«ايلاف» من برلين: تقول دراسة علمية جديدة ان حاسة الذوق تنخفض مع كل زيادة كيلوغرام واحد في وزن الجسم، وان هذه الحالة تقود إلى حلقة مفرغة من قلة حاسة الذوق-النهم- البدانة.

إذ توصل العلماء الأميركان من جامعة كورنيل في ولاية نيويورك إلى الكشف عن العلاقة العكسية بين البدانة وحاسة الذوق.

وكتب علماء التغذية في مجلة"بلوس بيولوجي" ان انخفاض حاسة الذوق عند الفئران أدت إلى تناولها الغذاء باسراف، وأن ذلك كان طريقاً واضحاً إلى مراكمة المزيد من الشحوم في أبدانها.

ورصد فريق العمل انخفاضاً في حاسة الذوق عند الفئران بالعلاقة مع اضطراب في عملية الاستقلاب في الجسم. ولدى العلماء ما يكفي من قناعة بان مثل هذه الحالة تنظبق على البشر أيضاً، وتؤدي بالتالي إلى استهلاك المزيد من السعرات الحرارية في التغذية.

البدانة افقدت الفئران25% من حاسة الذوق

وتوصلت الدراسة إلى استنتاج مفاده ان التغذية غر الصحية، المشحونة بالسعرات الحرارية، تغير حاسة الذوق، وهذا يؤدي الى تناول المزيد من الأغذية التي تثقل الجسم بالشحوم.

وعبر البروفيسور روبن داندو، المتخصص بعلم التغذية من جامعة كورنيل، عن قناعته بأن الحالة تنسحب على البشر أيضاً. وأضاف ان الكثير من الأدلة تشير إلى ان البدانة تؤدي إلى التغذية السيئة، وإلى سلسلة تفاعلات ميتابولية أشبه ماتكون" بالالتهابات".

وفي المختبر فقدت الفئران البدينة25% من حاسة الشم القوية المعروفة عنها. وادت التغذية السيئة، ومن ثم البدانة الناجمة عنها، إلى تقليل عدد المجسات العصبية الطبيعية الخاصة بحاسة التذوق.

وكتب داندو في"بلوس بيولوجي" انهم توصلوا إلى جانب آخر من آلية العلاقة بين التغذية والبدانة، وان هذا الكشف يفتح افاقاً جديد في تطوير طريقة لمواجهة ظاهرة البدانة عن طريق زيادة عدد المجسات العصبية الخاصة بحاسة الذوق.

وزن الفئران زاد بنسبة30%

أجرى فريق العمل التجارب على الفئران بعد تقسيمها في مجموعتين. وضع العلماء في المجموعة الأولى فئراناً تعتبر"عصية" على السمنة، ووضعوا في المجموعة الثانية فئراناً اعتيادية.

حرص الباحثون على تغذية المجموعتين بنفس التغذية المحتوية على الكثير من الدهون الكربوهيدرات وراقبوا النتائج بعد فترة. اتضح ان أوزان الفئران الاعتيادية زادت 30% خلال فترة التجربة، في حين لم تطرأ زياد تذكر على أوزان الفئران العصية على البدانة.

وكان الفرق أوضح حينما فحص العلماء عدد المجسات الخاصة بحاسة الذوق لدى الفئران. إذ فقدت الفئران البدينة25% من هذه المستقبلات العصبية، في حين لم تفقد الفئران الأخرى في المجموعة الثانية أياً من هذه المستقبلات.

السبب يكمن في الدهون

ويعتقد داندو وزملاؤه ان سبب بدانة الفئران كان فقدانها لجزء من حاسة التذوق. ولديهم ما يعزز الشكوك بأن الدهون في الأكل، المسؤولة اساساً عن البدانة، هذ التي أدت إلى تقصان مجسات الذوق بسبب سلسلة من التفاعلات الميتابولية.

وأدى فقدان جزء من حاسة التذوق إلى المزيد من الرغبة في تناول الأغذية الدسمة، وأدى الأخير بدوره إلى فقدان المزيد من الأعصاب الخاصة بالتذوق.

ويفترض داندو، إذا انسحبت هذه النتائج من الفئران على البشر، أن تؤدي العملية إلى تمتعهم بحاسة تذوق أخرى تختلف عن حاسة الذوق عند البشر الرشيقيين. ولايستبعد ان تختلف حاسة الذوق"المنخفضة" عند البدناء من بدين إلى آخر بحسب ميتابولزم جسد كل واحد منهم.

دائرة مفرغة

ووصف داندو "متلازمو" البدنة وضعف حاسة الذوق بالدائرة المفرغة التي تؤدي إلى المزيد من البدانة والشراهة في الأكل.

وأشار إلى أن اللسان البشري يحتوي على نحو10 آلاف مستقبل عصبي يتخصص بحاسة التذوق. وهي خلايا عصبية تجدد فيها مرة و متين في الشهر كي تحافظ على حاسة الذوق لدى الإنسان.

تؤدي الدهون الزائدة في التغذية إلى اضطراب في عملية الاستقلاب في هذه المستقبلات. وتقلل هذه الاضطرابات قدرة هذه المستقبلات على تجديد نفسها، وهو ما يؤدي بدوره إلى توقف عملها. ان مثل هذه الدائرة المفرغة تبقى الانسان البدين حبيس بدانته بحسب تعبير داندو.