واشنطن: بعد ثلاثة أيام على زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجمعة في البيت الأبيض المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، فيما بدا ان الموضوعات الخلافية بقيت نفسها، من الملف النووي الإيراني إلى الرسوم الجمركية.

وأشاد ترمب جالسا بجانب المستشارة في المكتب البيضوي بـ"امرأة استثنائية" مؤكدا أنه رغم فترة التوتر الشديد خلال السنة المنصرمة، لطالما أقام "علاقات ممتازة" معها.

وجرت مصافحة قصيرة بين الاثنين، بعيدا عن إشارات الود التي أبداها ترمب حيال نظيره الفرنسي في مطلع الأسبوع خلال "زيارة دولة" سادتها مراسم تكريم كثيرة.

وفي ما يتعلق بقضية الضرائب على واردات الصلب والألمنيوم، ظل ترامب غامضا، واكتفى بالاعلان انه مصمم على العمل مع ميركل "لتقليل الحواجز أمام الصادرات الأميركية وتقوية الروابط الاقتصادية"، لكنّ المستشارة الألمانية أوضحت أن المناقشات كانت صعبة، مضيفة ان "القرار يعود إلى الرئيس". 

وقالت ميركل خلال تصريحات لم تتطرق خلالها إلى النقاط الخلافية "كان من المهم لهذه الزيارة الأولى خارج أوروبا المجيء إلى الولايات المتحدة (...) لتعميق العلاقات أكثر" بين البلدين.

وأعلن ترامب الشهر الماضي عن فرض رسوم نسبتها 25 بالمئة على الواردات من الفولاذ و10 بالمئة على الالمنيوم، مشيرا إلى أن الواردات الأجنبية تضر بالأمن القومي الاميركي عبر تقويضها الانتاج المحلي اللازم من أجل الجهوزية العسكرية. 

وخلال مؤتمرهما الصحافي المشترك، اثار ترمب استغراب المستشارة عندما قال ممازحًا ان لديه القدرة على طرد الأشخاص غير الأكفاء من وزاراته "على الأقل بشكل اسرع مما يحصل في ألمانيا". 

من جهة ثانية، وعلى غرار ماكرون من قبلها، حاولت ميركل إقناع الرئيس الأميركي بأنه يجب الحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني، وإلا فإن طهران قد تستأنف سعيها الى الحصول على أسلحة نووية، ما قد يؤدي الى سباق تسلح في منطقة غير مستقرة.

وعلى الرغم من أن ميركل اعتبرت ان الاتفاق النووي مع إيران غير كاف لاحتواء طموحات طهران، الا انها قالت انه يجب الحفاظ عليه. وقالت خلال المؤتمر الصحافي المشترك "نعتبر الاتفاق النووي الإيراني مرحلة أولى ساهمت في إبطاء أنشطتهم على هذا الصعيد بصورة خاصة (...) لكننا نعتقد أيضا من وجهة نظر ألمانية أن هذا غير كاف لضمان كبح طموحات إيران واحتوائها".

اضافت "يجب ان يكون هناك توافق بين اوروبا والولايات المتحدة حول هذا الموضوع". وندد الرئيس الاميركي الجمعة بالسلطات الإيرانية ووصف النظام في طهران بأنه "قاتل". وقال "النظام الإيراني يغذي العنف وسفك الدماء والفوضى في جميع انحاء الشرق الاوسط، يجب أن نضمن ان هذا النظام القاتل لا يقترب حتى من سلاح نووي وان تنهي ايران نشر الصواريخ الخطيرة ودعمها للارهاب".

وفي زيارتها الأخيرة للبيت الأبيض كانت لميركل الحذرة لقاءات عدة محرجة مع مضيفها المعروف بتصريحاته المتهورة، فتصادما علنا بشأن الانفاق الدفاعي والتجارة والهجرة. وقبل ساعات من اللقاء، أعلن ترمب عبر تويتر "أتطلع الى لقاء المستشارة الالمانية انغيلا ميركل اليوم. لدينا الكثير من الامور لمناقشتها، والقليل من الوقت! سيكون ذلك مفيدا لبلدينا العظيمين".

وتقول منى كريويل من جامعة كورنيل إن الفوارق في المظاهر بين زيارتي ماكرون وميركل "بارزة جدا". وتضيف إن تلك الفوارق تشير إلى "علاقة أكثر صعوبة بين ترمب وميركل". وهذا تغيّر دراماتيكي بالنسبة للزعيمة الألمانية التي لاكثر من عقد من الزمن كانت تعبرها واشنطن ليس فقط محاورا براغماتيا ومنطقيا، بل أيضا زعيمة لاوروبا بحكم الأمر الواقع.

وعلاقاتها مع الرئيس السابق باراك اوباما كانت وثيقة بشكل خاص، بحسب ما قاله مسؤولون من تلك الإدارة، إلى حد تشجيعه لها على الترشح لولاية رابعة. وقبل ساعات على وصول المستشارة في ساعة متأخرة الخميس، بعد نحو 15 شهرا على تولي ترمب مهامه الرئاسية، أكد الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون تعيين سفير لدى ألمانيا.

وبعد وقت قصير على تعيينه، قال ريتشارد غرينيل - المعروف بمواقفه المحافظة والمدافع الشرس عن سياسة ترامب +اميركا أولا+ - لوكالة فرانس برس إنه يقدّر اختياره لمنصب كان يشغله جون كوينسي آدامز، متعهدا العمل بشكل جاد.

وقال "هناك مسؤولية خاصة تقع على عاتق جميع المسؤولين الاميركيين، وهي رفض السياسات الحزبية عند تولي وظائف حكومية". وأكدت ميركل خلال هذا الأسبوع انه على الرغم من الاختلافات فإنها تريد الحفاظ على الشراكة الاستراتيجية الراسخة.

وقالت "إن التحالف بين جانبي الأطلسي، نظرا إلى التطورات غير الديموقراطية في هذا العالم... هو كنز عظيم أريد بالتأكيد الحفاظ عليه ورعايته".