الرباط: قدمت جمعية جسور ملتقى النساء المغربيات نتائج الدراسة التي أعدتها، بشراكة مع مؤسسة فريدريش إيبرت، حول موضوع"تقييم آليات تعزيز التمثيلية السياسية للنساء في المغرب"، بهدف تحليل الوضع القائم و اقتراح تدابير للتغلب على العقبات، و إعطاء قدر أكبر من التمثيل للهيئات المنتخبة.

مسؤولية الأحزاب

وقالت وفاء حجي، عضوة مؤسسة للجمعية، الخميس بمقر المؤسسة بالرباط، إن المغرب بعيد عن وجود تمثيلية حقيقية و متوازنة للنساء في المجال السياسي، على الرغم من تحقيقه لتحولات سياسية مهمة، لكن لم تتم ترجمتها فعليا، في الشق المتعلق بالمساواة بين الجنسين، وهو ما يفرض تقوية حضورهن في المجتمع من أجل تقوية النموذج الديمقراطي الوطني في مختلف المجالات.

وأكدت حجي ، في تصريح لـ"إيلاف المغرب" ، أن الأحزاب السياسية تتحمل مسؤولية كبيرة في عدم وجود حضور وازن و قوي للنساء في الساحة السياسية، في ظل مجتمع ذكوري، يحرم المرأة من العمل و إيجاد مكان لها، في مواجهة ما تتعرض له من عنف كبير داخل هذه الأحزاب.

 

وفاء حجي، عضو مؤسسة لجمعية جسور

 

و اعتبرت حجي أن عدم التضامن الذي تظهره النساء داخل الأحزاب السياسية المغربية يفاقم من الوضع القائم، ويحد من مشاركتها بكثافة، بحيث تصبح المرأة خصما لزميلتها، عوض العمل بشكل مشترك لإبراز طاقاتهن وخدمة القضايا التي تهمهن بالدرجة الأولى.

و حول السبب وراء إعداد الدراسة في الوقت الراهن، خاصة أن مسألة التمثيلية الضعيفة للنساء على المستوى السياسي مطروحة منذ سنوات، ومدى تأثيرها على القوى الفاعلة في المشهد السياسي، أضافت حجي قائلة لـ"إيلاف المغرب":" اختيارنا لهذا التوقيت تحديدا بعيد عن كل الرهانات التي تطرح قبيل فترة الانتخابات، والتي من الضروري التحضير لها لوقت كاف وليس انتظار أشهر معدودة، علينا أن نأخذ العبرة من الانتخابات السابقة، ركزنا في المحطة الثانية من المشروع على التعبئة من أجل المناصفة، كمطلب أساسي في الانتخابات المقبلة، وهو ما يستوجب تضافر جميع فئات المجتمع من أحزاب وجمعيات وغيرها".

محدد للديمقراطية

من جهتها، أفادت سيجا ستوريس، ممثلة مؤسسة فريديريش إيبرت، أن المساواة بين النساء والرجال محدد أساسي للديمقراطية، بوجود كفاءات نسائية قادرة على القيادة والعمل بجدية، في مؤسسات برلمانية وتشريعية، تشكل واجهة للمساواة وتكافؤ الفرص.

و زادت ستوريس" ما زال تمثيل المرأة في البرلمان و الحكومة والمناصب القضائية أقل بكثير من توقعات مجتمع ديمقراطي، حيث يمثلن أقلية في الحكومة الحالية، من أصل 39 وزيرا، هناك 9 نساء فقط، تقلدن حقائب وزارية.

 

وفاء بنعبد النبي 

 

و قالت فاطمة سكاك، نائبة رئيسة جمعية جسور ملتقى النساء المغربيات، في تصريح لـ"إيلاف المغرب" إن المرأة لم تأخذ حقها الذي كفله الدستور والقانون المغربي، مما يعارض المبادئ الدستورية للإنصاف والعدالة والمناصفة، والطلب الديمقراطي، خاصة أن أكثر من 51 بالمائة من السكان تشمل النساء.

و انتقدت سكاك احتكار العنصر الذكوري لمختلف البرامج الحوارية التي تبثها القنوات المغربية، ووجود تهميش وحيف واضح للكفاءات النسائية، وآخرها استبعاد أي مداخلات نسائية في برنامجي"قضايا وآراء" الذي تبثه القناة المغربية الأولى و"مباشرة معكم" على القناة الثانية، حول مستجدات الوضع القائم بالصحراء المغربية على ضوء الاستفزازات الأخيرة لجبهة البوليساريو، على الرغم من وجود العديد من النساء سواء السياسيات أو غيرهن، ممن لديهن اضطلاع ودراية بالموضوع، الذي لا يقتصر فقط على حضور الرجل.

مقاربة النوع

و أبرزت المستشارة وفاء بن عبد النبي، مجالات تدخل الدراسة ومراحل العمل مع التركيز على المؤشرات والآليات المؤسساتية والتشريعية على مستوى المجالس المحلية، وأشارت أن الكوطا(الحصة) تقدر ب 27 بالمائة من المقاعد الممنوحة للنساء على مستوى المجالس البلدية و 30 بالمئة على المستوى الإقليمي.

و اعتبرت أن ولوج 81 امرأة للبرلمان في عام 2016 بمجلس النواب، و 13 امرأة بمجلس المستشارين من أصل 120 مقعدا، يشكل نسبة جد منخفضة، لا تعكس المبادئ التوجيهية للدستور المغربي.

و عزت بن عبد النبي ضعف التمثيلية السياسية للنساء إلى مجموعة من العوامل، منها الإعلام والتربية، فضلا عن عدم توفر الوسائل المادية الكافية التي تتطلبها الحملات الانتخابية، و شددت على ضرورة احترام الالتزامات الدولية و ملائمة التشريعات الوطنية، مع تبني استراتيجية شاملة حول مقاربة النوع.

و يأتي مشروع تعزيز التمثيل السياسي للمرأة في المغرب على مرحلتين، أولها بين فبراير و أكتوبر 2017، كبحث عملي نوعي، بحيث شمل شخصيات مؤسساتية و مسؤولين منتخبين وأكاديميين و منظمات غير حكومية وأحزاب سياسية ونقابات.

و أشارت نتائج الدراسة إلى وجود حالة تعارض مع الإرادة الملكية لتعزيز المساواة لوصول النساء إلى أعلى مستويات السلطة، و تعارض مع ديناميكية التنمية الاجتماعية والاقتصادية و الاتفاقات التي التزم بها المغرب.

و تتضمن المرحلة الثانية من المشروع تعبئة الرأي العام وصناع القرار حول توصيات الدراسة الخاصة بالانتخابات المقبلة لسنة 2021، في ظل الدستور المتضمن لمبادئ شاملة، تتفق مع الإطار المعياري الدولي لحقوق الإنسان والحقوق الجديدة المخولة للمرأة على قدم المساواة مع الرجل.