الرباط:قرر مجلس الأمن تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو) لمدة ستة أشهر، إلى غاية 31 أكتوبر 2018. وحصل على القرار على 12 صوتا لصالحه في مجلس الأمن، وامتناع روسيا والصين وإثيوبيا عن التصويت، فيما لم يصوت أي عضو ضده.

وثمن القرار الأممي المبادرة المغربية لفض نزاع الصحراء عبر منح الحكم الذاتي للصحراء، التي قدمها المغرب في 11 أبريل 2007. كما أشاد ب"جدية ومصداقية الجهود التي يبدلها المغرب من أجل تحقيق تقدم على مسار حل هذا النزاع".

وشدد القرار على "أهمية تجديد التزام جميع الأطراف للمضي قدما في العملية السياسية التي تهيئ لجولة خامسة من المفاوضات،بروح الواقعية والتوافقية". وأهاب القرار بجميع الأطراف التحلي بالإرادة السياسية والعمل من أجل توفير المناخ الملائم للحوار من أجل الرجوع إلى طاولة المفاوضات بهدفالتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الجميع.

وقال وزير الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، ان المضمون الإيجابي للقرار الذي اعتمده، مجلس الأمن بشأن الصحراء المغربية، يعد "ثمرة للعمل الجاد والحازم للعاهل المغربي الملك محمد السادس، من أجل التصدي لكل المحاولات اليائسة التي تستهدف المصالح العليا للمملكة".

وأبرز بوريطة أن المضمون الإيجابي لهذا القرار هو أيضا "نتيجة للتعبئة القوية، بقيادة الملك محمد السادس، للدبلوماسية المغربية ولكل القوى الحية للأمة من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية والوحدة الوطنية"، مشيرا إلى أن الممكلة المغربية تشيد بالمصادقة على هذا القرار المتعلق بالنزاع الإقليمي حولالصحراء المغربية.

وأوضح بوريطة أن أهمية هذا القرار يرتبط بالسياق الخاص لاعتماده، وهو سياق يتميز، على الخصوص، "بالانتهاكات المتعددة لوقف إطلاق النار من قبل جبهة البوليساريو، بتشيجع من الجزائر، وبالمحاولات المتعددة لتغيير النظام القانوني والتاريخي للمنطقة الواقعة شرق المنظومة الدفاعية"، إضافة "الىالتحديات المتكررة لسلطة وقرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية من طرف مسلحي بوليساريو".

كما يتميز هذا السياق، يضيف بوريطة، ب"إرادة المجتمع الدولي بإعادة إطلاق العملية السياسية بقيادة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة هورست كوهلر، على أساس دينامية جديدة وروح متجددة، مع استخلاص الدروس والإكراهات التي تمت مواجهتها في الماضي".

وأضاف بوريطة أن هذا السياق يتسم أيضا بالحملة الكاذبة التي تشن على أساس أضاليل إعلامية، ومحاولات لتزييف الوقائع من قبل الجزائر و" بوليساريو" بهدف تشويه الحقائق ونشر معلومات خاطئة عن العملية السياسية، وعمل المبعوث الشخصي، وقضية الموارد الطبيعية أو وجود ما يسمى ب "الأراضيالمحررة".

من جانبه ، صرح السفير، الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال، الجمعة بمقر الأمم المتحدة، بأن قرار مجلس الامن رقم2414 حول تمديد مهمة بعثة "مينورسو" يعزز موقف المغرب وحزمه إزاء الاستفزازات الأخيرة لجبهة البوليساريو شرق منظومة الدفاع بالمنطقة العازلة للكركرات"، مشيراإلى أن المجلس "تصرف بحزم ومسؤولية وحرص على فرض القانون وفقا لمهمته المرتبطة بصون السلم والأمن في العالم".

ونوه هلال في مؤتمر صحفي عقب اعتماد قرار مجلس الأمن، بكون المجلس "قدم دعما صريحا وقويا لمطالب المغرب، موضحا أن الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة "أمرت (بوليساريو) بالانسحاب فورا من المنطقة العازلة في الكركرات".

وذكر في هذا الصدد أن "الأمين العام أنطونيو غوتيريش كان قد قدم الطلب نفسه في تقريره الأخير إلى المجلس في الشهر الماضي".

وسجل السفير هلال أيضا أن المجلس "أمر انفصاليي جبهة البوليساريو بالامتناع عن نقل ما يسمى (الهياكل الإدارية) من مخيمات تندوف في الجزائر إلى بير لحلو، شرق منظومة الدفاع ،واصفا هذه المناورات بالمزعزعة للاستقرار بالمنطقة".

ولاحظ هلال أن "الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة استخدمت لغة صارمة جدا ضد انفصاليي "بوليساريو"، من أجل وضع حد لاستفزازاتها البالغة الخطورة في هاتين المنطقتين".

وأضاف أن مجلس الأمن، سواء في مداولاته اليوم، أو في تلك التي جرت الأسبوع الماضي، وكذا في أحكام قراره، "أبدى رفضه التام لمحاولات انفصاليي جبهة البوليساريو تغيير الحقائق على أرض الواقع ، وهو مايعتبره مجلس انتهاكا لوقف إطلاق النار ، وتهديدا خطيرا للعملية السياسية التي يعمل المبعوثالشخصي للأمين العام هورست كوهلر، بشكل دؤوب على إحيائها".

وأكد الممثل الدائم للمغرب أن "أوامر مجلس الأمن الموجهة إلى انفصاليي جبهة البوليساريو تشكل نسفا صارخا لأوهامهم ودعايتهم بشأن سيطرة مزعومة على المنطقة الواقعة شرق منظومة الدفاع، أو كيان وهمي لا وجود له إلا في مخيلتهم ومخلية صانعيهم الجزائريين".

وتابع قائلا "إن انفصاليي (بوليساريو ) تم عزلهم بوضوح من قبل المجتمع الدولي بسبب استفزازاتهم المزعزعة للاستقرار في المنطقة" ، مضيفا "من الآن فصاعدا ليس لهم من خيار سوى الامتثال لمطالب مجلس الأمن بالانسحاب ، أو تحمل العواقب الخطيرة التي ستترتب عن أعمالهم الخارجة عن القانون".

بالمقابل، أشار هلال إلى أن "مجلس الأمن أعرب عن امتنانه للمملكة المغربية على ضبط النفس الذي تحلت به وعلى ردها المتزن إزاء انتهاكات جبهة البوليساريو"، مبرزا أن "الأمر يتعلق هنا بشهادة دامغة من قبل مجلس الأمن على الاتزان والمستوى العالي من المسؤولية اللذين أبان عنهما المغرب خلالالأسابيع الأخيرة".

وسجل أن "الأمر يتعلق، قبل كل شيء، بعربون ثقة من المجتمع الدولي، إزاء السياسة المتبصرة والحازمة لجلالة الملك محمد السادس، الساهر على ضمان وحماية حقوق المغرب الثابتة في صحرائه ".

وأبرز الدبلوماسي المغربي أن "ثمة باعث آخر على ارتياح المغرب لقرار مجلس الأمن يتمثل في الطلب الإضافي والملح الموجه للجزائر بتحمل كامل مسؤولياتها غير القابلة للاسقاط، والكبيرة في النزاع الإقليمي حول الصحراء"، مضيفا أن "المجلس طلب منها، فعليا، في فقرة جديدة، رفع مستوى انخراطها فيمسلسل التفاوض والاضطلاع بدورها الخاص والأساسي في دعم العملية السياسية".

واعتبر أن مطلب مجلس الأمن هذا، يمثل "ردا منطقيا على الضلوع المباشر، طيلة أربعة عقود، للجزائر في ملف الصحراء. فالجزائر تعرف منذ الآن ما ينتظره منها مجلس الأمن"، مذكرا بالدور التاريخي للجزائر في نشأة هذا النزاع وفي إطالة أمده.

"وبخصوص العملية السياسية، يقول هلال، ان مجلس الأمن كرس وعزز، في فقرة جديدة، المعايير الأساسية الرامية لوضع حد لهذا النزاع الإقليمي، ويتعلق الأمر بكون: الحل ينبغي أن يكون عمليا ودائما وسياسيا وعلى أساس التوافق".

وخلص هلال إلى القول إن "القرار رقم 2414 يجدد، في هذا الصدد، التأكيد، مرة أخرى، على جدية ومصداقية وأهمية المبادرة المغربية للحكم الذاتي".