«إيلاف» من القاهرة: يأمل الشعب المصري أن تكون الولاية الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسي مختلفة تمامًا عن الولاية الأولى، فالمواطنون ينتظرون أن تكون الأربع سنوات المقبلة خروجًا حقيقيًا من الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعاني منها الشعب، وخاصة الطبقة الفقيرة خلال الأربع سنوات الماضية، والتي تفاقمت عقب قرار الحكومة بتعويم الجنيه، في السياق ذاته أكد الخبراء والمعنيون بالمشهد السياسي المصري، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يواجه تحديات كبيرة في الولاية الثانية لحكم البلاد، وذلك عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية وبأغلبية كاسحة، وأوضح الخبراء أن مواجهة غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وتراجع الجنيه أمام الدولار من أكبر التحديات التي تواجه الرئيس، حيث يأمل الشعب المصري أن يعالج الرئيس تلك الأزمات الاقتصادية، و أكد الخبراء أن الولاية الثانية للرئيس السيسي قد تختلف كثيرًا عن الولاية الأولى، حيث ستشهد الأربع سنوات المقبلة حصد ثمار المشروعات الكبرى التي تم تنفيذها، ومن أبرزها مشروع غاز "ظهر"، وحسب التقديرات الأولية لنتائج الانتخابات الرئاسة، فإن أكثر من 23 مليون مصري صوتوا بالانتخابات، وحصل الرئيس _المنتهية ولايته_ عبد الفتاح السيسى على أكثر من 21 مليون صوت بنسبة تصل إلى 90,53%، بينما حصل منافسه موسى مصطفى موسى على نحو 700 ألف صوت بنسبة تقترب من 3 %، بينما بلغ عدد الأصوات الباطلة نحو مليون ونصف المليون صوت بنسبة تقترب من 7 %.

حلول منطقية

من جانبه أكد الدكتور إبراهيم صالح، خبير الاقتصاد والتخطيط بالمعهد القومي للتخطيط، أن الشعب المصري يضع آمالًا عريضة على الرئيس السيسي، في وضع حلول عملية للخروج من الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الشعب عقب قرار تعويم الجنيه، والذي تسبب بشكل مباشر في ارتفاع الأسعار وزيادة البطالة.

مشيرًا إلى أن المواطن لن يتحمل مزيدًا من رفع الأسعار خاصة المواد البترولية، وبالتالي يجب على الحكومة مواجهة عجز الموازنة بعيدًا عن فرض أعباء جديدة على الفقراء، خاصة وأن الموازنة الجديدة للدولة للعام المالي "2018- 2019" تواجه عددًا من التحديات أهمها رفع معدل النمو الحقيقي السنوي إلى 5,5% من الناتج المحلي، بالإضافة إلى خلق فرص عمل حقيقية لخفض معدل البطالة إلى 10- 11%، وخفض معدلات التضخم إلى 10%، ورفع معدل الادخار والاستثمار.

وقال الدكتور إبراهيم صالح:" إن هناك تحدياتٍ اقتصادية هامة تواجه الرئيس في الولاية الثانية، من أبرزها تحديد سعر الدولار مقابل الجنيه، بما لا يتسبب في وجود عجز في الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة للعام الجديد، حيث يتم تحديده في العام المالي الجاري بـ16 جنيهًا للدولار، وهو ما تسبب في وجود عجز بالموازنة ظهر في الحساب الختامي مؤخرًا".

وأوضح الخبير الاقتصادي أن السنوات الأربعة المقبلة سوف تشهد جني ثمار المشروعات الكبرى التي تم تنفيذها خلال السنوات الأربعة الماضية، وهو سبب تصاعد آمال الشعب في رؤيتهم للولاية الثانية لحكم السيسي، حيث ينتظر أن تظهر البشائر الاقتصادية لحقل الغاز "ظهر" في نهاية شهر يونيو المقبل، بتحقيق عائد يقرب من مليار دولار تقريبًا، مما يعود بالفائدة على رواج الاحتياطي الأجنبي.

مواجهة الفساد

في السياق ذاته يرى الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية وعضو مجلس النواب سابقًا، أن هناك عددًا من التحديات الاقتصادية والسياسية تواجه الرئيس في الولاية الثانية، ويأمل الشعب في حلها في القريب العاجل من أبرزها: أولًا على المستوى الاقتصادي إعادة تشغيل المصانع المتوقفة وتقويم المتعثرة، فهناك ما يقرب من 1800 مصنع ومنطقة صناعية على مستوى الجمهورية مغلقة، ومن التحديات أيضًا مواجهة زيادة نسبة البطالة بين الشباب والتي وصلت نحو 12% .

وقال الدكتور زهران:" إن مواجهة الفساد من أكبر التحديات التي تواجه الرئيس في الولاية الثانية، فوفقًا لتقارير رقابية فإن الفساد الاقتصادي في مصر هو الأكثر شيوعًا"، مؤكدًا أنه يقدر بنحو 100 مليار جنيه سنويًا، كما يأمل الشعب اهتمام الرئيس بتحقيق عدالة انتقالية حقيقية بين الشعب وداخل الجاهز الإداري للدولة، وضرورة الاعتماد على أهل الخبرة والكفاءة بعيدًا عن رجال نظام مبارك الذين عادوا بقوة لتولي المناصب القيادية للدولة خلال الأربع سنوات الماضية.

وطالب أستاذ العلوم السياسية (الرئيس) بضرورة تحسين التعليم والصحة في الولاية الثانية، وتوفير الاعتمادات اللازمة، خاصة وأن نجاح هذا الملف سيحقق مردودًا قويًا لدى المواطن؛ لكونه إنجازًا ملموسًا، مما يزيد من شعبية الرئيس خلال السنوات الأربعة المقبلة.

ملف الحريات

ويرى الدكتور سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، أن ملف الحريات وحقوق الإنسان من الملفات الهامة التي يجب على الرئيس عبد الفتاح السيسي إعادة النظر فيها، حيث لا يقبل بدء فترة ولاية جديدة دون تحقيق تقدم في ملف الحريات تحديدًا، خاصة وأن ملف الحرية والديمقراطية فيه تدهور كبير، ومصر أصبحت ضمن أسوأ الدول في ملف الجمعيات الحقوقية.

مشيرًا إلى أن المشهد الداخلي على مدار الأربع سنوات الماضية كان مرتبكًا بشدة ، خاصة فيما يتعلق بتراجع المستوى الاقتصادي للمواطن، وبالتالي قد يكون النظام مضطرًا للتهدئة خلال الولاية الثانية له، وينتظر قيامه بعمل مصالحة وطنية مع كافة الأطراف المتنازعة الداخلية، خاصة وأن استمرار نفس السياسة الاقتصادية والسياسية التي اتبعها في ولايته الأولى خلال السنوات القادمة، يعني انفجار الشارع مجددًا، والخروج للميادين دون النظر لملف الأمن والأمان الذي يراهن عليه الرئيس دائمًا.