بهية مارديني: وصلت الدفعة الأولى من الحافلات التي غادرت بلدتي كفريا والفوعة بريف مدينة إدلب السورية، إلى منطقة العيس جنوبي مدينة حلب، واقتصرت على الحالات الاسعافية اثر صعوبات واجهت مراحل التنفيذ، بانتظار وصول خمس حافلات تحمل مائتي شخصٍ من هيئة تحرير الشام(النصرة سابقاً)، إلى إدلب، بعد أن غادرت هذه الحافلات مخيم اليرموك جنوبي دمشق اثر إنجاز الاتفاق بين هيئة تحرير الشام والنظام السوري وإيران.

وتم التوصل الى الاتفاقٍ منذ يومين ويعتبر الترحيل أولى بنوده بغية إخلاء مخيم اليرموك من عناصر تحرير الشام مقابل نقل المئات من المُحاصرين بكفريا والفوعة إلى مناطق سيطرة النظام بعد معارك عنيفة اشتدت على مدى الأيام السابقة.

وقالت وكالة "سانا"، التابعة للنظام السوري، إنّ "عدداً من سيارات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر العربي السوري وصلت إلى ممر العيس جنوب حلب تقل حالات إنسانية حرجة من بلدتي كفريا والفوعة المحاصرتين بريف إدلب في إطار تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق إخراج إرهابيي مخيم اليرموك وتحرير مختطفي اشتبرق والمحاصرين 
في البلدتين".

وتحدثت عدة مصادر عن تسليم هيئة تحرير الشام 21 مصاباً من أهالي كفريا والفوعة و40 أسير لقوات نظام الأسد، مقابل 141 شخصاً بينهم 17 امرأة و16 طفلاً من مهجري مخيم اليرموك إضافة إلى عدد من المعتقلين كانوا بسجون نظام الأسد.

ولكن الحافلات التي دخلت إلى كفريا والفوعة لإجلاء الدفعة الأولى من البلدتين ضمن الاتفاق المبرم، خرجت خالية الا من الحالات الاسعافية بسبب رفض الأهالي الخروج على دفعات وإصرارهم على الخروج دفعة واحدة.

وأكد المصدر أن تنفيذ الاتفاق اقتصر على تبادل الحالات الإسعافية فقط ولكن تنفيذ الاتفاق النهائي تم تأجيله "لحين التوصل لصيغة تفاهم جديدة مختلف عما تم الاتفاق عليه لخروجهم على دفعات خلال عدة أشهر".

وتم الاتفاق بين نظام الأسد وهيئة تحرير الشام على خروج 160 عنصر من الهيئة والمتواجدين في الأطراف الشمالية من حي اليرموك، مقابل خروج 1500 مسلح مع عائلاتهم من كفريا والفوعة كدفعة أولى على أن يتم خروج 5000 شخص قبل شهر حلول رمضان، والإفراج عن 38 أسير لدى تحرير الشام من بلدة اشتبرق الواقعة في جسر الشغور.

وتسيطر هيئة تحرير الشام على الأجزاء الشمالية من مخيم اليرموك بنسبة تبلغ 30%.

وكانت المنطقة تخضع إلى اتفاق المدن الأربع الذي ينص على وقف إطلاق النار ودخول المساعدات الإنسانية إلى أن شنت قوات نظام الأسد والميليشيات المساندة لها حملة عسكرية على المنطقة.

وأصدرت هيئة تحرير الشام بياناً تحدثت فيه عن الاتفاق الذي أبرمته مع النظام وإيران بما يتعلق بملفي "كفريا والفوعة - مخيم اليرموك" حيث بات ملف البلدتين منذ حوالي العام بيد الهيئة بعد ان كان إبان اتفاق المدن الأربعة بيد حركة أحرار الشام الاسلامية.

وانتقدت عدة مصادر هذا البيان الصادر عن الهيئة لانها اختصرت تضحيات من أسمتهم "أبناء الشام" بعناصرها المحاصرين في مخيم اليرموك خلال أربع سنوات وقالت إنهم صمدوا في وجه الحملات التي شنها عناصر تنظيم الدولة الاسلامية والنظام.

وقال البيان "لأكثر من 4 سنوات استمر صمود أهالي مخيم اليرموك رغم الحصار الخانق عليهم في منطقة لا يتجاوز طولها 350 مترا وعرضها 500 متر، قدم فيها أبناء الشام أروع الأمثلة في التضحية والثبات أمام هجمات خوارج جماعة الدولة من جهة، وحملات النظام المجرم من جهة أخرى، فلم تخل سنوات الحصار الأربع من هجماتهم المتبادلة في توافق وتزامن واضح".

واعتبر البيان "أن صمود مقاتلي الهيئة في المخيم جعل إيران تنزل بسقف مطالبها في المفاوضات ويقبل بإخراج 1000 فقط من أهالي الفوعة الروافض و40 من أسرى إشتبرق، مقابل إخراج المحاصرين من مخيم اليرموك، وأن الاتفاق تم على خرجهم مرفوعي الرأس وفق شروطهم ومطالبهم، وأنها لازالت تحتفظ بنقاط تفاوض أخر مع بقاء قسم من المحاصرين في البلدتين".

وتحدثت الهيئة في البيان بأن مقاتليها خرجوا مرفوعي الرأس دون التطرق لمن خرج من الغوطة الشرقية وداريا والقلمون كونهم ليسوا من مقاتليها، وانتقد النشطاء البيان كون الهيئة سلمت المخيم للنظام ولم تناصر ريف دمشق ايضا في جولات سابقة ضد النظام .

وكانت هيئة تحرير الشام شنت حرباً اعلامية على جيش الإسلام لتسليمه السلاح والخروج ضمن قوافل التهجير من الغوطة في وقت لم تساعد هيئة تحرير الشام فيلق الرحمن او جيش الاسلام او الجيش الحر في الورقة التي تملكها في كفريا والفوعة لوقف شلالات الدم التي نزفت من الغوطة الشرقية طيلة السنوات الماضية.

واتهم موقع شام الاخباري الهيئة بالكذب، وقال هذا التباين في موقف الهيئة ومناصريها ليس بجديد فطالما سعت الهيئة عبر وسائل إعلامها لإظهار مقاتليها في موقع انتصار" كذلك فعلت إبان تسليم القلمون الغربي وكامل السلاح والعتاد الذي تملكه وترك المنطقة تستباح من قبل ميليشيات حزب الله، مع تقاضي مبلغ مالي كبير لقاء هذه الصفقة، وكذلك تسليم كامل منطقة شرقي سكة الحديد من أرياف حلب وحماة وإدلب والذي بررته بتخاذل الفصائل وقالت أنها قدمت ألف شهيد قبل الانسحاب خلافاً للواقع".

وأشار الى عدم استخدام هذه الورقة "للضغط على النظام في كل مراحل الحصار الذي واجه الغوطة الشرقية وداريا والغوطة الغربية وحلب، وعانى مئات ألاف المدنيين الويلات من الموت والقتل بشتى أنواع الأسلحة منها الكيماوي ولم تطلق تحرير الشام رصاصة على البلدتين التي لو فعلت لكانت ورقة ضغط كبيرة بيدها، إلا أنها خبئت هذه الورقة لإخراج بضع مقاتلين من عناصرها لا يتجاوز تعدادهم المئتين في وقت تركت مئات الألاف يلاقون مصيرهم لأعوام طويلة في الغوطة الشرقية، وعند خروجهم سلطت ماكينتها الإعلامية لنهش لحومهم وتغليب الخيانة والتسلم على اتفاقهم، اما اتفاقها فهو اتفاق منتصر وخروج عناصرها "مرفوعي الرأس""

مخطط اغتيالات

وبالتزامن، كشفت هيئة تحرير الشام، السبت الماضي، الجهة المتورطة في مخطط الاغتيالات التي تشهدها محافظة إدلب والمناطق المحرَّرة في شمال سوريا. 

وقالت وكالة "إباء" أن الجهاز الأمني لهيئة تحرير الشام ألقى القبض مؤخرًا على أحد عناصر تنظيم الدولة في مدينة إدلب متورطا مع باقي أفراد خلية في الاغتيالات الأخيرة التي تضرب المناطق المحرَّرة.

ونقلت الوكالة عن أبو أسامة الشامي أحد المسؤولين في الجهاز الأمني للهيئة قوله "نتيجة لتكثيف الدوريات والمتابعة اشتبهنا بشخص مرَّ من إحدى الطرقات العامة وكان يستقل سيارة فأوقفناه للتفتيش، وأثناء تفتيش سيارته عثرنا على حزام ناسف وقنابل يدوية مع صواعق وسلاح فردي".

وأضاف الشامي أنه "وبعد التحقيق مع الشخص المشتبه به، اعترف بتورطه بالعمل مع مجموعة مهمتها تنفيذ الاغتيالات في عدة مناطق بالشمال السوري المحرر، حيث اغتالوا اثنين من الأهالي في منطقة "عرب سعيد" وسرقوا سيارتهما".

وأشار إلى أن العمل لا زال جاريًا للقبض على باقي أفراد المجموعة.

وكانت هيئة تحرير الشام أعلنت الجمعة الماضية، أن الجهاز الأمني التابع لها ألقي القبض على خلية اغتيالات في ريف إدلب.

اتفاق هدنة جديد

الى ذلك أعلنت جبهة تحرير سوريا، وهيئة تحرير الشام، التوصل إلى اتفاق نهائي يقضي بوقف الاقتتال الدامي الذي استمر نحو شهرين في شمال سوريا.

ووفقا للاتفاق الذي وقعت عليه ألوية صقور الشام أيضا، والتي قاتلت إلى جانب تحرير سوريا، فإن الوضع في المناطق ستبقى كما هي عليه، دون تغيير في وضعيات السيطرة إضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين من الطرفين، وفتح الطرقات، ورفع الحواجز، وعودة المهجّرين إلى منازلهم. ونص الإتفاق على "إيقاف نهائي للتحريش الإعلامي في الحسابات الرسمية والرديفة".

وتقرر وفقا للبنود التي نشرها الطرفان الثلاثاء الماضي، تشكيل لجنة من الطرفين ولجنة الوساطة لمتابعة تنفيذ الاتفاق.

وانتهى الاتفاق إلى ضرورة "البدء بمشاورات موسعة مستمرة للوصول إلى حل شامل (العسكري_السياسي_الإداري_القضائي)".

وكان الاقتتال الذي اندلع نهاية فبراير الماضي أدى إلى قتل وإصابة المئات من الطرفين، إضافة إلى أسر العشرات دون استمرار العديد من الهدن.