إيلاف من دبي: تصدرت مصطلحات جيل الألفية والمرأة الرقمية والحكومات الإلكترونية المشهد وسيطرت على جلسات المنتدى الدولي للاتصال الحكومي الذي تنظمه حكومة الشارقة في يومه الختامي من نسخته السابعة، ففي جلسة تفاعلية بعنوان "جدلية العلاقة بين جيل الألفية وجيل ما بعد الألفية" قدم كل من أيمن عرندي مدير المشاريع الوطنية في مؤسسة جائزة هولت العالمية، التي تنظمها "كلية هولت للأعمال الدولية" في الولايات المتحدة الأميركية، ومؤسسة كلينتون، وجمال خياط المدير الوطني جائزة هالت لبنان ورئيس تطوير الأعمال العالمية، مؤسسة جائزة هالت، أفكار ومقترحات بهدف تشجيع الشباب على إطلاق مشاريع مبتكرة لخدمة الفئات الأكثر احتياجاً للدعم في مختلف أنحاء العالم.
وناقشت الجلسىة التي شارك فيها نحو 50 طالباً وطالبة من إمارة الشارقة ودولة الإمارات العربية المتحدة، الدور الصاعد للشباب في صياغة أجندة النقاش العام خلال مرحلة جيل الألفية وجيل ما بعد الألفية (الجيل زد)، وما يترتب على ذلك من تغييرات في عادات استهلاك المحتوى الإعلامي، إضافة إلى الاختلافات الكبيرة بين الأجيال في الأعوام السبعين الماضية ودور التكنولوجيا في زيادة هذه الاختلافات.

85 % من جيل الألفية يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي

وقدم أيمن عرندي رائد أعمال في مجال التكنولوجيا، مدير المشاريع الوطنية في مؤسسة جائزة هالت العالمية بعض الإحصاءات التي تعكس هذه الفجوة بين الأجيال، مشيرا إلى أن 96% من جيل الألفية (الذي تتراوح أعمار أفراده ما بين 22-37 عاما) في البلدان الناشئة والمتقدمة يمتلكون هواتف محمولة، و85٪ يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، و50٪ يقضون 10 ساعات في اليوم أو أكثر على الإنترنت. موضحا أن شباب جيل الألفية يتمتعون بالأمانة، والوعي بأهمية الصحة، والاهتمام بالبيئة، كما أنهم منفصلون عن الأجيال السابقة، بل قد يكونون ضدها، لأنهم يركزون أكثر على الشاشة، ويكونون أكثر مدفوعين بالخوف من فقدان هذه الأدوات التقنية والمنتجات الرقمية.

دمار الحرب العالمية

وأكد أن الأشخاص الذين ولدوا في الفترة ما بين أربعينيات وستينيات القرن العشرين كانت لهم سمعة راسخة كأشخاص فاعلين مثابرين ومثقفين، قاموا بدور فعال في إعادة بناء ما خلفته الحرب العالمية الثانية من دمار كبير في مختلف أنحاء العالم.
وأضاف "بالنسبة إلى الجيل العاشر، وهو الوصف الذي يطلق على أولئك الذين ولدوا خلال الفترة الممتدة بين عامي 1965 و1984، فإن العالم ينظر إليهم أيضاً باعتبارهم خبراء إداريين ومختصين يحركهم المال والسعي إلى تحقيق الثروة، ما يلخص الكثير من النموذج العالمي للرأسمالية".
وأشار عرندي إلى أن جيل الألفية، يتمتع عادةً بثمار التكنولوجيا الجديدة، حيث يعتبر المنتمون إلى هذه الفترة العمرية، متحمسين ومبدعين للتكنولوجيا وريادة الأعمال، لكن على الرغم من ذلك فإن الفجوة بين الأجيال اتسعت أكثر من أي وقت مضى مدفوعة بالتطورات التقنية المتلاحقة.

المرأة في المجتمع الرقمي

وضمن فعاليات اليوم الثاني والأخير من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، ناقشت جلسة حوارية بعنوان "القيادات النسائية ودورها في المجتمع الرقمي"، الأدوار المحورية للمرأة في صياغة مفهوم جديد للمجتمعات الرقمية، والخيارات التي تقدمها شبكة الإنترنت في تعزيز حضورها وقدراتها في شتى المجالات.
واستضافت الجلسة التي قدّمتها الإعلامية اللبنانية ريا أبي راشد، كلّ من فانيسا دي أمبروزيو، حاكم سان مارينو في 2017، ومجد شويكه، وزيرة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الأردن، وميشيل مون، رائدة أعامل ومناصرة لحقوق المرأة من المملكة المتحدة، والدكتورة لطيفة العبد الكريم، أستاذة كلية علوم الحاسب والمعلومات في جامعة الملك سعود، تخصص الذكاء الاصطناعي من المملكة العربية السعودية.

أمبروزيو: لا فرق بين الرجال والنساء

واستهلّت فانيسا دي أمبروزيو حديثها بالإشارة إلى أن البشر مترابطون في هذا العالم، ولا فرق بين الرجال والنساء، لافتة إلى أن إحداث الفرق في شتى المجالات مرهون بالجهود والطاقات التي يبذلها الفرد في مجال تخصصه، موضحة أن العالم يعيش مرحلة غاية في الأهمية، تتجسد في التقدم التكنولوجي الذي تزداد وتيرة تطوره ارتفاعاً، داعية النساء إلى الاستفادة من كل هذه المظاهر التقنية المتقدمة بما يخدم المجتمع ويطور من خبراتهن ومهاراتهن.

وأوضحت أن علاقة التطور التكنولوجي وأساليب التعامل الحكومية مع الجمهور، تتناسب بشكل طرديّ مع المستوى الذي وصلت له المواقع الإلكترونية، خاصة منصات التواصل الاجتماعي التي تشهد حالة متقدمة للغاية، تمكنها من أداء أدوار مهمة تتمثل في إرسال رسائل حكومية واضحة للأشخاص ليتفهموا طبيعة الأعمال التي نقوم بها.

وقالت "على الصعيد الشخصي استخدم مواقع التواصل الاجتماعي بما يخدم اطلاع المواطنين على طبيعة الأعمال التي أقوم بها، وكيفية إشراك أكبر عدد منهم في إبداء الآراء والوقوف على الدور الذي تؤديه حكومة سان مارينو مع كل مواطن".

إيجابيات وسلبيات

وأشارت أمبروزيو إلى أن الواقع التقني يسهم مساهمة كبيرة في تمكين المرأة ووضعها ضمن أطر صناعة التغيير، لافتة إلى أن الإنترنت له إيجابيات وسلبيات، وما يهم هو الاستفادة من إيجابياته لنسهم في تطوير المجتمعات والارتقاء بالخطاب الحكومي الموجّه، وتصدير نموذج يحتذى للشباب والشابات بما يخدم حاضرهم ومستقبلهم.
وختمت حديثها بالإشارة إلى ضرورة إشراك المرأة في صناعة القرار بشكل أكثر فاعلية في الاتحاد الأوروبي، مؤكدة على أن الوقت قد حان، وتطور التكنولوجية يساهم بشكل كبير في تدعيم حضورها.

مجد شويكة: التكنولوجيا تلعب دورا مهما في تغيير الواقع

ومن جانبها أشارت مجد شويكه وزيرة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الأردن إلى أن قطاع الاتصال وتكنولوجيا المعلومات يلعب دوراً مهماً في تغيير الواقع السياسي والاجتماعي، لكنه يحتاج إلى إعادة نظر في هيكلية القوانين الناظمة لأطر العمل به إسهاماً في تمكين المرأة وتعزيز حضورها بشكل فاعل على مختلف الأصعدة.
وأكدت وجود ترابط كبير بين التنمية، والتمكين، والكفاءة، والرقمنة، ما من شأنه أن يفسح المجال بشكل أكبر للمرأة في أن تكون قيادية، وأن تؤدي دوراً فاعلاً إلى جانب أدوارها الطبيعية، لافتة إلى أن الاستفادة من مقومات التكنولوجيا الحديثة وتدعيم حضور المرأة فيها يسهم بتحقيق التوازن في الحياة العملية.

خصوصية رواد المواقع

وبما يتعلق بالتطور الذي لحق بمواقع التواصل الاجتماعي، أوضحت الوزيرة مجد شويكة أن هذه المواقع لا حدود لها، بل يرسم حدودها الشخص الذي يرتادها، من خلال تحسين مجالات الوصول إلى المعلومات والاستفادة من مقدرات هذه المواقع بشكل إيجابي والابتعاد عن المخاطر التي يمكن أن تسببها بشكل سلبي.

ودعت إلى ضرورة اعتماد قانون يحفظ خصوصية رواد المواقع التواصلية، من خلال ضوابط تمنع ملّاك تلك المواقع من استغلالها فالبيانات الشخصية أمر غاية في الأهمية يجب عدم الاستهانة بها، كما أكدت على أهمية وجود منظومة تحدد الأساليب التي تستخدم فيها تلك المواقع، وإلا سيتم استخدامها بشكل خطر.

مون: التقنية غيرت العالم

وقالت ميشيل مون رائدة الأعمال البارزة من المملكة المتحدة إن المرأة بحاجة لمسببات التمكين سواء على الصعيد الحكومي أو الاقتصادي أو التكنولوجي، مشيرة إلى أن التقنية الحديثة قادرة على تغيير العالم، وتشكيل السياسات الحكومية، ومحورة الخطاب بين القيادات والجماهير، إضافة إلى دورها في تمكين المرأة. مشيرة إلى أننا نعيش في عصر مثير للاهتمام، تسيطر فيه التكنولوجيا على مفاصلها بشكل كبير موضحة أنه إذا أرادت المرأة أن تؤسس شركة تستطيع ذلك بسهولة ويسر، ويمكنها من خلال شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة أن تروّج لها على أوسع نطاق وبشكل يسمح لها بالارتقاء في قطاعات الأعمال التي تقودها مهما كانت طبيعة العمل التي تقوم به.

مواقع نعمة ونقمة

وبما يتعلق بسطوة المواقع التواصلية وأهمية الاستفادة من رسائلها الإيجابية قالت مون "مواقع التواصل الاجتماعية يمكن أن تكون نعمة أو نقمة، فهي من جهة تسهل انتشار الأخبار، والوصول إلى المعلومة بشكل سريع، ومن جهة هنالك أعداد من الأشخاص الذين يستخدمون هذا الواقع الافتراضي لأغراض تمرير رسائل الكراهية والعنف وما شابه، ما يحتم علينا أن نكون أكثر حرصاً على كيفية الاستفادة من هذه المقومات التقنية المتطورة بما تخدم مجالات العمل والارتقاء بالمعرفة".

لطيفة العبد الكريم: الذكاء الاصطناعي أساس التقنية

من جهتها ذكرت الدكتورة لطيفة العبد الكريم أستاذة كلية علوم الحاسب والمعلومات في جامعة الملك سعود أن الذكاء الاصطناعي هو أمر أساسي في مجال التواصل بمختلف أشكالها، الفردي، والحكومي، لافتة إلى أن مجالات الذكاء الاصطناعي قادتها نحو فهم أعمق لكيفية تعاون نظامين مختلفين كالدماغ، والتقنية فيما بينهما للحصول على توليفة غاية في الابتكار والتعقيد، سهّلت من مجالات التكنولوجيا الحديثة.
وتابعت "أردت أن أعرف مصدر القوانين والتشريعات وكيف لنا أن نغيّرها كوننا نعيش في حقبة يجب فيها أن تتوافق التشريعات بشكل متواصل مع تقدم التقنيات وتطورها"، لافتة إلى أهمية الحرص على بناء منظومات ذكية يمكن لها أن تحيط بالاختلافات على مستوى المجتمع والسلوكيات، وأن تمتاز بالتنوع، فالحاضر اليوم هو مستقبل الغد بفضل التكنولوجيا وعلينا أن نمرر رسائلنا للمستقبل بشكل واثق واضح.

ودعت عبدالكريم إلى ضرورة إشراك المرأة بالوسائل، والمضامين التقنية المتاحة، مشددة على أهمية الابتعاد عن السياسات التكنولوجية التي من شأنها أن تقمع حريات الأفراد، قائلة "نحن نعمل على معايير وقوانين تتكيف مع الوضع الحالي ونشجع الحكومات على اعتمادها ومواكبة التطورات الخاصة بها على مختلف الأصعدة بما يسهم بتكامل مجالات التطور والإبداع".

الرقمنة سيطرت على العالم

وفي جلسة أخرى قدم الدكتور فاهم كبريا الرئيس التنفيذي لشركة "كوتلر إمباكت" الكندية، خطابا تفاعليا أمام جمهور الدورة السابعة للمنتدى الدولي للاتصال الحكومي، تحت عنوان "مهارات الاتصال الحكومي" طرح خلاله جملة من التساؤلات حول السبب الذي يدفع الناس لاستخدام هواتفهم؟ وأشار إلى ضرورة تحمل الحكومات مسؤولية التواصل مع الجماهير.

وقال "لماذا نقضي معظم أوقاتنا في تفقد أخبار معينة، أو الاحتفال بها، دون الاستفادة من أية معلومات جديدة، فما يدخل عقولنا بسرعة، يغادرها بسرعة فائقة أيضاً، في خضم تدفق المعلومات الذي لا يعرف تعباً أو نهاية". لافتا إلى أن جيل الألفية بات يعتمد اعتماداً كلياً على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وأن الرقمنة سيطرت على العالم بأكمله من خلال متاهات سحاباتها الإلكترونية الافتراضية، وأثّرت على الطريقة التي يستخدم فيها البشر تفكيرهم، مشيراً إلى وجود 3 مليارات شخص من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في العالم، يستطيعون الوصول إلى المعلومات خلال بضعة ثواني وعبر الضغط على رابط معين. 

الحكومات الناجحة

وأكد كبريا ضرورة تعزيز الحكومات لحضورها الرقمي، مشددا على أهمية توفير نظام للمكافآت في الحكومات الناجحة في التواصل مع شعبها، حيث ينبغي للحكومات الإلكترونية أن تركز على المستخدمين، وعلى توفير الخدمات ذات الأولوية لهم، وفهم اهتماماتهم، والأهم من ذلك، بناء الثقة معهم. مضيفا "تعد الحكومات الإلكترونية العاملة على توفير خدماتها الحكومية على الهواتف الذكية، ضرورة حتمية لتحسن الفاعلية وتطويرها وتحقيق الأهداف وتمكين المواطنين وتعزيز الشفافية، ودعم الاقتصاد في نظام الدولة.. وتحقق الحكومات الإلكترونية للمواطنين الفائدة وتوفر لهم عدداً كبيراً من المزايا الفريدة، كتسهيل النظام التعليمي، وتعزيز كفاءة نظام الرعاية الصحية، والإدارة المالية، وتسهيل الوصول إلى الخدمات".
واختتم كبريا خطابه التفاعلي بقوله "سلبيات التكنولوجيا الرقمية أكثر من إيجابياتها، وخصوصاً عند الإفراط في استخدامها، ولكن يتوجب على الحكومات أن تستخدمها للتواصل مع المواطنين بشكل أفضل، وتوفير الخدمات لهم".