على مدى عقود مرت، ظلت التجارب النووية التي أعلن زعيم كوريا الشمالية عن وقفها، محور الحديث والجدل بين تقارير تثبت عدم صدقيتها وردود فعل من تهديدها وتديها لقرارات مجلس الأمن الدولي.

إيلاف: فاجأ الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون العالم مساء الجمعة في الإعلان عن تعليق التجارب النووية والصاروخية على الفور، كما قرر غلق موقع للتجارب النووية سعيًا إلى تحقيق النمو الاقتصادي وإحلال السلام على شبه الجزيرة الكورية قبيل قمتين مزمعتين مع كوريا الجنوبية والولايات المتحدة.

نقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية عن قوله كيم: إن بلاده لم تعد بحاجة إلى إجراء تجارب نووية أو تجارب لإطلاق صواريخ باليستية عابرة للقارات، لأنها استكملت هدف تطوير أسلحة نووية.

وقالت كوريا الشمالية إنها "ستسهل الاتصال الوثيق والحوار النشط" مع دول الجوار والمجتمع الدولي من أجل تهيئة "بيئة دولية مواتية" لاقتصادها.

وصلت قمة الخشية من البرنامج النووي الكوري الشمالي حين أعلنت بيونغ يانغ يوم 6 يناير 2016 أنها أجرت اختبارًا نوويًّا تحت الأرض في موقع الاختبار النووي بونغ كيه - ري.

نجاح
وحينها، قالت وسائل الإعلام الكورية الشمالية أن البلاد نجحت في اختبار قنبلة هيدروجينية، وهي التي كان يعتقد بوجودها قبل شهر من توقيت إجراء الاختبار.

وأفادت وكالة المسح الجيولوجي للولايات المتحدة بوقوع زلزال بقوة 5.1 ريختر في موقع الانفجار، كما أفاد مركز شبكات الزلازل الصيني بوقوع الزلزال بقوة 4.9 ريختر. 

جاء الاختبار بعد تلميح سابق من الرئيس كيم جونغ أون إلى أن بلاده تمتلك القنبلة الهيدروجينية، وآنذاك، ووصفت كوريا الشمالية الاختبار بأنه "نجاح كامل"، وأشارت الغارديان إلى أن كوريا الشمالية وصفته بأنه "عمل من أعمال الدفاع الذاتي ضد الولايات المتحدة".

انسحاب
يشار إلى أن كوريا الشمالية كانت طرفًا في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، لكنها انسحبت منها عام 2003، وقالت تقارير إن ذلك يشير إلى فشل الولايات المتحدة لتحقيق الغاية المتمثلة في الإطار المتفق عليه، وهو اتفاق عام 1994 بين الدول للحد من طموحات كوريا الشمالية النووية، والبدء في تطبيع العلاقات معها، بجانب مساعدة كوريا الشمالية في تزويد بعض احتياجاتها من الطاقة من خلال المفاعلات النووية.

وفي إطار محاولاتها، أصدرت بيونغ يانغ في 9 أكتوبر عام 2006، إعلانًا تفيد عبره بأنها أجرت بنجاح تجربة نووية للمرة الأولى، لكن الولايات المتحدة واليابان ردتا على ذلك بأنه غير حقيقي، من خلال ما أصدرته وكالة الماسح الجيولوجي الأميركي وهيئة رصد الزلازل اليابانية أن زلزالًا قوته 4.3 بمقياس ريختر قد هز كوريا الشمالية.

حسب تقارير، كانت كوريا الشمالية قامت بالعديد من التجارب البالستية والنووية قبل ذلك، ففي شهر أكتوبر عام 2002، أقرّت بأنها تمتلك برنامج أسلحة نووية سري، وفي أكتوبر عام 2006 تم الإعلان عن أول ثلاثة انفجارات نووية تحت الأرض في موقع بونغي - ري لإجراء التجارب النووية. 

اختبار ثان
وفي مايو عام 2009، أي بعد شهر من المحادثات الدولية بشأن برنامج كوريا الشمالية النووي، أعلنت بيونغ يانغ إجراء اختبارها النووي الثاني تحت الأرض. وفي شهر فبراير عام 2013 تم إجراء ثالث اختبار نووي باستخدام ما وصفته وسائل الإعلام جهازًا نوويًا خفيفًا ومصغرًا، وفي مايو 2015 أعلنت بيونغ يانغ أنها اختبرت إطلاق صاروخ من غواصة، ما يجعل أمر اكتشافه أكثر صعوبة من الأجهزة التقليدية. 

وكان الزعيم الكوري كيم جونغ أون قال في شهر ديسمبر 2015 إن بيونغ يانغ طورت قنبلة هيدروجينية. وآنذاك، قالت محطة التلفزيون الكورية إن كوريا الشمالية أجرت بنجاح في تمام الساعة 10:00 بالتوقيت المحلي (توقيت بيونغ يانغ) يوم 6 يناير 2016 أول تجربة لقنبلة هيدروجينية، وأكدت أن تجربتها الناجحة هذه جاءت بإمكانياتها الذاتية، وباستخدام تقنياتها المحلية فقط. 

ووفقًا لبيان صادر من حكومة كوريا الشمالية فإن التجربة الناجحة للقنبلة الهيدروجينية لم يكن لها أي تأثير سلبي على البيئة، وتم إجراؤها وفق التوجه الاستراتيجي لحزب العمال الكوري الحاكم. وأعلن التلفزيون الكوري أن كيم جونغ أون شهده بنفسه الاختبار النووي.

وكان خبراء مركز رصد الزلازل الأوروبي والماسح الجيولوجي الأميركي ومركز شبكات الزلازل الصيني قد أعلنوا عن وقوع زلزال بقوة 5.2 درجة في الساعة 10:30 صباح يوم التجربة، بالقرب من موقع بونغ كيه - ري للتجارب النووية في شمال شرق كوريا الشمالية. 

وقالت الحكومة الكورية الجنوبية قبل الإعلان الرسمي من قبل بيونغ يانغ، إن المؤسسات المعنية تعتقد أن الزلزال الاصطناعي وقع بالقرب من موقع بونغ كيه-ري في شمال شرق كوريا الشمالية. وأعلن جهاز المخابرات الكوري الجنوبي أن قوة التفجير النووي الكوري الشمالي بلغت 6.0 كيلوطن.

التحصين الكلي
وحسب موسوعة (ويكيبيديا) فإن البرنامج النووي الكوري الشمالي يعود إلى حوالى عام 1962، حين أعلنت عن التزامها بما أطلقت عليه "التحصين الكلي"، وهو ما مثل بداية حقبة العسكرة التي خضعت لها البلاد.

طلبت كوريا الشمالية مساعدة الاتحاد السوفياتي في تطوير الأسلحة النووية عام 1963، لكن السوفيات رفضوا طلبهم. في حين وافقوا على مساعدتها على تطوير برنامج طاقة نووية سلمي، وتضمن ذلك تأهيل وتدريب علماء نوويين. ورفضت الصين طلبًا مماثلًا لتطوير أسلحة نووية من كوريا الشمالية في ما بعد، وذلك عقب إجراء الصينيين لتجارب نووية عدة.

وشارك مهندسون سوفيات في بناء مركز يونغبيون للأبحاث النووية العلمية وتشييد مفاعل نووي للأبحاث من نوع IRT-2000 عام 1963، ودخل هذا المفاعل حيز العمل عام 1965 وتم تحديثه لنموذج 8 MW عام 1974، وشرعت كوريا الشمالية في بناء مفاعل أبحاث ثان محلي في بيونغبيون عام 1979 ومصنع معالجة خام ومحطة تصنيع وقود نووي.

أما برنامج الأسلحة النووية الكوري الشمالي فإنه يعود إلى ثمانينيات القرن العشرين. حيث بدأت بيونغ يانغ بتشغيل منشآت لتصنيع وتحويل اليورانيوم وبإجراء اختبارات تفجير شديدة، وقد ركز برنامج الأسلحة على الاستخدامات العملية للطاقة النووية وإتمام نظام تطوير السلاح النووي.