الكل يصف ما يحصل بأنه عرس انتخابي ديمقراطي. لا شك في أنه عرس، إذ تأجلت هذه الانتخابات النيابية في لبنان 9 أعوام متتالية. الأهم أنه يحصل بهدوء وفي أجواء أمنية مستقرة.


إيلاف من بيروت: في السابعة من صباح الأحد، وبعد تسعة أعوام من التأجيل، انطلقت عملية الاقتراع للانتخابات النيابية اللبنانية 2018، في 15 دائرة انتخابية.

بحسب بيان وزارة الداخلية اللبنانية، توافد منذ الصباح الباكر الناخبون اللبنانيون وعددهم 3746446 ناخبًا تقريبًا لممارسة حقهم في الاقتراع، في أجواء وصفتها المصادر بالهادئة بفضل تدابير أمنية مشددة نفذتها القوى الأمنية اللبنانية أمام مراكز الاقتراع وفي داخلها، وبحضور مندوبي المرشحين. 

أرقام الداخلية

قال المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية والبلديات في بيانه إن مراكز الإقتراع في كل لبنان فتحت أبوابها عند الساعة السابعة صباحًا أمام ثلاثة ملايين وسبعمئة وستة وأربعين ألفًا وأربعمئة وثلاثة وثمانين ناخبًا، يتوزعون على 6793 قلم اقتراع في 15 دائرة كبرى، وسط إجراءات أمنية تقوم بها عناصر من قوى الأمن الداخلي داخل الأقلام وعناصر من الجيش اللبناني خارج محيط مراكز الإقتراع وعلى الطرق العامة، وفي ظل هدوء أمني.

أشار البيان إلى أن أقلام الإقتراع ستظل مفتوحة أمام الناخبين الراغبين في الاقتراع حتى السابعة مساء، على أن تعلن غرفة العمليات المركزية في وزارة الداخلية نسب الاقتراع في كل الدوائر تباعًا.

وفي بيان لاحق، أعلنت غرفة العمليات في الوزارة عن أنها قامت بمعالجة أكثر من 400 إتصال وشكوى حتى الساعة تتعلّق بالنواقص داخل صناديق الاقتراع.

في حوالى العاشرة صباحًا، توزعت نسب الاقتراع في بعض البلدات والدوائر على الشكل الآتي: في صيدا (10.42%)، دائرة الجنوب الثالثة (12%)، بنت جبيل (30%)، بيروت الأولى (5.96%) بيروت الثانية (12%)، زعرتا (14%)، بشري (13.8%)، البترون (16.2%)، الكورة (11.3%)، المتن (16.2%)، كسروان (19.94%)، جبيل (15.46%)، طرابلس (10%). وحققت مدينة ميس الجبل أعلى نسبة اقتراع، إذ بلغت 20%.

وبحسب الداخلية اللبنانية، بلغت نسبة الاقتراع في العاشرة صباحًا نحو 6.59% في كل لبنان.

سياسيون يقترعون

شارك الساسة اللبنانيون في العملية الانتخابية، مدلين بأصواتهم في أول انتخابات برلمانية تشهدها البلاد من تسع سنوات.

فقد أدلى رئيس الجمهورية ميشال عون بصوته في القلم رقم 1 في المركز الإنمائي التابع لبلدية حارة حريك. وقال: "إن اللبنانيين يمارسون اليوم أهم عملية وطنية سياسية، يختارون عبرها من سيمثلهم لمدة 4 سنوات في المجلس النيابي، وهو المؤسسة الأم التي تنبثق عنها كل السلطات".

أضاف عون: "الاقتراع واجب مقدس، وأتمنى أن يكون الانتخاب على حسب إرادتكم واختاروا الأشخاص الذين يعجبونكم وامنحوهم أصواتكم التفضيلية".

وأدلى رئيس الوزراء سعد الدين الحريري بصوته في ثانوية شكيب أرسلان في منطقة فردان، ودعا اللبنانيين فى بيروت والمناطق إلى ضرورة المشاركة فى الانتخابات من أجل مصلحة لبنان، موضحا أن وجود انتخابات نيابية بعد غياب 9 سنوات امر مفيد فى حد ذاته.

اضاف: "إذا نظرنا لما يحصل حولنا ورأينا أن لبنان يقوم بانتخابات ديمقراطية نجد أن البلد بألف خير وعلى كل مواطن لبنانى أن يُقدم على الانتخاب ليؤدى واجبه الوطنى ويصوته لمن يريد".

كما أدلت النائب بهية الحريري بصوتها في صيدا، وقالت: "ليس هناك إشكالات في الانتخابات النيابية في صيدا، لكن القانون الانتخابي الجديد فيه لغط في البداية، وسنرضى بالنتائج كيفما كانت:، مؤكدةً أنه سيكون هناك مفاجئات في النتائج لأنها المرة الأولى التي يتم تطبيق هذا القانون الانتخابي فيها.

وأدلى تيمور جنبلاط، المرشح عن المقعد الدرزي في دائرة عالية – الشوف، بصوته في مدرسة كمال جنبلاط في بلدته المختارة، وعبر عن ارتياحه لسير عملية الاقتراع ولنتائج الانتخابات النيابية.

وأدلى رئيس الوزراء السابق تمام سلام بصوته، ثم صرح: "هذا استحقاق وطني ديمقراطي بامتياز ونتأمل من كل الناس قول كلمتها". وأشار إلى أن بعد الانتخابات النيابية، سيتم فتح صفحة جديدة من أجل تعزيز حرية واستقلال وسيادة لبنان.

وقال وزير المال علي حسن خليل، بعد الإدلاء بصوته في دائرة الجنوب الثالثة: "نسبة التصويت مريحة وطبيعة اللوائح في هذه المنطقة تخلق حيوية سياسية ونحن مطمئنين لمشروعنا وللناس، وطبيعة الخطاب السياسي المرتفع ومحاولة البعض الدخول إلى المنطقة بطريقة غير مدروسة، لكن وعي الناس أكبر من أي حملة تحريض".

قال رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية عقب إدلائه بصوته في أحد أقلام الإقتراع في زغرتا: "زغرتا مفتوحة للكل هي بتكبر الروس وهي بتصغرها، وموقعي بعد الإنتخابات لن يتغير".

ما بعد الأحد

واكب الاعلام العربي واللبناني العملية الانتخابية البرلمانية اللبنانية بالكثير من الترقب. ففي جريدة "العرب" اللندنية، حذر خيرالله خيرالله ممّا سيترتب على نتائج الانتخابات وفق قانون الانتخاب الجديد، الذي يرى أنه أتى على قياس جماعة حزب الله ليدخل لبنان إلى مرحلة الوصاية الإيرانية المعلنة.

أضاف: "سيندم اللبنانيون بعد ظهور نتائج الانتخابات. سيندمون أوّلًا على السماح بتمرير قانون انتخابي عجيب غريب، أقل ما يمكن أن يوصف به، أنه وضع على قياس حزب الله الذي حوّل الطائفة الشيعية إلى طائفة منغلقة على نفسها".

ورأى أن جماعة حزب الله اختزلت الشيعة في لبنان بفكرة السلاح غير الشرعي الذي يمتصّ موازنة الدولة اللبنانية ويدمّر مؤسساتها ويقيم في البلد اقتصادًا ريعيًا يعتمد على موارد مشبوهة وعلى ما يتوفر من إيران.

في المقابل، وصفت "الديار" اللبنانية العملية الانتخابية بأنها "أفضل انتخابات نيابية تجري منذ الاستقلال في جو من الديموقراطية والأمن والحرية".

وكتبت رلى موفق في "اللواء" اللبنانية: "استحقاقات دستورية متتالية ستكون بانتظار لبنان بعد أن تُطوى صفحة الانتخابات النيابية، بدءًا بانتخاب رئيس البرلمان ومروراً بالاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة العتيد وصولاً إلى تشكيل الحكومة وإعداد بيانها الوزاري ونيلها الثقة، وهذا المسار سيعتريه شدّ حبال بدأت ملامحه تظهر، على الرغم من الاقتناع السائد أن مرحلة ما بعد الانتخابات هي جزء من التسوية واستكمال لها".

وكتبت روزانا بومنصف في "النهار" اللبنانية: "يبدو صحيحًا أن مرحلة ما قبل الانتخابات والخطاب المرتفع السقوف سيطويها يوم الانتخاب ونتائجه. وفي خضم التعبئة الانتخابية برزت مؤشرات لعناوين المرحلة المقبلة أو لطرح تساؤلات عن ماهيتها".