتياج، بعد أن صرحت الشرطة البريطانية نفسها بأن التحقيق قد يستغرق شهورا كثيرة، فإلى ماذا استندت ماي في استنتاجها بتورط روسيا؟

وتابعت: من جهتها، قالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إن تحليل المادة السامة وحده سيستغرق ما لا يقل عن ثلاثة أسابيع، فكيف تمكنت الحكومة البريطانية من ذلك خلال ساعات معدودة، لتوجيه الاتهام لروسيا بهذه السرعة؟

وختمت زاخاروفا بأن كل هذه الهجمات الإعلامية البريطانية تقبل تفسيرا واضحا، وهو أنهم "أفرطوا في ألاعيبهم وكذبهم حتى أفرطوا في ورطة التخبط".

ورفضت روسيا مرارا الاتهامات البريطانية لها بالوقوف وراء تسميم سكريبال، مطالبة لندن إما بتقديم الأدلة، أو الاعتذار.

خبراء الكيميائية 

وكان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون صرح بأن بلاده تفضل التعاون مع خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية قبل الخبراء الروس، في التحقيق في قضية تسميم العميل البريطاني سكريبال.

وقال جونسون في حديث لقناة "دويتشه فيله" الألمانية اليوم الثلاثاء: "نضع ثقتنا في الخبراء التقنيين من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية... دعونا ننظر إلى تقييمهم، كيف سيكون".

وجدد جونسون اتهام روسيا بالضلوع في تسميم ضابط الاستخبارات الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته مطلع الشهر الحالي في مدينة سالزبوري البريطانية، لكنه لم يرفق هذا الاتهام بأي دليل أو برهان.

وأشار جونسون إلى أنه يضمر شكوكا قوية في روايات تنفي علاقة موسكو بمادة "نوفيتشوك" السامة التي تقول لندن إنها استخدمت في الاعتداء على سكريبال، معتبرا أن موقف موسكو من موضوع مادة "نوفيتشوك"، "يزداد غرابة أكثر فأكثر".