أعلن في بغداد اليوم عن الاطاحة بشبكة تتاجر بالبشر وتستدرج فتيات من محافظات إلى العاصمة وبيعهن لاستغلالهن جنسيا، وذلك عبر شبكات التواصل الاجتماعي وسط دعوات لتغليظ عقوبات ممارسي هذه الجرائم.

إيلاف من لندن: يشير مجلس القضاء الاعلى العراقي في تقرير تابعته "إيلاف" إلى أنّ افراد الشبكة يكفي احدهم أن يصل إلى فتاة عبر أحد مواقع التوصل الاجتماعي ويستغل ظروفا نفسية أو اجتماعية سيئة لها، وبالكلمة التي تعبر عن "الصدق" عندها تقع الفتاة في المصيدة الأكثر تحقيقا لأهدافه "أحبك" وأريد الزواج منك لتهجر أمن أهلها و تلتحق إلى المجهول، وهو ما كشف عنه قاضي التحقيق بمحكمة استئناف جانب الكرخ من العاصمة العراقية مؤكدا ان هذا النوع من القصص صار لا حصر له.

وقال قاضي التحقيق إن القوات الأمنية القت القبض على شاب معروف باسم "تيتو" يقوم باستدراج فتيات من المحافظات عبر موقع " التليغرام" بعد التغرير بهن بحجة الحب ومواعدتهن بالزواج". 

وأشار وهو يعرض أوراقًا تتضمن اعترافات الجناة و الضحايا للاطلاع على تفاصيل قصة "تيتو وبرفقته ثلاثة أصدقاء له يقوم باستعمال برامج الاتصال في الهواتف الذكية للوصول إلى فتيات من غير تعيين وبعد محادثات وإقناع بإقامة علاقة حب والمواعدة بالزواج والسفر إلى خارج البلاد يستدرجهن إلى شقة معدة لجريمته".

احتجاز فتيات لبيعهن

وأوضح القاضي "عند وصول أخبار من سكنة المنطقة الواقعة جنوب بغداد للقوات الأمنية حول الشقة التي تحتجز فيها الفتيات بعد سماع أصوات صراخهن للقوات الأمنية ومداهمتها وجدت ست فتيات محتجزات في أحدى الغرف". 

وأضاف "بعد نصب كمين من قبل القوات الأمنية في الشقة ذاتها تم اعتقال أحدهم مما ساهم بالوصول إلى الآخرين الذين أوضحوا أنهم وعن طريق "تيتو" يحصلون على فتيات يقومون بسرقة ما لديهن من أموال وأشياء ثمينة ويقومون بمواقعتهن بالإكراه".

وأضاف القاضي أن "هذه المجموعة لا تكتفي بهذا الجرائم بل أن التحقيق كشف عن أن المكنى بـ"تيتو" يقوم بعد ذلك ببيعهن إلى صاحبة كافيه بمبلغ مقداره (1000 دولار) للفتاة الواحدة، وهذه الأخيرة تقوم بتغيير هيئتهن عبر عمليات تجميل وتزج بهن للعمل ظاهرا كعاملات خدمة بكافيه ولكن في الحقيقة هو مكان للسمسرة والدعارة".

وأكد القاضي "أمرنا بالفعل بإلقاء القبض على صاحبة الكافيه التي يطلق عليها أسم "عسل" وهي من اهالي البصرة وهنالك تعمل عن طريق "كافيه" و تم عرضها علينا وذكرت المتهمة بأنها تعرفت على المتهم "تيتو" مؤخرا عبر زيارته للكافيه وتم الاتفاق على أن يزودها بفتيات".

وأوضح القاضي وهو يقرأ نص إفادة المتهمة "عسل" كما ذكرت "أنها لم تشتر منه في السابق وكان قد هاتفني مؤخرا وأخبرني عن فتاتين يروم بيعهما لي واتفقنا على سعر الفتاة الواحدة ب1000 دولار".
ونقل القاضي عن إفادة المتهمة كذلك أن "الكافيه الذي أديره مدخل لطلبات ممارسة البغاء وتأجير الفتيات العاملات وهن على الأغلب من الهاربات من بيوتهن أو الراغبات بالعمل الذي نقوم به".

كيف يستردجون الفتيات؟

وعن كيفية استدراج الفتيات عرض قاضي التحقيق ما روته الضحايا وهن قصص تتشابه إلى درجة كبيرة فأفادت أحداهن وهي من المحافظات الجنوبية "كنت أعاني كثيرا بسبب مرض أبي النفسي و عندما فاتحني "تيتو" عبر برنامج " التليغرام" بإقامة علاقة غرامية ووعدني بالزواج لم أتردد بقبول الهرب من أهلي وكان هو من وضع خطة هروبي عبر سيارة أجرة انتظرتني قرب البيت في الساعة الثالثة بعد منتصف الليل".

وكذلك كانت قصة الفتاة الأخرى لا تختلف كثيرا عن سابقتها فقد ذكرت بإفادتها "تعرفت على "تيتو" في أحد مولات بغداد عندما صار يتبعني إلى أن تبادلنا أرقام الهواتف و بعد مدة ليست بالطويلة طلب مني أن نلتقي وأخذني إلي البيت و ما أن دخلنا البيت حتى أنتزع هاتفي المحمول بالقوة و شهر مسدسا بوجهي و طلب مني أن أعطيه كل ما أملك".

ولا تختلف قصص الفتيات الأخرى عن هاتين القصتين يكمل قاضي التحقيق موضحا أن "جميع الفتيات االلواتي يستدرجن إلى البيت يسرقن ما يحملن معهن ويغتصبن ويهددن بالتشهير في حال الهرب بعد تصويرهن بأوضاع مزرية، ما يضطررن للقبول بما يمليه عليهن الخاطفون".

وختم القاضي حديثه بالقول أن "أفراد العصابة بما فيهن صاحبة الكافيه صدقت أقوالهم بالاعتراف وهم الان قيد التحقيق و ستحال دعاواهم إلى المحاكم المختصة لينالوا جزاء أفعالهم". 

200 قضية إتجار بالبشر في 2017

وكشف مجلس القضاء الأعلى العراقي مؤخرا عن عدد القضايا التي نظرت بها محاكم الجنايات للعام الماضي 2017 والمتعلقة بجرائم الإتجار بالبشر مؤكدا انها بلغت 200 قضية وأن الجزء الأكبر منها في العاصمة بغداد.

وأرجع قضاة تفاقم الظاهرة إلى امتهان الإتجار من جانب عصابات تستغل الفتيات والأطفال وارتفاع أعداد المهاجرين العراقيين إلى الخارج واستثمارهم من العصابات المتخصصة.

وينتقد مختصون عراقيون نوع العقوبات التي تضمنها قانون الإتجار بالبشر رقم 82 لسنة 2012 والذي عاقب الجاني بالحبس لفترات قليلة وغرامة من خمسة إلى عشرة ملايين دينار (من 4 إلى 8 الاف دولار) فيما كان القانون السابق أشد صرامة مع الجناة.

 وشهد العراق بداية العام الحالي افتتاح أول دار لإيواء ضحايا الإتجار بالبشر من جانب وزير العمل والشؤون الاجتماعية محمد شياع السوداني موحا ان منهجية الوزارة في معالجة بعض الظواهر السلبية في المجتمع تعتمد على الشراكة مع المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة.

وقال إن وجود الدار أو المركز لتأهيل الضحايا، وإنجازه هو جزء مهم من التزام الدولة وبحكم الاتفاقيات الدولية في تنفيذ قانون الحد من الإتجار بالبشر وهو من القوانين المهمة لمكافحة هذه الظاهرة التي نتجت بسبب الهزات الامنية والاقتصادية التي تعرض لها المجتمع.

يشار إلى أنّ قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 لسنة 2012 قد نص على معاقبة كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر بالسجن مدة لا تزيد عن 15 عامًا وبغرامة لا تقل على عشرة ملايين دينار (نحو 8 الاف دولار).