نصر المجالي: في سابقة غير معهودة، اعتذرت حكومة المملكة المتحدة رسميا عن دورها في اساءة معاملة المقاتل (الاسلامي) والمعارض السابق لنظام القذافي، ولمساهمتها في خطفه 2004 ونقلته إلى ليبيا حيث تعرض للتعذيب.

وقالت رئيسة الوزراء تيريزا ماي في الرسالة الموجهة الى بلحاج وزوجته فاطمة، اليوم الخميس: "نيابة عن حكومة صاحبة الجلالة، أعتذر منكما بلا تحفظ". في رسالة تلاها المدعي العام جيريمي رايت أمام البرلمان.

واقرت تيريزا ماي ان "أفعال حكومة المملكة المتحدة ساهمت في اعتقالكما وتسليمكما ومعاناتكما". ويقيم بلحاج حاليا مع عائلته في تركيا.

وقال المدعي العام البريطاني جيريمي رايت إن الحكومة توصلت إلى تسوية كاملة ونهائية خارج إطار المحكمة مع عبد الحكيم بلحاج وزوجته فاطمة بودشار، حول دور المملكة المتحدة في اختطافهما".

تعويض

وقال رايت إن الحكومة دفعت تعويضا قدره نصف مليون جنيه إسترليني لزوجة بلحاج، على خلفية الأضرار التي تعرضت لها بعد اختطاف زوجها وتعرضه للتعذيب على يد نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، لكنها لن تدفع شيئا لزوجها الذي لم يطلب تعويضا ماليا في اطار اتفاق إنهاء الملاحقات القضائية التي بدأها الزوجان.

وبعد 7 سنوات قضاها بلحاج خلف قضبان السجن الانفرادي، توسطت قيادات إسلامية للإفراج عنه وعلى رأسهم الشيخ علي الصلابي أحد قيادات الإخوان المسلمين في ليبيا ويوسف القرضاوي بعد "مراجعات فكرية" أجروها معه، حيث أفرج عنه مع 214 من سجناء بوسليم في بادرة غير مسبوقة في تاريخ القذافي.

وبعد الإفراج عنه ألف بلحاج كتاب "دراسات تصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناس" يقع في 414 صفحة.

اتهام

وكان بلحاج المقاتل الاسلامي السابق الذي تولى منصب القائد العسكري لطرابلس بعد الاطاحة بنظام معمر القذافي في 2011، اتهم الحكومة البريطانية بتزويد المخابرات الاميركية بالمعلومات التي اتاحت توقيفه في تايلاند ثم تسليمه لسلطات طرابلس.

وتضمنت الوثائق التي حصلت عليها منظمة هيومن رايتس واتش من أرشيف الاستخبارات الليبية تفاصيل عن الاعتقال السري لبلحاج في 2004، وتضمنت مذكرة لـ"سي آي إيه" موجهة إلى السلطات الليبية تفاصيل حول رحلة "عبدالله الصديق" وهو الإسم الحركي وقتها لعبدالحكيم بلحاج وزوجته الحامل من كوالالمبور إلى بانكوك، حيث قالت الولايات المتحدة إنها "ستسيطر" على الزوجين وتسلمهما.

وتم توقيفه هو وزوجته واحتجزا في بانكوك من عناصر المخابرات الاميركية في 2004، وكان حينها يقود "الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة" التي كانت تحارب القذافي.

ترحيل

وتم ترحيل الزوجين الى طرابلس حيث تعرض بلحاج للتعذيب والسجن لستة اشهر، وأشارت سجلات من ارشيف نظام القذافي الى انه القي القبض عليه بفضل معلومات من البريطانيين وذلك بعد طلب بلا جدوى للجوء في المملكة المتحدة.

وبعد ثورة 2011 في ليبيا عين بلحاج رئيس "المجلس العسكري لطرابلس" قبل ان يؤسس حزبه (الوطن) الذي لم يفز باي مقعد في الانتخابات التشريعية في 2012 ولا في انتخابات 2014. وبين 2012 و2014 اسس قناة تلفزيون اسلامية وهو يعيش اليوم في اسطنبول.

يشار الى ان سامي السعدي وهو معارض ليبي آخر نقل عنوة في 2004 مع زوجته وأطفالهما الاربعة من هونغ كونغ الى ليبيا، حصل على 2,2 مليون جنيه (2,8 مليون يورو) من الحكومة البريطانية التي اتهمها بالمشاركة في القبض عليه وتسليمه للسلطات الليبية.

جاك سترو

وكان بلحاج قد قرر مع زوجته في 2012، رفع دعوى قضائية ضد الحكومة البريطانية، متمثلة في وزير الخارجية الأسبق جاك سترو، والمسؤول السابق في وكالة الاستخبارات البريطانية مارك آلن، بتهمة التواطؤ في اختطافهما واحتجازهما وتسليمهما إلى ليبيا عام 2004.

وأشار الزوجان في نص القضية إلى "المحنة المروعة التي عانياها"جراء الموقف البريطاني، وتسليمهما إلى ليبيا في عهد القذافي الذي كان يعارضه بلحاج

وبعد الاختطاف تم حبس زوجة “بلحاج” ـ وكانت حاملا حينذاك ـ حتى يونيو 2004، حيث تم الإفراج عنها قبيل أيام من ولادتها لطفلها، فيما لم يتم الإفراج عن بلحاج إلا في مارس 2010، قبل 18 شهرا فقط من سقوط نظام القذافي.

روابط لتقارير سابقة لـ(إيلاف) عن قضية عبدالحكيم بلحاج: 
http://elaph.com/Web/News/2014/10/953922.html?entry=UK
http://elaph.com/Web/News/2014/12/965639.html
http://elaph.com/Web/News/2017/1/1129592.html