قد يكون بشير الجميل من أكثر الزعماء اللبنانيين الذين أثاروا جدلا في حياتهم. وحتى بعد مقتله٬ لم يكن أقل صخبا. واليوم تثير بعض الأقوال المنسوية إليه جدلاً جديداً في لبنان في توقيت لا يِمكن إلا ربطه بالانتخابات النيابية بعد أيام٬ في السادس من أيار/ مايو.

فقد علَقت في ساحة ساسين، معقل مؤيدي بشير الجميل، في الأشرفية، شرق بيروت، لافتات تقول: "سيأتي يوم نقول فيه للسوري: اجمع أغراضك وكل ما سرقته وارحل"، و"حاول السوريون تقسيم لبنان٬ فجاء اليوم من يقسم بلادهم".

جاء وقع هذه الأقوال ثقيلا، لا سيَما وأن البعض رآها استهدافا للاجئين السوريين في البلاد ووصف مضمونها بالعنصري.

غير أن نجل بشير الجميل النائب والمرشَح للانتخابات القادمة نديم جميَل٬ ردَ على الانتقادات معتبرا أن هذه الأقوال هي لبشير الجميَل الذي اغتيل في عام ١٩٨٢ وأنه قصد فيها آنذاك النظام السوري.

وقال الجميَل الابن إن تعليق اللافتات جاء في ذكرى انسحاب الجيش السوري من لبنان في نيسان/ أبريل من عام ٢٠٠٥.

هذه التوضيحات لم تنجح كليا في التخفيف من حدة حرب التعليقات الإلكترونية التي اندلعت على مواقع التواصل الاجتماعي على خلفية انتشار الصور والشعارات.

وقد استعادت بعض تلك التعليقات مضامين تعليقات حديثة أيضا أثارتها أغنية في إحدى البرامج التلفزيونية اللبنانية الساخرة تناولت اللاجئين السوريين في لبنان٬ وتقول كلماتها: "يا عين عالسوريين بأراضي اللبنانية، نحنا صرنا المغتربين وهني الأكثرية".

وهو ما استدعى ردا من ناشطين سوريين استخدموا الأسلوب الساخر نفسه ووضعوا على اللحن نفسه كلمات تقول: "يا عين عالنازيين بشاشة لبنانية، عم بغنوا مبسوطين بلهجة عنصرية".

ليست المرة الأولى التي تثار فيها مسألة التعاطي مع قضية اللجوء السوري في الخطاب العام أو في الإعلام الجدي او الساخر.

لكن هذه المرة أعطى تزامن هذه الأحداث مع موسم الانتخابات النيابية القضية بعدا مختلفا متعلقا باستعادة خطابات معينة ومفردات بعينها على حساب التعاطي المسؤول مع قضية بحجم قضية لاجئين هربوا من بلادهم بسبب الحرب.

قد تكون مخلفات تاريخ حديث مثقل بتجارب دامغة بسبب الوجود السوري في لبنان لا تزال تتحكم بطريقة تعاطي البعض مع قضايا مرتبطة بالوضع السوري الحالي، إلا أن حجم اللجوء السوري إلى لبنان منذ اندلاع الحرب في

البلد المجاور فاقم من ذلك بلا شك.

لكن مما لا شك فيه أن جزءا من التناول الإعلامي والخطابات المتشنجة والتي تلعب على مشاعر الخوف لدى اللبنانيين من مستقبل قضية اللجوء، لم تساعد في خلق مساحة تلاقي تصبح فيها بعض الشعارات أو التعليقات مرفوضة بشكل حاسم باعتبارها من المحرمات أو باعتبارها غير مقبولة.