لندن: القمر أكثر من وجه جميل يتغنى به الشعراء والعشاق. فهو يساعد في توجيه تيارات المحيطات ومدها وحركة الغلاف الجوي للأرض واتجاهات المناخ، وحتى الزاوية التي يميل بها محور الأرض. 

فماذا سيحدث للأرض ولسكانها إذا اختفى القمر فجأة؟ الأرجح ان اختفاءه سيحكم علينا بالهلاك. 

أول ما سيحدث باختفاء القمر أن الليل سيكون أحلك ظلمة بكثير لأن القمر يعكس ضوء الشمس لينير سماء الليل. وفي غياب ضوء القمر ستغرق كل الأماكن التي لا توجد فيها إنارة اصطناعية في ظلام كثيف مثل الطرق الريفية التي سيصبح السير عليها بالغ الخطورة. 

كما ان اختفاء القمر بصورة مفاجئة سيربك الحيوانات. فكثير من الحيوانات التي تستخدم الرؤية نمطاً للتفاعل مع بيئتها توظف ضوء القمر من أجل البقاء وأخرى ضارية مثل طائر البوم والأسد تعتمد على ستار الليل مع قليل من ضوء القمر لاصطياد فرائسها. ومن دون قمر ستجد صعوبة في العثور على الغذاء لنفسها ولإطعام صغارها. 

النتيجة الأخرى لغياب القمر هي تغير المد والجزر. فان جاذبية القمر تؤثر على كوكب الأرض بسبب قربه منا. وهي ليست قوية مثل جاذبية الأرض التي تبقيه في مداره حولها لكنها كافية لجذب المحيطات في هذا الاتجاه أو ذاك وبذلك التأثير على ظاهرة المد والجزر. 

ومن دون القمر سيرتفع المد ويهبط بمعدل أبطأ بكثير يبلغ ثلث معدله الآن ومن شأن هذا أن يغير جذرياً المنظومات البيئية الساحلية مع احتمال تدمير العديد منها والكثير من الحياة البحرية وتعطيل تدفق الطاقة والماء والمعادن وغيرها من الموارد. 

كما تساعد الحركات المدية في تسيير التيارات المحيطية التي بدورها تحدد الاتجاهات المناخية لأن التيارات توزع المياه الدافئة والترسبات على انحاء العالم ومن دونها ستكون درجات الحرارة المناطقية أقرب إلى النهايات القصوى ومعها الأحداث المناخية الكبرى. كما أن جاذبية القمر تحرك الجزيئات في الغلاف الجوي. 

وبسبب هذه القوة التثبيتية فان الأقمار الكبيرة هي من الأشياء الرئيسية التي يبحث عنها العلماء في تحديد الكواكب التي يمكن ان تستضيف حياة فيها. ويقول العلماء ان الكوكب الموجود خارج منظومتنا الشمسية يحتاج إلى قمر كبير لتكون منظومته المناخية هادئة بما فيه الكفاية لانتاج حضارة مثل حضارتنا. ومن دون جسم سماوي مثل القمر قد لا توجد حياة بالشكل الذي نعرفه. 

ويمكن أن يُحدث اختفاء القمر تغيرات حتى أشد تعطيلا ولكن على مدى زمني أطول. فمن دون جاذبية القمر التي تبقي الأرض في مكانها من المرجح ان تتغير الزاوية التي يميل بها محور الأرض تغيراً اكثر جذرية بمرور الزمن. 

ويمكن أن تنتقل الأرض من توقف الميل بأي زواية وغياب الفصول عملياً إلى الميل بزاوية كبيرة مع تغيرات مناخية موسمية قصوى وعصور جليدية في غضون بضع مئات الآلاف من السنين. ويشير العلماء إلى كوكب المريخ كمثال بتقلباته المناخية القصوى مع تغير زاوية ميل محوره لأنه لا يملك قمراً يمنع ذلك. 

على مستوى أقرب إلى البشر سنفقد بغياب القمر مصدر الهام ومعلومات علمية. ويقول العلماء اننا محظوظون بوجود القمر وجهة سهلة ترنو اليها انظارنا مشيرين إلى حجم ما تعلمناه من القمر، بما في ذلك اشياء عن اصل كوكبنا وكيف تنشأ الكواكب الأخرى وكيف انقرضت الديناصورات. وهناك الكثير من المعلومات التي سنبقى جاهلين بها لولا وجود القمر. 

من حسن الحظ ليس هناك دليل يشير إلى أنّ القمر سيزعل على الأرض ويختفي بالانتحار أو الاصطدام مع جسم آخر في وقت قريب. 

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "بوبيولار ساينس". الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.popsci.com/what-would-happen-if-moon-suddenly-disappeared