نصر المجالي: أكد الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني في ختام لقاء القمة المغلقة التي عقدت يوم أمس الأربعاء، في المجمع الرئاسي في أنقرة، على التزامهم بتعزيز وحدة أراضي وسيادة سوريا.

ورغم محاولات الرؤساء الثلاثة الظهور بموقف مواحد، في القمة التي تأتي بعد حوالي 4 أشهر من قمّة مماثلة في مدينة سوتشي الروسية في 22 نوفمبر 2017، إلا أن خلافات رُصدت في مواقفهما تجاه الوضع في سوريا.

وأفاد التلفزيون الحكومي الإيراني، بأن الرئيس حسن روحاني دعا من أنقرة إلى تسليم عفرين شمال غربي سوريا للجيش السوري.

وقال روحاني خلال القمة: "الأحداث في عفرين لا يمكن أن تكون مفيدة إلا إذا تم احترام وحدة أراضي سوريا، ويجب تسليم السيطرة على هذه المنطقة للجيش السوري".

وكان كل من البلدن الثلاث الت تعتبر نفسها الضامنة لمؤتمر آستانا حول سوريا، يتهم الآخر حول بعض المواقف تجاه بقاء النظام السوري. 

تطبيع الأوضاع

وفي مؤتمر صحفي مشترك، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن "المباحثات الثلاثية جرت بجو عملي وبناء. وبحثنا النواحي الرئيسية للوضع في سوريا وتبادلنا الآراء حول الخطوات اللاحقة التي تهدف إلى ضمان تطبيع الأوضاع في هذا البلد لأمد طويل".

وأكد بوتين التزام روسيا وتركيا وإيران بالمساهمة في تعزيز سيادة واستقلال وسلامة أراضي سوريا، مشيرا إلى أن "هذا الموقف المبدئي له أهمية خاصة اليوم على خلفية المحاولات المتزايدة لإشعال الخلافات الأثنية والطائفية في المجتمع السوري، وتقسيم البلاد مع الحفاظ على مخاطر النزاعات في الشرق الأوسط لسنوات طويلة".

وأشار بوتين إلى أن الدول الثلاث اتفقت على توسيع التعاون بينها بشأن سوريا، وخاصة في إطار عملية أستانا، التي قد أثبتت فاعليتها، والتي تراجع بفضلها مستوى العنف في سوريا بشكل جذري.

الإرهاب وإعادة الإعمار

كما ذكر الرئيس الروسي أن الدول الثلاث اتفقت على تنسيق الخطوات لمحاربة الإرهاب وتقديم المساعدات الإنسانية للسوريين. وأضاف أنه أطلع نظيريه التركي والإيراني على الجهود التي تبذلها روسيا في هذا المجال، حيث أجرت روسيا عملية غير مسبوقة في الغوطة الشرقية لإنقاذ حياة آلاف المدنيين.

وقال بوتين: "اتفقنا على توحيد الجهود لإعادة الإعمار في المرحلة ما بعد النزاع في سوريا. ويدور الحديث قبل كل شيء عن بناء منشآت البنية التحتية والمؤسسات العامة"، مشيرا إلى أن الشركات الروسية قد بدأت تشارك في هذا العمل، بما في ذلك في المناطق التي كانت تحت سيطرة المسلحين قبل فترة.

ودعا بوتين جميع الدول إلى المساهمة في إعادة إعمار سوريا، مشيرا إلى أنه "بالإضافة إلى التسوية السياسية من الضروري أن يعيش السكان في ظروف طبيعية، ولن يتسنى ذلك دون مساهمة كبيرة من الخارج".

وأشار إلى أنه "جرى التأكيد على منع تسييس ملف الوضع الإنساني، وعلى ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2401، الذي يهدف إلى التخفيف من معاناة المدنيين على كامل الأراضي السورية".

وشدد بوتين على أن "الهدف الاستراتيجي المشترك هو دحر الإرهابيين نهائيا، الذين يدأبون على محاولات زعزعة الوضع على الأرض ويحاولون إفشال الجهود لتفعيل عملية السلام".

مواصلة العملية العسكرية

بدوره، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستواصل العملية العسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، والتي اعتبرها أردوغان "خطرا على وحدة أراضي سوريا".

وقال أردوغان: "خلال عملية غصن الزيتون حاربنا ما يسمى بوحدات حماية الشعب، التي تشكل خطرا على وحدة أراضي سوريا".

وأضاف أن القوات التركية "حررت أكثر من 4 آلاف كيلومتر مربع من الإرهابيين"، مضيفا أن تركيا تضمن أمن هذه المنطقة وتبني البنية التحتية على "الأراضي المحررة" و"تعيدها لأصحابها أي السكان السوريين".

وتابع أردوغان: "نعرف أن الكثير من السوريين ينتظرون إتمام إزالتنا للألغام في عفرين وإعمار البنية التحتية لكي يتمكنوا من العودة إلى منازلهم. وأعيد التأكيد أننا لن نتوقف إلا بعد أن نعيد الأمن والاستقرار إلى المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الكردية، وقبل كل شيء منبج"... "الدول الضامنة يجب أن تضمن وحدة أراضي سوريا ووقف إراقة الدماء، ونحن توصلنا إلى اتفاق بهذا الشأن".

وأضاف أن تركيا بصفتها إحدى الدول الضامنة للتسوية السورية تنفذ التزاماتها بهذا الصدد، وقد فتحت 8 نقاط لمراقبة خفض التصعيد في إدلب.

ولفت إلى أن تركيا أثناء عملياتها ضد "داعش" والقوات الكردية شمالي سوريا اتخذت جميع الإجراءات لتقليص عدد الخسائر البشرية المحتملة وسط المدنيين إلى أدنى حد ممكن.

كلام روحاني

من جانبه، شدد الرئيس الإيراني حسن روحاني على أن "سلامة أراضي سوريا وسيادتها ووحدتها واستقلالها هي المبادئ الرئيسية، وعلى الجميع احترامها، وهذا ما يريده الشعب السوري".

وقال روحاني: "للأسف كانت بعض الدول، بما فيها الولايات المتحدة، تسعى لاستغلال الجماعات الإرهابية مثل "داعش" و"جبهة النصرة" كأداة للسيطرة على المنطقة"، مشيرا إلى أن بعض الدول الغربية قامت بتمويل وتسليح الإرهابيين بأحدث أنواع السلاح.

وأضاف أن "الشعبين العراقي والسوري بمساعدة الدول الصديقة أحبطا هذه المؤامرة". وقال روحاني: "خصوم منطقتنا كانوا يخططون لتقسيم سوريا، لكنهم لن ينجحوا بذلك.. ونحن لن نسمح به".

لا حل عسكريا 

وشدد على أن النزاع في سوريا لن يحل عسكريا قائلا: "هذه الأزمة يجب حلها بطرق سياسية فقط. وعلينا أن نبذل جهودا من أجل إنهاء الحرب في سوريا، ومواصلة عملية السلام والقيام بكل ما في وسعنا من أجل عودة اللاجئين إلى منازلهم".

وأشار إلى أن "الوضع الإنساني في سوريا مأساوي، ولذلك علينا أن نساعد الشعب السوري كي يعيش في الأمان". وقال إن مؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري كان خطوة إيجابية ويجب تفعيل ما تم التوصل إليه خلال المؤتمر لاحقا.

وفي الأخير، شدد الرئيس الإيراني على أنه لا يحق لأي دولة تقرير مصير سوريا، وهذا الحق يعود حصرا للشعب السوري.