تبدو ملامح شوارع العراق غير واضحة بسبب كثافة الصور والدعايات الانتخابية التي يثير بعضها سخرية العراقيين. ومن غرائب الانتخابات أن إحدى حسناء أزهر الجنابي، المرشحة على لائحة "سائرون"، قررت خوض حملتين، دينية ومدنية!

بغداد: انتخبوا أنوار هاشم العويلي "ابنة عم صاحب محل إطارات في أستراليا". هذه واحدة من أغرب الدعايات الانتخابية التي فردت لها صفحة كاملة في جريدة عراقية، على غرار مرشحين كثيرين وصموا أنفسهم بشعارات مثيرة للسخرية، ظنا أنها تحشد لهم الأصوات.

ملامح غير واضحة

وقبل موعد الانتخابات التشريعية المقررة في 12 مايو، لا تزال ملامح شوارع العراق غير واضحة بفعل كثافة صور ودعايات نحو سبعة آلاف مرشح يتنافسون على 329 مقعدا برلمانيا.

بعدما صار أشهر من نار على علم خلال المعارك لدحر تنظيم داعش، يخوض أحمد الأسدي السباق الانتخابي اليوم بشعار "الناطق الرسمي"، ولكن من دون إيضاح باسم من؟

اكتفى المرشح عن تحالف "الفتح" بذلك للدلالة على أنه كان المتحدث الرسمي باسم فصائل الحشد الشعبي، إذ أن القانون يمنعه من الترشح ما لم يفك ارتباطه بتلك الفصائل.

وإذا كان الأسدي صريحا ولم ينتحل صفة حملها خلال السنوات الأخيرة، فما حال عائشة المساري المرشحة على قائمة ائتلاف الوطنية التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق أياد علاوي؟

تبنت المساري صاحبة التسلسل 99 في القائمة، شعارا تصف فيه نفسها بـ"صاحبة الألف إنجاز"، من دون أن تذكر واحدا من تلك الإنجازات.

مثلها، المرشحة هناء تركي، التي تحمل التسلسل رقم 2 مباشرة بعد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في ائتلاف "النصر.

بالحجاب ومن دونه

لكن العراقيين ما زالوا يبحثون حتى الساعة عن صورة لتركي، التي تخوض حملتها الانتخابية من دون إظهار وجهها على اللافتات، معرفة عن نفسها على أنها "أم زين العابدين" فقط.

ومن الشائع في المجتمع العراقي تجنب وضع صور لنساء، حتى في حالات الموت، التي يذكر فيها اسم الابن أو الزوج.

وكانت المفاجأة كبيرة لدى العراقيين، بعد إعلان تحالف "سائرون" الانتخابي الذي يجمع بين الزعيم الشيعي مقتدى الصدر والحزب الشيوعي، حتى بدأ بعض الناشطين بإطلاق نكات حيال الخطوة.

يقول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي إن "عيد العمال صادف العام الحالي مع ذكرى ولادة الإمام المهدي (الإمام الثاني عشر لدى الشيعة الإثني عشرية)، هذه نتائج التحالف"، و"يا عمال العالم، صلوا على النبي" مذيلة بتوقيع "الجناح الإسلامي في الحزب الشيوعي".

لكن الأمر أخذ منحى سورياليا حين وصل إلى مسألة الدعاية الانتخابية. فالمرشحة على لائحة "سائرون" حسناء أزهر الجنابي، قررت خوض حملتين، دينية ومدنية.

ففي المناطق ذات الغالبية الشيعية في العاصمة، اختارت الطبيبة الجنابي صاحبة التسلسل 36 أن تستخدم صورة ترتدي فيها الحجاب، على عكس المناطق الأخرى التي انتشرت فيها لافتات عليها صورتها بشعر مصفف.

بأمر من "الوحي الإلهي"!

يبدو أن المرشحة كانت على علم بظهور المرشح المرسل في جنوب العراق.

ففي محافظة ذي قار، ألقت الاستخبارات العراقية القبض على مرشح يدّعي النبوة، ويعرف عن نفسه أنه "مؤسس وقائد ونصير لحزب الله نور السموات والأرض النبي السيد الإمام المجاهد ياسر ناصر حسين (آية الله العظمى)".

وفي فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، يؤكد حسين أنه ترشح بأمر من "الوحي الإلهي".

هتلر اسم وليس أسلوب حياة

إن لم تختر نبيا، فلتنتخب هتلر. هو المحامي منعم هتلر الجابري، الذي كان اسمه محط جدال في الحملة الانتخابية العراقية.

بعد انتشار صوره ولافتاته، اضطر الجابري إلى الإيضاح عبر صفحته على فيسبوك أن "هتلر مجرد اسم، وليس أسلوب حياة"، مستشهدا بسيرة والده الذي قاتل ضد الغزو الأميركي في العام 2003 رغم كبر سنه.

كل تلك الغرائب تدفع بالعراقيين إلى إيجاد حلول للنسيان، "حتى لو اضطر الأمر للجوء إلى شرب الكحول" كما يقول عامر (35 عاما) أحد سكان بغداد.

لكن هؤلاء "العرقجية" أيضا، لم يسلموا من دعوات الناخبين، وخصوصا رئيس قائمة "تمدن" النائب المرشح فائق الشيخ علي الذي لم يجد دعما كافيا له في الانتخابات الحالية، فقرر تعبئة شاربي الكحول.

قال الشيخ علي في مؤتمر صحافي في الدائرة الإعلامية لمجلس النواب الأسبوع الماضي "أرجو ألا تبتسموا، أتوجه إلى الشرّابة في العراق، العرقجية (الذي يشربون العرق) (...) من الذي وقف معكم في مجلس النواب؟ فائق الشيخ علي. المطلوب منكم اليوم أن تقفوا معي كما وقفت معكم".

ما خفي أعظم

هذا ما يظهر في العراق اليوم، وربما ما خفي أعظم. فداخل أحد استديوهات التصوير الفوتوغرافي في جنوب العراق، يخبر صاحب المتجر أن المرشحين يأتون إليه بطلبات غريبة.

ويقول "البعض يأتي إلي ببزة رياضية، ويقول لي، أريد أن أتصور، وأريد منك أن تلبسني بزة رسمية بالفوتوشوب. وكل ما أطلبه منهم، هو أن يبقوا فقط بقميصهم الداخلي، وأحتفظ بتلك الصور".

ورغم ذلك، يؤكد الممثل الكوميدي العراقي أحمد وحيد لوكالة فرانس برس أن "كل ما نشاهده من سوء ليس بسبب السياسيين بل بسبب المواطنين". ويختصر الصورة العامة بالقول إن "خيارات الناس هذه تلك القوائم التي يشتمونها 24 ساعة يوميا، وينتخبونها".