القدس: اتهمت إسرائيل إيران باستهدافها بالصواريخ انطلاقاً من سوريا وردت عبر قصف عشرات المواقع العسكرية التي قالت إنها إيرانية في هذا البلد المجاور، في تصعيد غير مسبوق.

وهي المرة الأولى التي تتهم فيها إسرائيل إيران باستهدافها من سوريا منذ بدء النزاع في هذا البلد قبل ثماني سنوات، في تصعيد يأتي في خضم التوتر االقائم بين الولايات المتحدة وإيران بعد اعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني.

وأسقط الجيش السوري عشرات الصواريخ الإسرائيلية، وفق ما اعلنت دمشق مشيرة في الوقت ذاتها أن بعضها استهدف مواقع عسكرية لم تحدد مناطق تواجدها.

وأعلنت إسرائيل صباح الخميس أنها ضربت "عشرات" الاهداف العسكرية الإيرانية من بينها منشآت استخباراتية ولوجستية ومستودعات، مؤكدة في الوقت ذاته أنها لا تسعى للتصعيد العسكري مع إيران في سوريا.

وبدأ التصعيد عند منتصف الليل في جنوب سوريا قبل أن يتوسع لاحقاً.

وبداية أعلن الجيش الإسرائيلي أنه رد على "هجوم إيراني" بالصواريخ والقذائف استهدف الجزء المحتل من هضبة الجولان دون أن يوقع ضحايا، بعدما افاد الاعلام الرسمي السوري عن قذائف مصدرها إسرائيل استهدفت مدينة البعث في محافظة القنيطرة جنوباً. 

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس "أُطلِقت الصواريخ بعيد منتصف الليل (21,00 ت غ الاربعاء) من جانب عناصر فيلق القدس باتجاه الخطوط الامامية للجيش الإسرائيلي في الجولان".

وأكد المتحدث أنّ الجيش الإسرائيلي يأخذ "هذا الهجوم الإيراني ضد إسرائيل بجدية بالغة".

وبعد دقائق، أعلن الاعلام السوري عن تصدي الدفاعات الجوية لدفعة أولى من الصواريخ الإسرائيلية في منطقة القنيطرة.

ووسط التصعيد في الجنوب، أفادت مراسلة فرانس برس في دمشق عن سماع دوي انفجارات ضخمة استمرت لساعات عدة. ونقل التلفزيون الرسمي السوري بثاً مباشراً قال إنه يظهر تصدي الدفاعات الجوية للصواريخ الإسرائيلية. 

ومن إسرائيل، كتب المتحدث باسم الجيش أفيخاي ادرعي على حسابه على تويتر أن الجيش الإسرائيلي "يتحرك في هذه اللحظات ضد أهداف إيرانية في سوريا"، مضيفاً أن "أي تورط سوري ضد هذا التحرك سيواجه ببالغ الخطورة".

إلا أن مصدراً عسكرياً سورياً اعلن وفق سانا "إسقاط عشرات الصواريخ الإسرائيلية في الأجواء السورية خلال تصدي دفاعاتنا الجوية لها"، قبل أن يقول في وقت لاحق أن بعضها "يصيب أهدافه".

استهداف مواقع قرب دمشق

واستهدفت الصواريخ الإسرائيلية، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية عن مصدر عسكري، "كتائب الدفاع الجوي والرادار ومستودع ذخيرة" من دون تحديد موقعها.

وأوضح مصدر من القوات الموالية لدمشق لوكالة فرانس برس أن "بعض الصواريخ استهدف مواقع في ريف دمشق بينها فوج الدفاع الجوي قرب الضمير" في القلمون الشرقي قرب دمشق.

وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن الصواريخ الإسرائيلية استهدفت مواقع عدة إيرانية وتابعة لحزب الله اللبناني في جنوب البلاد ووسطها وفي محيط دمشق.

وقال لفرانس برس أن "الصواريخ طالت مواقع عدة في محيط دمشق، بينها في بلدة معضمية الشام حيث يتواجد حزب الله والإيرانيون"، كما استهدفت "مواقع يعتقد أنها تابعة لحزب الله جنوب غرب مدينة حمص (وسط)، وأخرى تابعة للحزب ذاته في المثلث الواصل بين ريف دمشق الجنوبي ومحافظتي درعا والقنيطرة" جنوباً. 

ومنذ بدء النزاع في سوريا في 2011، قصفت إسرائيل مرارا أهدافاً عسكرية للجيش السوري أو أخرى لحزب الله في سوريا، لكن الاستهداف طال مؤخراً مواقع يتواجد فيها إيرانيون.

ويقاتل في سوريا منذ سنوات مقاتلون إيرانيون ومن حزب الله اللبناني الى جانب الجيش السوري، وساهموا في معارك عدة في تغيير المعادلة على الارض لصالحه.

ولطالما كررت إسرائيل أنها لن تسمح لإيران بترسيخ وجودها العسكري في سوريا.

ويأتي التصعيد الجديد غداة مقتل 15 مقاتلاً موالياً للنظام نصفهم إيرانيون في ضربة صاروخية إسرائيلية استهدفت مستودع ذخيرة تابع "للحرس الثوري الإيراني" في منطقة الكسوة في ريف دمشق الجنوبي، وفق ما افاد المرصد السوري. 

وقال الاعلام الرسمي في حينه ان الدفاعات الجوية السورية تصدت لصاروخين اسرائليين.

استنفار جنوباً

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء انه طلب من السلطات المحلية في هضبة الجولان المحتلة ان تفتح وتحضر الملاجىء المضادة للصواريخ بسبب "انشطة غير مألوفة للقوات الإيرانية في سوريا" في الجهة الاخرى من خط التماس.

وقال إنه "تم نشر منظومات دفاعية كما ان القوات الإسرائيلية في حالة استنفار قصوى في مواجهة خطر هجوم". ولا تزال سوريا وإسرائيل رسمياً في حالة حرب رغم أن خط الهدنة في الجولان بقي هادئا بالمجمل طوال عقود حتى اندلاع النزاع في سوريا في العام 2011.

وتشهد الجبهة السورية توتراً شديداً بين إيران وحزب الله من جهة وإسرائيل من جهة ثانية.

ويتزامن التصعيد الجديد وغير المسبوق بعد اعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الثامن من الشهر الحالي انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني، الذي وقع مع القوى الكبرى العام 2015، وإعادة فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية.

وكانت إسرائيل أول الداعمين للقرار الذي وصفته بـ"الشجاع"، واثار في المقابل خشية المجتمع الدولي وعلى رأسها الدول الموقعة على الاتفاق وهي فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين بالاضافة الى المانيا.

وأعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني انه سينتظر بضعة أسابيع لاستئناف "التخصيب الصناعي اللامحدود إذا لزم الامر" على ضوء محادثات مع الدول الاخرى المشاركة في الاتفاق.

وحذّرت تركيا من أن يتسبب قرار ترمب "بعدم الاستقرار وبنزاعات جديدة".