إيلاف من لندن: كثيراً ما يُشار الى يان فان إيك على انه مخترع الرسم بالزيت. ورغم انه اول فنان أتقن هذه الطريقة بالكامل فان الألوان الزيتية استُخدمت في رسوم هندية وصينية منذ القرن الخامس.

ومع ذلك، فان الكثير من معجبي لوحته الاستثنائية "بورتريه ارنولفيني" (1434) في الغاليري الوطني في لندن سيقدرون انه كان رؤيوياً بحق. فهذه اللوحة الصغيرة ليست جميلة فحسب، بل غنية بالتفاصيل والاستعارات المحيرة حتى انها سحرت العديد من الفنانين منذ انجازها.

رسام وسفير شخصيّ

لا يُعرف تاريخ ميلاد هذا الفناني الفلمنكي على وجه الدقة ولكن يُقدر انه بين 1390 و1395. ولم يُسجل شيء تقريباً عن حياته المبكرة لكننا نعرف انه أصبح رسام البلاط في عهد فيليب الطيب دوق بورغوندي عام 1425 وكانت تُدفع له مخصصات سنوية.

بالاضافة الى الرسم عمل فان إيك سفيراً شخصياً لراعيه في محاولة تأمين عروس مناسبة له فسافر اولا الى شبه جزيرة ايبيريا لجس نبض الأميرة ايزابيلا في اسبانيا لكنه نجح في اثارة اهتمام سميّتها الأميرة ايزابيلا في البرتغال.

يان فان إيك

الى جانب روبرت كامبان كان فان إيك ابرز ممثلي الرسم بالألوان الزيتية التي سرعان ما انتشرت عندما اكتشف الفنانون انها تتيح التقاط الضوء والتفاصيل بقدر كبير من التألق.

لوحات خالدة

سمح له الدوق بانجاز تكليفات أخرى أهمها عمله "غنت المذبح" (1432) الذي يتكون من 12 لوحة خشبية منفصلة تنفتح لتكشف عن تصويرات توراتية مرسومة بطريقة رائعة. ويعتبر هذا العمل قمة في الفن المسيحي.

عاشت لوحة "غنت المذبح" تاريخاً مضطرباً من القلاقل والثورات ونهبها النازيون واكتُشفت بعد الحرب مخبأة في منجم ملح مع كنوز فنية مسروقة أخرى ورُممت بجهود مضنية. كما كانت موضع تمحيص وتدقيق على مر السنين لأن اسم هوبرت فان إيك كُتب عليها.

وكان هوبرت شقيق يان ويقال انه بدأ العمل على اللوحة ذات الاثني عشر جزء وان يان أكملها ووضع توقيعه عليها. ولكن خبراء يقولون ان الاسمين الموجودين على اللوحة رواية اخترعها انسانيون في غنت إبان القرن السادس عشر وان هوبرت كان مسؤولا عن الاطار النحتي للعمل فقط.

اختلف المعلقون على أي من لوحات فان إيك الباقية تمثل التعبير الأكمل عن قدراته ـ بورتريه ارنولفيني أو مذبح غنت أو العذراء وطفل مع المستشار رودان.

وبصرف النظر عن آراء المعلقين فان بريطانيا محظوظة بوجود بورتريه ارنولفيني معروضة في العاصمة الى جانب بورتريه رجل التي رسمها فان إيك في عام 1433.

كان فان إيك يصل الى نهاية اللوحة بطبقة بعد اخرى من الحُجب الزيتية الرقيقة التي اتاحت له توظيف المنظور والإضاءة غير المباشرة.

ملهم لكثيرين من بعده

وكان يستخدم فرشاة دقيقة جداً ويتفق الخبراء على انه كان احياناً يعمل بشَعرَة واحدة. وكان اهتمامه بالتفاصيل ونقل ملابس موضوعه ومحيطه بدقة ممارسة ألهمت الكثير من الفن من بعده.

حتى في القرن التاسع عشر ظلت أعمال فان إيك المعيار الذي يُقاس به كل الرسم.

وربما من دون الانجازات التي حققها بالزيت فان اعمال عمالقة اوائل مثل بييرو ديلا فرانشيسكا واندريه مانتينيا وساندرو بوتيتشيلي كانت ستفقد شيئاً من قيمتها وكذلك انجازات عملاقي عصر النهضة رفائيل ودافنشي.


أعدت "ايلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الديلي تلغراف". الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.telegraph.co.uk/art/artists/charles-saatchis-great-masterpiecesjan-van-eycksproject-mostblatant/