إيلاف من الرياض: حصلت المواجهة الإيرانية - الإسرائيلية الأولى منذ أيام في الجولان، فكانت أشبه بـ "بروفة" حرب يتحدث الجميع عنها في هذه الأيام، خصوصًا بعدما تمكنت إيران من تثبيت أقدامها في الميدان السوري، قريبًا من حدود إسرائيل.

قبيل المواجهة التي حصلت، كانت «إيلاف» قد طرحت في سؤال استفتائها الأسبوعي: "هل ترى حربًا على الأبواب بين إسرائيل وإيران؟". رأى 40 في المئة من المشاركين (773 صوتًا) في الاستفتاء أن الحرب آتية قريبًا، بينما استبعدها 60 (1155 صوتًا) في المئة.

لا مفر من الاعتراف بأن التوتر الأخير متصل بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني. ففي الأخبار الأخيرة، أكد العميد كيوميرث حيدري، قائد القوات البرية للجيش الإيراني، أن تعامل الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الاتفاق النووي لن يكون له التأثير المطلوب الذي تتمناه إسرائيل، معتبرًا أن خروج واشنطن من الاتفاق النووي المبرم مع بلاده سيسرع من إزالة "هذا الكيان الغاصب"، كما نقلت عنه وكالة "تسنيم" الإيرانية للأنباء.

أضافت الوكالة أن حيدري ذكّر بالوعد الإيراني الشعير بأن إسرائيل لن تعمر أكثر من 25 سنة مقبلة، ونسبت إليه قوله: "وضعنا تقويمًا للقوات البرية للجيش الإيراني مبنيًا على إزالة هذا الكيان الغاصب".

على أشده

يقول مايكل هيرتسوغ في مقالة نشرها موقع معهد واشنطن أن الأنظار تركزت في الآونة الأخيرة في إسرائيل على الخطط الإيرانية لإنشاء منطقة نفوذ تمتدّ من حدود إيران إلى المتوسّط، وخطّة تعزيز جبهة عسكريّة ضد سوريا ولبنان. فوفقًا للمخابرات الإسرائيليّة، خطط التّحصّن في سورية وتعزيز جبهة عسكريّة ضدّ إسرائيل تتضمّن معاقلَ عسكريّة طويلة الأمد، وجيشًا بالوكالة إضافة إلى إنشاء منشآت عسكريّة صناعيّة لإنتاج صواريخ دقيقة في سورية ولبنان.

يضيف: "يركّز القلق الخاص الأوّل على محاولة إيران إقامة ممرّ أرضي في وسط الشرق الأوسط - أيّ من إيران مرورًا بالعراق وسورية ووصولًا إلى البحر الأبيض المتوسّط - مع يد واحدة تواجه إسرائيل في جنوب سورية ويد أخرى تمتدّ نحو مناطق الخليج المأهولة بالسّكان الشّيعة. ويعتبر هذا الممر وسيلة نحو إقامة منطقة متاخمة للنفوذ الإيراني المباشر في بلاد ما بين النّهرين والشّام، استنادًا إلى زيادة تعزيز التّأثير الإيراني الكبير على حكومات العراق وسورية ولبنان، ووجود قوّات كبيرة بالوكالة، وركائز عسكريّة إيرانيّة في جميع أنحاء المنطقة، وتّغيّرات ديمغرافيّة على الأرض".

كل هذه الشواهد تساند رأي من يقربون الحرب، خصوصًا أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو قال سابقًا أن إيران تعمل لتحويل سورية إلى قاعدة عسكرية تتمركز فيها بغية "استخدام سورية ولبنان جبهات حرب لإزالة إسرائيل من الوجود"، مؤكدًا أن طهران تبني مصانع لإنتاج صواريخ دقيقة في البلدين، وهذا الأمر لن تسمح به إسرائيل.

كما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان ايضًا أن إيران تستمر في محاولاتها تهريب أسلحة إلى لبنان، "وإسرائيل مصممة على التصدي لجميع المخاطر التي تهدد أمن مواطنيها، وإيران تحاول عبر حرسها الثوري خلق واقع جديد حول إسرائيل من طريق إقامة قواعد بحرية وجوية إيرانية في سورية والإشراف على الآلاف من الميليشيات والمرتزقة".

وهددت إسرائيل بوقف العمل باتفاقية "منطقة وقف التصعيد" في جنوب سورية بين الولايات المتحدة والأردن وروسيا، وتشمل محافظات درعا والقنيطرة والسويداء، إذا لم تتوقف طهران عن توسيع نفوذها في سورية.

نحو التهدئة

في المقابل، يبدو أن البلدين يسعيان إلى خفض التوتر بينهما في الميدان السوري، إلى جانب السعي الروسي إلى ذلك. ففي مؤتمر صحافي عقده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو، قال أن بلاده حذرت الأطراف كلها من مغبة القيام بأي عمل يشكل استفزازًا. كما اعتبر الخبير الجيوسياسي الروسي فيودور لوكيانوف أن روسيا قادرة على لعب دور أساسي في ذلك، "فبامكان موسكو في هذا الإطار استخدام علاقات الثقة التي تقيمها مع إسرائيل وإيران لمساعدتهما على التواصل وتجنب المواجهة لحدود معينة، وإذا كانت روسيا تعتبر هواجس إسرائيل الأمنية مشروعة، فإنها تعتبر أيضًا أن إيران شريك لا غنى عنه في ملفات عدة، خصوصًا الملف السوري".

أضاف لوكالة الصحافة الفرنسية: "في حال عملت اسرائيل على التصدي للدور الروسي المهيمن في سورية، فإن موسكو لا بد من أن تتخذ موقفًا ازاء هذا الأمر. إلا أن احتمال حدوث ذلك يبقى ضعيفًا، لأن إسرائيل تعرف أن روسيا هي من يضع شروط اللعبة في سورية".

من ناحيتها، أكدت إيران مرارًا أن من أمطر المواقع الإسرائيلية في الجولان بالصواريخ كانت النظام السوري، متنصلة من استهداف إسرائيل، في رسالة سياسية واضحة مفادها أنها لا تسعى إلى رفع منسوب التوتر في الشرق الأوسط. وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني في محادثة هاتفية مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن إيران لا تريد توترات جديدة في المنطقة.

أضاف روحاني، بحسب الموقع الإلكتروني للرئاسة الإيرانية: "عملت إيران على الدوام على خفض التوترات في المنطقة، في محاولة لتعزيز الأمن والاستقرار، وإيران لا تريد توترات جديدة في المنطقة".

إلى ذلك، ورد على لسان أكثر من مسؤول إسرائيلي أن إسرائيل تسعى إلى احتواء الموقف تجنبًا لأي صراع إقليمي مدمر، خصوصًا بعد تحقيق حزب الله، ذراع إيران في المنطقة، من تحقيق مكاسب سياسية في الانتخابات النيابية اللبنانية، لأن اي حرب آتية ستكون شاملة، ولن تقتصر على الحدود مع سورية.