«إيلاف» من واشنطن: ربما لا توجد مدينة بالعالم تشبه سان فرانسيسكو في ولاية كالفورنيا الأميركية، فهي لم تصبح مركزاً لصناعة التقنية في العالم ولا مصدر إلهام للمشغولين بالفنون فحسب، بل أن ليبراليتها وتحررها الذي يصفه بعض المحافظين بـ “المنفلت”، جعل الكثير من الأقليات تنتقل إلى العيش فيها.

فالمدينة التي هي عبارة عن شبه جزيرة وتضم نحو 900 ألف ساكن (من أصل نحو سبعة ملايين يقيمون في منطقة خليج سان فرانسيسكو)، أصبحت منذ عقود “عاصمة المثليين” في العالم، حتى صار لهؤلاء منطقتهم الخاصة المعروف بحي كاسترو ، التي وضعت على مداخلها إعلامهم التي تحمل ألوان قوس قزح.

فالمثليين من الجنسيين الذين يشكلون 15.6 بالمئة من سكان المدينة، وفقاً لإحصاءات أميركية، صنعوا لهم عالمهم الخاص في “كاسترو” فهناك مطاعهم ومقاهيهم وملاهيهم الليلية، وحتى المتاجر المتخصصة ببيع ملابسهم، وهم يمثلون جميع الأعراق والأعمار، ومنهم من هاجر من دول متحررة مثل بريطانيا، وأخرى محافظة من الشرق الأوسط.

لكن بعض هؤلاء المثليين ذهب في تمرده بعيداً، فصار من المعتاد أن ترى بعضهم يسيرون في شوارع كاسترو عراة، وهي مشاهد لا يمكن حدوثها في مدن أميركية أخرى، أو حتى في مناطق اأخرى من سان فرانسيسكو.

علاوة على هذا، لا جدال أن سان فرانسيسكو هي أكثر مدن الولايات المتحدة ترحيباً بالمهاجرين من كل أنحاء العالم، فوفقاً لإحصاءات رسمية، يقبل مكتب اللجوء في المدينة التي الذي يغطي شمال كالفورنيا، بمساحة تمتد نحو 800 كيلو عرضاًو 320 طولاً، 76.6 بالمئة من طلبات اللجوء التي تقدم إليه، وهي نسبة تتجاوز مدن أخرى مثل، نيويورك التي لا تقبل سوى 22.6 من طلبات اللاجئين، ولوس أنجليس بنسة 50.7 بالمئة.

وإذا كان السليكون فالي جنوب سان فرانسيسكو الذي جلب تيلرونات الدولارات التي الاقتصاد الأميركي عبر صناعة التقنية، وجعل من شباب في العشرينات والثلاثينات مليارديرات، لكنه أسهم في إيجاد أزمة سكن كبرى، وصارت المدينة الأكثر ليبرالية في أميركا بيئة طاردة لمتوسطي الدخل، فالإيجارات فيها هي الأغلى في البلاد، إذ يبلع معدل الإيجار الشهري 3590 دولار للشقة من غرفة واحدة، وفقاً لإحصاءات نشرتها وسائل إعلام.

والمشكلة أن المدينة التي تصفها مواقع سياحية كبرى، مثل ترافل إدفايزر ويزورها سنوياً 26.6 مليون شخص،بأنها من أجمل مدن العالم، لا تستطيع أن تتوسع نظرأ إلى أنها محاطة بالمياه من ثلاث جهات.

 لكن الأخطر من هذا أن أجزءاً من سان فرانسيسكو التي سحرت الملايين ممن زاورها وتتراوح درجات الحرارة فيها ما بين 12 إلى 21 طوال العالم، ستغرق لا محالة بنهاية القرن الجاري.

فوفقاً لدراسة نشرها موقع بزينزس إنسايدر مطلع الشهر الجاري، فإن إجزاءا من المدينة خصوصاً التي تطل على المحيط وتضم ناطحات ساحات تغرق سنوياً بمعدل عشرة مليمترات، ما يعنى أن المياه ستطغيها بشكل كامل قبل حلول عام 2100،.

ونقلت عن علماء أشرفوا على الدراسة قولهم، إنهم لا يستطيعون فعل أي شيء لإنقاذ المدينة من هذا المصير.

الأكيد أن سان فرانسيسكو التي غيرت شكل العالم وحياة من يعيشيون فيه، كما لم تفعل مدنية غيرها، ضاقت بسبب الجغرافيا بصانعي مجدها، وأصبحت شركات تقنية كبرى مثل جوجل وفيسبوك تنقل جزاءاً كبيراً من عملياتها إلى مواقع أخرى شيدتها في مدينة سياتل الواقعة في ولاية واشنطن شمال غرب البلاد.